القلعة نيوز-شدد مدير المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن الأب د. رفعت بدر، على أن وسائل الإعلام اليوم مدعوّة إلى خلق أجواء أكثر مودة وتفاؤلاً وحوارًا وإيجابية، داعيًا الى تبني دولي لشرعة اخلاقية شاملة للتواصل الاجتماعي. وذلك بهدف إطفاء ’لغة الذئب‘ عبر هذه المنصات، والاستعاضة بدلا منها بـ’لغة القديس فرنسيس‘، القائل: اللهم إجعلني أداة لسلامك".
جاء ذلك في مداخلته ضمن أعمال المؤتمر الدولي الذي عقده مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات (كايسييد)، في العاصمة النمساوية فيينا، على مدار يومين حول "دور الدين والإعلام والسياسات في مناهضة خطاب الكراهية وتعزيز التعايش السلمي".
وشارك وفد اردني من الإعلاميين ورجال الاختصاص في المؤتمر، وهم الاستاذ سمير الحياري رئيس تحرير وكالة عمون، والدكتور عامر بني عامر مدير مركز راصد، والشيخ د.عمر الروسان من دائرة الافتاء الأردنية والأب غازي خوري كاهن رعية الموارنة في الاردن.
وبالتزامن مع الاحتفال بمرور 800 عام على لقاء القديس فرنسيس والسلطان العادل الأيوبي، سرد الأب بدر في مداخلته قصة القديس فرنسيس وترويضة للذئب. وقال: "في يوم من الأيام، روّض القديس فرنسيس الذئب المفترس الذي كان يخيف أبناء بلدة(Giobe)وقال له: أيها الذئب اهدأ، وسأجعل أبناء القرية يقدمون لك الطعام. لكن لا تبغضهم ولا تكرههم ولا تحتقرهم ولا تخيفهم ولا تدخل الرعب إلى نفوس أبنائهم. فما كان من الذئب إلا أن مدّ يده وصافح فرنسيس، وصارت الهدنة وحل السلام".
وأضاف: "الذئب موجود اليوم في وسائل التواصل الاجتماعي، وهو تحقيق لما قاله أحدهم يومًا في العصر الروماني: الإنسان ذئب لأخيه الانسان. وفي كل مرة تحاول وسائل التواصل أن تبثّ روح الفرقة والخصام والكراهية ونبذ الآخر واحتقاره والنيل من شخصيته وأهله وكرامته الإنسانية، نسمح للذئب بالعواء وأحيانًا بالافتراس. إنّ الروح الذئبية الموجودة في السوشال ميديا، هي شعور بالكراهية، وبالرغبة في احتقار الآخر، وفي تجريحه وتجريمه وتكفيره، وقد تتحوّل من مجرّد شعور في صدر الإنسان إلى عمل عنيف، لذلك يُطلق اليوم في العمليات الإرهابية التي يرتكبها فرد لا ينتمي إلى تنظيم: انه ذئب منفرد".
وتابع في مداخلته: "إن الذئاب موجودة، وأمثلة الخير كذلك موجودة، ونريد من وسائل التواصل أن ترفق بنا، فلا نركز على "كمية" الأخبار اليومية بل على نوعيتها. فمن ذئبية التويتات والبوستات إلى إنسانيتها.
وقد شارك عدد من الرسميين في اجتماعات فيينا ومنهم الامين العام لمركز كايسيد معالي الاستاذ فيصل بن معمر، ورئيس دائرة الحوار الديني في الفاتيكان الكاردينا ميجيل ايوزو، ورئيس جمهورية النمسا السابق هينز فيشر و مئتا شخص من كبار رجال الدين من مختلف الاديان.
وتساءل الاب بدر في كلمته اثناء جلسة خاصة حول دور الاعلام الحديث ازاء خطاب الكراهية : هل سيذكرنا العالم بعد ثمانية قرون بأننا اجتمعنا في قاعة في فيينا، مثلما تذكر القديس فرنسيس في لقائه مع الملك العادل ؟ نأمل ذلك، ولكن التاريخ لن يرحمنا إذا كنا لامبالين تجاه آلام الناس، وتجاه استخدام وسائل التواصل لما ينتهك الكرامة الإنسانية.
وشدد الأب بدر إلى أننا "بحاجة إلى تثقيف إعلامي، بأن الرسالة الإعلامية ليست أن تقول ما تفكر به، وما تفرزه من غرائز. فالأداة الإعلامية هي صاحبة رسالة، وعلينا أن نعتني بأمرين: الأول تدريب على مهنية إعلامية خلاقة وبناءّة، والثانية التنشئة على أخلاقيات استخدام هذه الرسائل لما يفيد البنيان وحضارة المحبة وثقافة اللقاء"، متطرقًا لدور المركز الكاثوليكي في هذا المجال، حيث نظم قبل أيام ورشتي عمل حول لتوجيه الشباب الجامعي على حُسن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، كما وإطلاقه "مدوّنة الإعلام الأخلاقية"، في أيار الماضي بالتعاون مع منصة الحوار والتعاون بين القيادات الدينية في العالم العربي ومجلس بطاركة الشرق الكاثوليك.
وخلص مدير المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن مداخلته بالدعوة لإنشاء هيئة فكرية ودينية إسلامية ومسيحية مشتركة تعمل على "إطفاء الحرائق" في أوقات الشدّة وخطابات الكراهية، أو إنشاء فضائية موحّدة، إسلامية ومسيحية، من شأنها أن تزيح ستار الجهل، وأن تعرّف الواحد بالآخر معرفة صحية وصحيحة وبانية، ذلك ان خطاب الكراهية هو اولا واخرا خطاب الجهل وعدم معرفة الاخر على حقيقته.