القلعة نيوز: ايمان عكور
قبل حوالي شهر واثناء زيارة جلالة الملك إلى مدينتي، اربد عروس الشمال ، وفي طريق عودته توقف ونزل من سيارته ووقف مع بائعي البسطات على الطريق..
صافحهم.. اشترى منهم بعض الفواكه والخضار
تكلم معهم لدقائق بسيطة كانت عبارة عن دفقة أمل وحياة لهم..
عادوا لبيوتهم ذلك اليوم.. وهم يعيشون أجمل الأحلام.. حتى وإن تلاشت عند أول صياح للديك عند الفجر يذكرهم بضرورة الإسراع إلى ( الحسبة) كي ينتقوا خضارهم ويفترشوا الارض في احد زوايا الشارع علهم يعودون لاطفالهم بوجبة عشاء ساخنة..!
جلالته لم يغضب يومها لأن منظر الشارع كان غير حضارياً..
لم يطلب من مرافقيه ان يزيلوا تلك البسطات المتناثرة لانها تشوه المنظر العام..
لم يصدر قانونا بتدمير احلام لشباب، هذه البسطات هي جنتهم التي يقطفون منهما الثمر كل يوم..!
المشهد نفسه تكرر أمس، بعد شهر
وشتان ما بين المشهدين..!
مراقب بلدية اربد الذي يريد ان يظهر انه حريص على تنفيذ التعليمات والقوانين، ينقض على احد الشباب، أنس، ويسلبه مستقبله
يسرق منه البسطة..
يصادر حلمه المكون من بندورة وبطاطا وتفاح وبرتقال ومانجا..ويترك أنس حطاماً
عاد أنس أمس لاطفاله بيدين فارغة، وقلب مكسور، وحلم مثقوب
كان قد وعدهم بساندويشات شاورما
وظلوا ينتظرون عودته، ورائحة الشاورما تملأ انفهم..
لكنه عاد.. بلا شاورما
عاد بحلم مكسور..
يابا.. وعدتنا اليوم بشاورما..!!
ما اكلنا شي طول النهار بانتظار الساندويش
ونزلت دموعهم.. خرساء
وبكى قلبه وجعا على وجعهم..
لم يستطع ان ينظر إلى وجوههم..
قال: لا أستحق ان اكون أبا.. خذلتكم
نام اطفاله.. على معدة خاوية الا من بقايا حلم
قالوا له.. معلش يابا، بكرا بتجيبلنا الشاورما
ولم يعلموا أن هذه الليلة هي الليلة الاخيرة لهم مع والدهم..!
ظل أنس يتقلب .. وظل شبح المراقب الذي طارده على مدى شهر كامل من شارع إلى اخر، يسرق منه رزقه بحجة انه مخالف للتعليمات.. مما كبده خسائر مالية لم يستطع سدادها، كما لم يستطع اسعاد اطفاله.. ولو بساندويشة.!
قهر.. وجع.. خيبة..خوف..كانت حصيلة اليوم
وفي لحظة استسلام
ربط أنس الحبل حول رقبته
اغمض عينيه كي لا يرى اي من وجوه اطفاله الصغار..
وساد بعدها ظلاااام..!
أنس.. هو مقدمة لأكثر من مشروع مثله
أنس.. اختصر قهر الحياة واختار الرحيل الموجع..
أنس.. يمثل كل شاب أردني سدت في وجهه كل الابواب.. هو الحلم الذي يتكسر يوميا بسبب مراقب على عدة اشكال..!
بسبب قوانين ذل لا تطبق الا على الضعفاء
بسبب فاسدين يسرقون خيرات الوطن
في حين يقبع المسكين خلف القضبان بسبب 100 دينار..
مدينتي الجميلة.. تقتل ابنائها
فساد مؤسساتها وجبروت مسؤوليها وخاصة بلديتها ، ولي معها تجربة وأعلم كيف يبطش الموظفين بالمساكين من عمال الوطن والباعة..ولا يحرك احدا ساكنا، الا وعود كاذبة. .
شوارعها مقرفة.. جبايات حدث بلا حرج
ارصفة بلا تنظيم.. مشاريع بلا تخطيط
أعيدوا لي مدينتي عندما كنت طفلة
كانت نظيفة.. نقية.. دافئة
لا مكان فيها لفاسد..!
اليوم، وطني تحول اكمله إلى مسرح فساد
المسؤول يعمي بصره عن السرقات الكبيرة ويقبض الثمن..
يحاكم مهرب لكروزين دخان
ويتستر على مهربي المخدرات وناشري الرذيلة
اتقوا الله في هذا الشعب الجائع
تريدونه ان يشحد.. هو فعلا تحول إلى شحاد يستجدي اللقمة والحليب والعلاج
أو يختبىء من ضوء النهار كي لا يطبق عليه التنفيذ القضائي بسبب قرض او دين
كل الشعب اصبح مديون...
فيا حكومة النهضة..
يكفي كلاما.. ووعودا جوفاء
هناك مليون أنس ينتحر في اليوم الف مرة
وهناك مليون أنس قد يمر بلحظة القهر تلك
ويصبح مجرد جثة ستبقى معلقة امامكم، حتى في منامكم ريثما تستيقظ ضمائركم وتتوقفوا عن مصادرة احلام المواطن..!