مع دنو العمليات العسكرية في سوريا ، و قبلها في العراق ، من الانتهاء ، نستذكر رجوع الافغان العرب الى بلادهم و تداعيات ذلك على الحالة الامنية لتلك الدول و ما تلاها من تعقيدات. و الى حد ما ايضا نسترجع ذكريات حرب العراق الاولى (مع ايران) و عودة "المتطوعين" ، مع اختلاف الايدولوجيات بين المجموعتين .
من المؤكد ان الاجهزة الامنية ، و في طليعتها المخابرات العامة ، قد اعدت الخطط الامنية اللازمة للتعامل مع عودة مئات او قد يكون الاف من الاردنيين الذين انخرطوا في داعش و ما شابهها من مجموعات بعد انتهاء وجودهم في سوريا و العراق او حتى ليبيا و غيرها من مناطق التوتر (و بعضهم قد عاد فعلا) . نثق في الخبرة و القدرة العالية للقادة الامنيين في التعامل الصحيح مع الوضع و تداعياته بشكل مخطط و سلس لا يحدث بلبلة في المجمتع و لا يؤرق امنه . و لكن السؤال هو ما الذي اعدته مؤسسات الدولة الاخرى للتعامل مع الحدث و الحد من اثاره السلبية المحتملة ؟
في العقود الاخيرة قمنا بتعطيل الفكر المنفتح و اصبح الخطاب الاسلامي اليومي، للمسلمين و غير المسلمين ، غير فاعل. نكرر دوماً انه بخلاف الديانات الاخرى فان الاسلام ليس فيه رجال دين بل علماء ، و لكن كيف وظفنا ذلك ؟ واقعنا الدعوي و الارشادي و التربوي و الاعلامي لا زال يعيش في الماضي . لا زلنا نردد ان التطرف دخيل علينا و ليس من اخلاقنا او قيمنا في شيء. و لكن المتمعن في خطابنا اليومي لا يرى غير عناوين و عبارات متكررة ليس لها على ارض الواقع مصداقية حقيقية .
نحن لا نخاطب شبابنا بعقلانية و لا بواقعية تكسب ثقته و احترامه . لم نجتهد حتى نعرف كيف نطبق مبادىء الدين الحنيف و قيمه في زمننا هذا حتى اصبحنا خارج العصر. لا نقدر على مخاطبة الداخل او الخارج الا بلغة خشبية عمادها التاريخ وحده من غير القدرة على تفعيل ذلك بشكل حضاري معاصر.
علينا ادراك ، و بسرعة ، مكنون فلسفتنا الدينية و الوطنية و الحضارية ، بطريقة تقنع الاجيال الشابة قبل ان تستفرد بها موجات الرجوع المضللة ، كما فعلت ، في وقتها ، شراذم الافغان العرب. التاريخ يعيد نفسه فقط عندما لا نتعلم منه .