شريط الأخبار
رئيس النواب يفتتح ورشة ضمن مشروع "شباب أردني فاعل" ولي العهد يحاور شبابًا في المفرق ولي العهد .. حديث رياضي يطرب القلوب ورسائل مهمة تحظى بتفاعل شعبي واسع وزير الزراعة يبحث ومسؤولا دولياالاستدامة البيئية وتعزيز الأمن الغذائي "الصحة النيابية" و"الغذاء والدواء" تطلعان على منشآت بمدينة السلط الصناعية سوريا توقع اتفاقا بـ 7 مليارات دولار لتوليد الكهرباء بعثة الأردن الدائمة لدى الأمم المتحدة بجنيف تحتفل بعيد الاستقلال السفير الأوزبكي يقدم أوراق اعتماده إلى أمين عام وزارة الخارجية الأردنية تربية الزرقاء الثانية تحتفل بعيد الاستقلال التاسع والسبعين الدائن والمدين والمجتمع والاقتصاد. . "الضريبة" تؤكد أهمية مشاركة القطاع الخاص في تطوير نظام الفوترة الوطني غوتيريش يضع إكليلاً من الزهور تكريماً لأرواح 68 أردنياً من حفظة السلام وزير العمل يفتتح المرحلة الأولى لمعهد تدريب مهني البادية الشمالية الشرقية بالتزامن مع احتفالات المملكة بعيد الاستقلال: افتتاح مركز دفاع مدني العقبة المتخصص وفداً من الكونغرس الأمريكي يزور البترا . الأمن العام : إلقاء القبض على شخصين عرضا وباعا تذاكر لمباراة الأردن والعراق في السوق السوداء العيسوي يفتتح مصنع مخبوزات وحلويات عربية في معان ضمن مبادرة الفروع الإنتاجية وزير العمل يبحث توسعة احد الفروع الإنتاجية في جرش إقرار تعليمات العمل المرن وأسس زيادة الإعالة للمتقاعدة المطلقة والتقارير المالية لاستثمار أموال الضمان "أطباء من أجل القدس" تلتقي الهيئة الخيرية الهاشمية لتعزيز العمل الإغاثي

الأسير ناصر أبو حميد.. مرافعة إنسانية تُربك غطرسة الجلاد

الأسير ناصر أبو حميد.. مرافعة إنسانية تُربك غطرسة الجلاد

القلعة نيوز :

ربما لن يتمكّن «بروفايل» قصير القامة بعدد كلماته، أن يسرد سيرة غنية، ويطل على شخصية ذات تجربة نضالية فريدة، لكننا آثرنا أن نحفر بعمق، في تاريخ شخصية قيادية للحركة الفلسطينية الأسيرة، للعثور على ما تكتنزه من تجارب، والوقوف على مستوى غناها.

عشرات آلاف الفلسطينيين خاضوا تجربة الاعتقال، ولكن سيلاً من التفاصيل المعبّرة عن وجع ناصر أبو حميد «الأسير الإنسان» من مخيم الأمعري قرب رام الله، ربما تعبّر عن همومه «الصغيرة» التي كادت أن تغرق في بحر الحديث عن التضحية والبطولة، في حين لم تدع مساحة للحديث عن الألم والضعف والشوق، رغم أن هذه المفردات هي الحجج الأقوى في «المرافعة الإنسانية» بعيدة المدى أمام جبروت الجلاد.

اعتقل أبو حميد لأول مرة قبل أن يكمل عامه الـ13، لكن هذا لم يثنه عن مشواره النضالي، فتكرر اعتقاله خلال الإنتفاضة الأولى، آخرها بعد مطاردة طويلة العام 1990، وحملت شعار «ناصر أبو حميد.. المطلوب حيّاً أو ميتاً» وفي خضم إنتفاضة الأقصى العام 2000، أسس مع ثلة من رفاقه كتاب شهداء الأقصى، ليعاد اعتقاله إبّان الإجتياح الإسرائيلي الشهير للمدن الفلسطينية العام 2002، ويقضي حكماً مؤبداً.

ولأن الاحتلال الآثم، يأبى إلا أن يُمعن ويتمادى في غيّه وغطرسته، واستعلائه المقيت، فلا يترك من شروره وآثامه وسوءاته، صغيرة ولا كبيرة، إلا ويمارسها، فإن هذا السلوك المُشين، تجلّى بكل الحقد والكراهية، ضد الأسير أبو حميد، تعذيباً وعزلاً، لكنهم لم ينالوا من عزيمته أو معنوياته، وهو المعروف لديهم بصلابته.

مع دخوله عامه الـ50 في هذه الأيام، يبرز مع الأسير ناصر أبو حميد، الوجه الآخر للبطولة، وهو يضع يداه على المواطن المؤلمة من ثمنها الباهظ جداً، إذ طرأ تدهور جديد على وضعه الصحي، فيعاني ارتفاعاً في الحرارة، ناهيك عن الآلام القاسية الناتجة عن إصابته بالسرطان، ليقدم من سجنه حديثاً مختلفاً، يعدّ بمثابة كشف حساب إنساني، بعد محاولات متكررة لقتل الروح والجسد.

لك أن تسأل ناصر: كيف أمضيت كل هذه السنوات خلف القضبان؟.. ألم تشعر بطول المدة؟.. وكيف تعايشت مع سجانك؟.. وكيف لك بهذا الصمود الأسطوري؟.. فيض من الأسئلة المشروعة، التي يواجهها أبو حميد، لكنها سرعان ما تتبخر وتتوارى لمجرد أن تعرف أن ناصر من عائلة أدمنت النضال، ضمّت شقيقه عبد المنعم شهيداً، وإخوانه الأربعة نصر وشريف ومحمـد وإسلام رهن الإنتظار المؤبد لمعانقة الحرية.

والحرية ليست كلمة جوفاء في حياة أبو حميد، ما دام رهين أصفاده، وهي ليست شعاراً ولا تعبيراً خاوي المضمون، إنها حالة إنسانية تُعاش، تُلمس، وتُستنشق.. وطالما هناك المئات من رفاق ناصر أسرى لدى الاحتلال، فلن نستطيع القول أن هناك حرية.

يرتكز صمود أبو حميد على شيئين: أولهما تجدد القناعة اليومية بصدق وعدالة ما قام به من فعل وطني، وعدم الندم عليه، إضافة إلى الإعداد اليومي للحظة التحرير مهما طالت مدة اعتقاله، وثانيهما عدم الانفصال أو التساوق مع هذا الفصل القسري عن نبض الحياة اليومية خارج السجن، فيقاوم محاولات التحطيم المعنوي الذي يتعرض له عبر متابعة الأحداث اليومية، أكان من خلال الصحف أو الراديو أو التلفزيون، أو عبر السؤال خلال الزيارات عن الأحوال العائلية، وكأنه يعيش في الخارج.

وليس هناك أغلى من الحرية بالنسبة لأبو حميد، الذي عاشت عائلته التشريد إبّان النكبة، إذ ينحدر من قرية السوافير الشمالية قضاء غزة، ويعدّ الخروج من واقع الأسر إلى عالم الحرية أمنيته التي لا زال يتمسك بأهدابها، وإذا نظرنا إلى التحرر بالمفهوم الشخصي الأُسري الصغير، فلن تجد كلمات يمكن أن تصف سعادة أبو حميد «المُحرّر» عندما يعود بعد طول غياب، إلى بيته الذي هدمه الاحتلال مرات ومرات، أو يعانق أمه «خنساء فلسطين» كما يحلو للفلسطينيين أن يسمّونها.

في انتظار حريته يبدو كل شيء معقّدا ومركّبا في تفاصيل الحياة اليومية لناصر، فالاحتلال يرفض الإفراج عنه أو إدراج اسمه ضمن أي صفقة لتبادل الأسرى، وما جرى خلال الصفقات الأخيرة، خير دليل على صحة هذا الكلام، إذ مورست وتمارس بحقه أساليب تعذيب نفسية، بناء على توصية من جهات تُسمّى زوراً «قضائية»، ولا تعير أي اهتمام، للقوانين والأعراف والمواثيق الدولية، التي تحرّم استخدام أساليب نفسية، خصوصاً ضد الأسرى المرضى كحال ناصر.

ولا يمكن بحال، حصر معاناة ناصر أبو حميد، دون التطرق لزنازين العزل الإنفرادي، التي استهدفت النيل من صموده، وهزّ عرش معنوياته، لكن هيهات أن تحقق مبتغاها.

ناصر أبو حميد دخل السجن بحالة صحية مثالية، لكنه سيخرج منه مثقلاً بالأمراض، وآثار التعذيب، ما يعني أنه لن يكون في مأمن حتى في حال تحرره، إذ يُنذر ما تعرض له من تعذيب قاس، والمصحوب بإهمال طبي متعمّد، عن ترجمة فعلية لاستهدافه أسيراً أو محرّراً، لا لشيء إلا لأنه كان في طليعة النضال الفلسطيني.