عرض رئيس اللجنة القانونية النيابية النائب المحامي عبدالمنعم العودات لنتائج عمل اللجنة وما توصلت إليه من صياغة لمشروع قانون الأحزاب للعام 2022 والذي ستسلمه اللجنة لرئاسة المجلس لتحديد موعد مناقشته من قبل المجلس. وقال العودات خلال مؤتمر صحفي اليوم الأربعاء، إن الإطار العام لمشروع القانون الذي ارتكزت فكرته ومعانيه وأبعاده على الإرادة السياسية العليا التي تبناها جلالة الملك عبدالله الثاني، بالتزامن مع إتمام الدولة مئة عام من تاريخها لتدخل إلى مئوية ثانية، وهي أكثر قوة وثباتا ورؤية واضحة المعالم لمشروع نهضوي شامل يقوم أساسا على المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار، وعلى تثبيت قواعد الديمقراطية الحقيقية التي يستحقها الشعب الأردني بجميع مكوناته الاجتماعية وفئاته العمرية، وفي مقدمتها الشباب بما يمثلونه من نسبة عالية في المجتمع، وبما تنبني عليهم من آمال وتطلعات نحو مستقبل واعد بالخير والنماء. وأوضح أن المبدأ الأساسي في هذا التوجه يقوم على تأطير العمل السياسي وممارسته من خلال العمل الحزبي، على نحو يضمن التأسيس لحياة حزبية وبرلمانية فاعلة ومؤثرة وقادرة على النهوض بمسيرتنا الديمقراطية وتوسيع قاعدة المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار، متجاوزين بذلك كل العراقيل التي حالت في الماضي دون تمكين الأحزاب السياسية من أخذ مكانتها في العمل السياسي الوطني، لتبدأ اليوم مرحلة جديدة في ظل بيئة سياسية أكثر انفتاحا وتعددية وأمنا لممارسة النشاط الحزبي السياسي. ولفت إلى أن اللجنة القانونية عقدت سلسلة لقاءات ومشاورات حول مشروعي قانوني الأحزاب والانتخاب، مع جميع الأحزاب السياسية الأردنية ومؤسسات المجتمع المدني والنقابات المهنية والقطاعات النسائية والشبابية والهيئة المستقلة للانتخاب والهيئات الاجتماعية والمتقاعدين العسكرين السابقين، على مدى شهرين متتالين، وشملت هذه المشاورات قانوني الأحزاب والانتخاب معا نظرا للترابط بينها في عملية تحديث المنظومة السياسية التي جرى التوافق عليهما من قبل اللجنة الملكية التي أوصت بها، وتقدمت بهما الحكومة إلى مجلس النواب، وبخصوص مشروع قانون الأحزاب الذي أنجزته اللجنة القانونية، ثم مشروع قانون الانتخاب الذي ستقره اللجنة قريبا.
وبين العودات أن اللجنة أخذت بعين الاعتبار أهمية تشخيص الواقع الحزبي في بلدنا منذ خمسينيات القرن الماضي، مرورا بمرحلة ما قبل وما بعد عودة الحياة البرلمانية عام 1989، وصدور أول قانون للأحزاب عام 1992، وقانون الانتخاب عام 1993 القائم على نظام الصوت الواحد، والذي أكدت القوى الوطنية أنه أبطل الغاية من تشكيل الأحزاب وحال دون وصولها إلى البرلمان، وشكل عقبة في تطور الحياة الحزبية والبرلمانية، الأمر الذي دفع إلى وضع معايير محددة في نصوص وروح مشروع القانون لضمان سلامة العمل الحزبي، وحمايته وتوفير عناصر القوة التي تجعله مصانا وفاعلا، والأهم من ذلك أنه أصبح خيارا وطنيا، يضمن انخراط المواطنين في العمل الحزبي لكي يشاركوا في صنع القرار، وصولا إلى حكومات برلمانية تسهم الأحزاب في تشكيلها أو المشاركة بها.
وأوضح العودات، أن مشروع القانون عرّف الحزب في المادة الثالثة منه بأنه تنظيم سياسي وطني يقوم على أهداف وبرامج ورؤى وأفكار مشتركة بهدف المشاركة في الحياة السياسية وخوض الانتخابات بأنواعها، بما فيها الانتخابات النيابية، وتشكيل الحكومات أو المشاركة فيها وفقا لأحكام المادة 35 من الدستور الأردني، منوها بأن هذه أول مرة يتم فيها تحديد الغاية من تشكيل الأحزاب لتحقيق هذا الهدف.
وأشار إلى أن مشروع القانون جاء لإزالة كل ما علق من تجارب سابقة أدت إلى العزوف عن العمل السياسي والانضمام للأحزاب، مبينا أن المشروع جاء ليؤكد مبدأ الحق الدستوري في تأسيس الأحزاب والانتساب إليها ، وعدم جواز التعرض لأي مواطن أو مساءلته أو محاسبته أو المساس بحقوقه الدستورية و القانونية بسبب انتمائه الحزبي، بما في ذلك حق طلبة مؤسسات التعليم العالي المنتسبين لأحزاب ممارسة جميع الأنشطة داخل حرم تلك المؤسسات، وتعريض كل من يعيق ممارستهم للنشاط الحزبي للمساءلة القانونية.
وبين أن من أهم المرتكزات لتشكيل الحزب القوي الفاعل، والتي أقرتها اللجنة في عملية تكوين الحزب هو أن لا يقل عدد المتقدمين لطلب تأسيس الحزب عن 300 عضو، وألا يقل عدد الأعضاء المؤسسين عند انعقاد المؤتمر التأسيسي للحزب عن ألف عضو يمثلون 6 محافظات على الأقل، وأن لا تقل نسبة تمثيل كل من الشباب والمرأة في السنة الأولى للتأسيس عن 10 بالمئة، وأن يلتزم الحزب برفع النسبة إلى 20 بالمئة على مدى ثلاث سنوات من تاريخ انعقاد المؤتمر التأسيسي.
ولضمان مشاركة وتمثيل جميع الشرائح الاجتماعية فقد حرص مشروع القانون أن يكون من بين المؤسسين واحد على الأقل من الأشخاص ذوي الإعاقة خاصة وأنهم أثبتوا على مر السنين قدرتهم على ممارسة الحياة الطبيعية وقدموا إسهامات كثيرة لا يمكن التقليل من أهميتها.
وأجرت اللجنة ببعض التعديلات من شأنها تسهيل الإجراءات التأسيسية للأحزاب، من بينها تخفيض نسبة حضور المؤتمر التأسيسي من نصف الأعضاء إلى الثلث، كما ضمن مشروع القانون الحياد التام لمؤسسات الدولة من خلال منع انخراط بعض الفئات الوظيفية في الأحزاب، واستثنت اللجنة موظفي الجمارك والقناصل الفخريين من قائمة الأشخاص المحظور عليهم ممارسة الحياة الحزبية.
ومن باب استبعاد أي ولاية حكومية على الأحزاب، فقد نص القانون الجديد استناداً إلى التعديلات الدستورية الأخيرة، أن الهيئة المستقلة للانتخاب هي الجهة المخولة بالنظر في طلبات تأسيس الأحزاب، ومتابعة شؤونها، وإنشاء سجل خاص بالأحزاب يتولى تسلُم طلبات التأسيس، ومراقبة مدى التزام الحزب بالشروط التي ينص عليها القانون .
ونص مشروع القانون أنه على الهيئة المستقلة أن تمنح الترخيص في حال عدم وجود مانع قانوني في غضون ثلاثين يوما، فإذا لم تفعل ذلك يعتبر الحزب قائماً وفقاً لأحكام هذا القانون.
و ضمن القانون عدم جواز حل الحزب إلا وفقا لنظامه الأساسي او بناء على قرار قضائي قطعي ، واعُتبر كذلك مقار الحزب ووثائقه ووسائل اتصاله مصونة ، ولا يجوز مداهمتها أو مصادرتها أو مراقبتها إلا بقرار قضائي وفقا لأحكام القانون .
كما وافقت اللجنة على النصوص المتعلقة بحق الحزب في إنشاء وتملك مراكز الدراسات المتخصصة، وإصدار المطبوعات، وامتلاك أي من وسائل الإعلام للتعبير عن مبادئه وآرائه ومواقفه .
وأقرت اللجنة القانونية كذلك النصوص الواردة بشأن المبادئ التي يلتزم بها الحزب في ممارسة أنشطته، ومنها الالتزام بأحكام الدستور واحترام سيادة القانون، والمحافظة على استقلال الوطن وأمنه، وصون الوحدة الوطنية، وعدم التفرقة بين المواطنين، والالتزام بأسس الديمقراطية واحترام التعددية السياسية في الفكر والرأي والتنظيم وفقاً لأحكام الستور.
وأقرت النصوص القانونية المتعلقة بالنظام الأساسي للحزب، ومن ضمنها أنه لا يجوز للأمين العام شغل هذا الموقع أكثر من دورتين متتاليتين، وعقد الحزب مؤتمره العام مرة كل أربع سنوات على الأقل، والتأكيد على حق المرأة والشباب في تولي المواقع القيادة في الحزب.
كما أقرت اللجنة حق الحزب التحالف مع غيره من الأحزاب بهدف خوض الانتخابات النيابية، كما سهل مشروع القانون عملية الاندماج بين الأحزاب بحث يتمتع الحزب الجديد الناجم عن عملية الاندماج بالشخصية الاعتبارية، ويعد الخلف القانوني للأحزاب المندمجة.
وختم العودات حديثه بالتأكيد ان قانون الانتخاب هو الأساس في تعبيد الطريق نحو ايجاد أحزاب فاعلة ومؤثرة على الساحة السياسية وصولا إلى برلمان قائم على كتل وتيارات حزبية وبرامجية تستطيع الأحزاب وقتها من المساهمة والمشاركة في تشكيل الحكومات.