"نحن مشغولون بالبقاء، هم يدقون طبول الحرب، نحن لا ندق إلا طبول الحب"، مقولة للشاعر والفقيه جلال الدين الرومي، آمن بها بطل هذه القصة، دافيدى ديبيترو، عامل صيد الأسماك الإيطالي الذي حولته الحرب إلى "منقذ" عندما تعرضت شريكة حياته للخطر بسبب الصراع الروسي الأوكراني.
ولم يفكر ديبيترو مرتين، وعلى الفور استقل حافلته من بلدة باكينو بصقلية، حيث يعيش، ليعبر نصف أوروبا، إيطاليا والنمسا وجمهورية التشيك ثم بولندا، حتى الحدود مع أوكرانيا، وفقاً لصحيفة "لا ريبوبليكا" الإيطالية.
سافر ديبيترو، 48 عاماً، عامل في شركة متخصصة في مقاطعة سيراكوزا بجزيرة صقلية الإيطالية 6 آلاف كيلومتر خلال 3 أيام ونصف مع زميل له، دون توقف، لإحضار ناتاليا، أخصائية العلاج الطبيعي، من العاصمة الأوكرانية كييف، وطفليها اللذين تتراوح أعمارهما بين 14 و11 عاماً، ليصل بهم جميعا إلى بر الأمان.
بمجرد أن بدأ القصف في كييف في الأيام الأخيرة، لجأت ناتاليا مع أطفالها إلى منزل أقاربهم على الحدود مع بولندا، لكن الوضع لم يكن آمناً على الإطلاق، ومن هنا قرر ديبيترو المخاطرة لإنقاذ شريكة حياته.
منذ عام تقريباً، كللت قصة حب ديبيترو وناتاليا بخطبة وقرار بالعيش في باكينو، إذ كان من المقرر وصولها إلى صقلية في 20 مارس الحالي، ولكن تغيرت الأمور تماماً عندما بدأ الصراع الروسي في البلاد.
وبمنشورات بالصور ومقاطع الفيديو عبر صفحته الشخصية على "فيسبوك" نشر ديبيترو تفاصيل رحلته من إيطاليا إلى أوكرانيا ووصوله إلى حبيبته لأخذها للعيش معه في صقلية.
وخلال رحلته، لم يتوقف ديبيترو حتى للنوم، إذ غادر بصحبة صديق له الإثنين 28 فبراير من صقلية، وفي الساعة 10 صباح 3 مارس وصل بالفعل لمدينة فيلا سان جيوفاني، لركوب العبارة إلى صقلية ومعه ناتاليا وطفليها.
ويبدو أن الرحلة الشاقة لم يمر بها ديبيترو وحده، إذ التقت ناتاليا بخطيبها مرة أخرى بعد وصولها إلى الحدود سيراً على الأقدام، قاطعة مسافة 4 كيلومترات مع أمتعة صغيرة والطفلين.
وبشجاعة كبيرة ورحلة طويلة مليئة بالصعاب، عاد ديبيترو إلى صقلية مع ناتاليا وطفليهما، برسالة مفاداها أن الحب أقوى من كل شيء ولا يعرف حدوداً.
(العين)