كشفت دار سوذبيز (تأسست عام 1744 في لندن) مؤخراً، عن بيعها لأول صورة على الإطلاق التقطت لمكة المكرّمة، وذلك مقابل مبلغ 250 ألف دولار أميركي، وهي من ضمن مقتنيات المستشرق الهولندي كريستيان سنوك هرخرونيه، الموظف حينذاك في القنصلية الهولندية بمدينة جدّة السعودية التي قضى بها عاماً ونصف العام من 1887 إلى 1888. ويظهر في الصورة الملتقطة بالأبيض والأسود، حجاجاً على الطريق المؤدي إلى المدينة المقدسة.
وأشارت الدّار في بيان لها إلى أن هرخرونيه كان أول باحث غربي يزور مكّة، والصورة التقطت عام 1880، وبعد عودته إلى هولندا، اشتهر في جميع أنحاء العالم باعتباره مستشرقاً بارزاً، مؤكدة أنها أول وأقدم صورة التقطت لمكة المكرمة والكعبة المشرفة، ولا توجد صورة أقدم منها.
بعد هذا البيان روت صحيفة «الديلي ميل» البريطانية في عددها الصادر يوم السبت 18 مايو الماضي، الحكاية الغريبة لصاحب أول صورة التُقِطت لمكة المكرمة بعد بيعها في مزاد علني، المستكشف الهولندي الشهير كريستيان سنوك هرخرونيه، وأثارت حوله الكثير من التساؤلات والشكوك، وقالت «الديلي ميل»: «كان سنوك هرخرونيه يمتلك خلفية أكاديمية في اللغة العربية والدراسات الإسلامية، فقد درس علم اللاهوت في جامعة ليدن، كما تعلم اللغة العربية وتخصص في الإسلام، ولهذا أرسلته الحكومة الهولندية عام 1887 كموظف في القنصلية الهولندية بجدة، ولم يكن موظفاً عادياً، بل شخص لديه مهمة سرّية سيقوم بها». تابعت الصحيفة: «لقد وضع هرخرونيه توثيق الحياة الاجتماعية في مكة المكرمة ومجموعة الصور في كتابين هما «مكة» و«صور من مكة».
وقالت الصحيفة: في طريق إنجاز مهمته، واجهت «هرخرونيه» مشكلة دخول مكة المكرمة مصاحباً لقوافل الحجاج، ولهذا زعم للسكان المحليين أنه اعتنق الإسلام، وساعدته على ذلك دراسته للإسلام، ونجحت خطته فأصبح أول عالم غربي يمنح التصريح لدخول مكة والتنقل والتقاط الصور، ومن بينها الصورة الشهيرة للكعبة المشرفة، التي التقطها عام 1888م. وأضافت: يعد «هرخرونيه» شخصية تاريخية معقدة، فهو حسب الكثيرين لا ينكر أبداً أنه متعاطف مع الإسلام، ومع ذلك لم يتردد في استغلال معرفته بالإسلام وحياة المسلمين لخدمة مصالح بلاده واحتلال هولندا إقليم آتشيه في إندونيسيا.
في المقابل نشر موقع شبكة «سي إن إن» الأميركية في 20 مايو الماضي ما قال إنها أول صورة التقطت لمدينة مكة المكرمة قبل نحو 100 عام، والتي كانت على يد الجنرال المصري محمد صادق باي، الذي تدرب على التصوير ورسم الخرائط الجغرافية في فرنسا، والتقط أول صورة للمدينة المنورة عام 1861، ثم عاد إلى الحجاز عام 1880 بوصفه أمين خزانة قافلة المحمل المصري، والتقط في تلك الفترة العديد من الصور لمكة والطواف حول الكعبة المشرّفة والأماكن المقدسة.
في الواقع نجد في كل هذه السياقات جملة تساؤلات: من هو صاحب هذه الصورة الأصلي، وكيف وصلت إلى دار مزادات عالمية، كشأن مئات القطع الأثرية والمقتنيات النادرة ذات الأصول للحضارية العربية والإسلامية؟