القلعة نيوز- منذ اطلاقها الهاشتاغ الذي يشجع فتيات ونساء الأردن على مشاركة قصصهن في حال التعرض لأي نوع من التحرش في العمل أو المدرسة أو الجامعة أو في الأماكن العامة، فوجئت الطالبة راما حمد بمشاركة أكثر من خمسة آلاف شخص اغلبهم اناث بقصص تضمنت مواقف تعرضوا فيها للتحرش، وليفتح الهاشتاغ بابا لنقاش واسع حول أهمية محاربة هذه المشكلة بطريقة تجعل كافة الأماكن آمنة للجميع وبالأخص النساء والفتيات. تقول راما ان اطلاق الهاشتاغ جاء بعد إعداد فيلم قصير تضمن رواية قصص لفتيات تعرضن للتحرش، حيث اجرت استطلاعا للرأي وارسلته عبر الإنترنت لمجموعة من الاناث وطلبت منهن مشاركتها قصصهن لتعطيهن حرية ذكر اسمائهن او لا، لتصلها لاحقا مجموعة كبيرة من الرسائل اختارت بعضها وعرضتها في فيلمها. وتشير راما الى أنها "ذهلت من حجم الأسى الوارد في الرسائل”، وأنها أرادت من هذه الدراسة التي جاءت ضمن مشروع دراسي للتوعية بمشكلة التحرش بالنساء في الأردن إيصال أصوات الفتيات لكل المجتمع ليدرك المتحرش حجم الألم الذي يتركه لدى الضحية حتى وان اعتقد ان فعله بسيط، لكنه يبقى أثره السلبي يرافق الفتاة طيلة عمرها”. هذا المشروع المدرسي جدد النقاش حول دراسة حملت عنوان "التحرش في الأردن” أعدتها اللجنة الوطنية لشؤون المرأة العام الماضي واطلقتها في حملة حملة "16 يوما العالمية لمناهضة العنف ضد المرأة”. وخلصت نتائج الدراسة الى أن 75.9 % من أفراد عينة الدراسة تعرضوا لواحد أو أكثر من أفعال وسلوكيات التحرش، وأن أكثر الأشخاص الذين ارتكبوا التحرش في المنزل هم "الأقارب الآخرون” بنسبة 11.8 %، ثم "الغرباء الذكور” في الأماكن العامة بنسبة 52.9 %، وفي أماكن العمل والدراسة من "الزملاء الذكور” بنسبة 29.1 %، وأخيرا في الفضاء الإلكتروني "الغرباء الذكور” بنسبة 43.9 %. الأمينة العامة للجنة الوطنية لشؤون المرأة سلمى النمس قالت في تعليق على نتائج الدراسة انها "نُفذت بمنهجية علمية واحصائية سليمة على عينة قوامها 1366 شخصا (86 % إناث، و14 % ذكور)، خصص 322 منها لعينة قصدية من مرتكبي التحرش”. وبينت النمس انه وبالرغم من أن التحرش الإيمائي نال الحصة الأكبر من حيث الانتشار ضمن العينة (89.1 %)، "إلا أنه لا يمكن التقليل من أن نسبة انتشار التحرش الجسدي بين أفراد العينة بلغت 68.7 %، والتحرش الإلكتروني 80.8 %، معتبرة ان التحرش أصبح ظاهرة مثيرة للقلق وبحاجة لاهتمام خاص. وقالت، بالرغم من أن الدراسة أظهرت أنه لا علاقة مباشرة ما بين ملابس الضحية وتعرضها للتحرش، إلا أن "المتحرشين أشاروا الى أن ملابس الضحية هي السبب في ارتكابهم هذه الجريمة، ما يشير إلى أن مفهوم الاحتشام هو مفهوم نسبي ولا يمكن اعتماده كآلية لمكافحة التحرش، وأن رفض هذه الظاهرة كسلوك اجتماعي مُجرَّم وغير خاضع للتبرير هو الأساس في مجابهة هذه الظاهرة”. كما أكدت نتائج الدراسة أن الإجراءات الرسمية "لا تشجع النساء والفتيات على التبليغ وأن ثقافة الصمت لا زالت سائدة، حيث جاء الخوف على السمعة كأحد أهم الأسباب للتصرف بشكل سلبي إزاء المعتدي”، داعية الى إحداث تغيير مؤسسي ومجتمعي تجاه الظاهرة وآلية التعامل معها. وأوصت الدراسة بضرورة اتخاذ إجراءات وتدابير سريعة وفعالة وحاسمة للتعامل مع التحديات التي فرضتها هذه الظاهرة، من اجل ضمان أن تتمتع جميع الإناث على وجه التحديد بحياة خالية من كافة أشكال العنف الممارس ضدهن. كما دعت الجهات الرسمية المعنية الى "توفير إرادة سياسية قائمة على الالتزام الواضح والفعال بالعمل على القضاء على ظاهرة التحرش الجنسي، من خلال إنفاذ القانون تطبيق إجراءات وسياسات فعالة للاستجابة والإبلاغ وتقديم الشكاوى الرسمية”. ولغايات قياس الأثر ومعرفة التقدم المحرز في مواجهة التحرش الجنسي، فإن من الضرورة بمكان ضمان أن تكون كافة الخطوات المتخذه للحماية والوقاية والاستجابة مبنية على أسس علمية من خلال الرصد والتوثيق والتعاون والتشبيك، وأن تخضع كامل الإجراءات لعمليات التطوير والتحسين باستمرار بحسب الدراسة. بدورها، اصدرت جمعية معهد تضامن النساء ورقة موقف أكدت فيها ان قانون العقوبات الأردني وتعديلاته لم يذكر مصطلح "التحرش الجنسي” بشكل صريح، إلا أن "هناك عدداً من الجرائم منصوص عليها في القانون وتدخل في إطار التحرش الجنسي، وهي جريمة المداعبة المنافية للحياء، وجريمة الفعل المنافي للحياء، وجريمة الفعل المنافي للحياء في الأماكن العامة، الا أنه تم بموجب التعديلات الأخيرة على قانون العقوبات العام 2017 تشديد العقوبة على هذه الجرائم وتوسيع نطاق تطبيقها”. وكان القانون شدد العقوبة على جريمة المداعبة بصورة منافية للحياء وبحد أدنى الحبس سنة، حيث نصت المادة 305 على أنه "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة كل من داعب بصورة منافية للحياء شخصاً لم يكمل الثامنة عشرة من عمره ذكراً كان أو أنثى، أو شخصاً ذكراً كان أو أنثى أكمل الثامنة عشرة من عمره دون رضا”.
كما شددت العقوبة على جريمة الفعل المنافي للحياء وتوسع في تعريفها، وأصبحت المادة 306 تنص على أنه "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر كل من عرض فعلاً منافياً للحياء أو وجه أي عبارات أو قام بحركات غير أخلاقية على وجه مناف للحياء بالقول أو الفعل أو الحركة أو الإشارة تصريحاً أو تلميحاً بأي وسيلة كانت متى وقع الإعتداء على شخص لم يكمل الثامنة عشرة من عمره، أو شخص ذكرا كان أو أنثى أكمل الثامنة عشرة من عمره دون رضا”. ولفتت ورقة "تضامن” الى عدة أسباب تعمل معاً وتحد من مواجهة التحرش الجنسي في أماكن العملأهمها، القصور التشريعي وثقافة العيب والوصمة الاجتماعية التي تلاحق النساء، ولهذا فإن عدد الشكاوى المقدمة لمديرية التفتيش في وزارة العمل حول التحرش الجنسي محدودة جداً، كما القانون الحالي وفي حال ثبوت التحرش الجنسي يعاقب صاحب العمل أو من يمثله، ويخرج من نطاق العقاب زملاء وزميلات العمل، أو العملاء، ويحرم النساء المتحرش بهن من العمل في حال تقديم الشكاوى، حيث اعطاهن الحق بترك العمل، ولم يعمل على وقايتهن وحمايتهن مع الحفاظ على عملهن، كما لا توجد أية أرقام أو إحصاءات تتعلق بالتحرش الجنسي في أماكن العمل سواء من الجهات الحكومية أو غير الحكومية أو مؤسسات المجتمع المدني. وتقترح "تضامن” من أجل مكافحة التحرش الجنسي في أماكن العمل تعديل قانون العمل الأردني لتجريم التحرش الجنسي في أماكن العمل وتعريفه وتحديد أشكاله، بحيث يعاقب كل من يرتكبه سواء أكان صاحب العمل أو زميلا أو عميلا من الجنسين، وأن يضمن الوقاية والحماية للنساء العاملات، وتدريب المفتشين في وزارة العمل على كيفية رصد حالات التحرش الجنسي ومتابعتها وتوثيقها، وإنشاء قاعدة بيانات مفصلة تساهم في التخطيط والتنفيذ لبرامج مكافحته مستقبلاً، وزيادة البرامج التوعوية والتثقيفية حول التحرش الجنسي بالنساء العاملات وتسهيل وصول النساء العاملات الى مراكز تقديم الخدمات المساندة كالاستماع والإرشاد والمساعدة القانونية، وتبني استراتيجية واضحة ومحددة الأهداف والوسائل لمكافحة التحرش الجنسي في أماكن العمل، ودعم برامج إشراك الرجال والشباب في مكافحة التحرش، وتعزيز دور وسائل الإعلام في إبراز قضية التحرش الجنسي والمخاطر التي تترتب عليه من النواحي النفسية والصحية بالنسبة للمتحرش بهن، والإخلاقية والتربوية بالنسبة للمتحرشين، والأسرية بالنسبة للمجتمع ككل.