جولة جلالة الملك الاوروبية الاخيرة، و خطابه التاريخي في البرلمان الاوروبي، لهما دلالات مهمة لعالمنا العربي. هناك فرصة لوضع حجر زاوية جديد في العلاقة العربية مع اوروبا اذا تمكنا من رؤية قضايانا العربية و الاسلامية العادلة ببعدها الانساني. نحقق ذلك بتركيزنا على هموم الانسان المحب للامن و السلام، و اذا استطعنا ان نؤطر لعلاقة ايجابية ليست موجهة ضد احد، بل من اجل التواصل الايجابي و الانساني بين الحضارات.
الجيل الحالي من القادة العرب بدأ يتفهم الدور الحقيقي لاوروبا في الشؤون الدولية و اخذ يتعامل معه بطريقة مختلفة نوعا ما. فالمطلوب هو تشكيل رؤية سياسية عربية واضحة تتبعها مواقف متطورة. فالتواصل الفاعل مع اوروبا بحاجة الى جسور و روابط ثقافية و اقتصادية تدعمها ارادة عربية سياسية.
جولة جلالة الملك و كلامه الدقيق عن رغبة عربية في دور اوروبي فاعل و ايجابي و مؤثر في قضايا امتنا حرك كثير من المياه الراكدة و ذكر الكثيرين بالفرص التي ضاعت من ناحية السلام العادل و الشامل. لقد آن الاوان كي يعيد العرب توجيه بوصلتهم لتتوافق مع مصالحهم في اوروبا و التي يحكمها ايضا جيل جديد من القادة، و لكن بشكل فيه مصداقية و ثبات يقنع الاوروبيين بجديتهم.
الدول العربية بحاجة ماسة اليوم الى اعادة النظر في التوجهات و المصالح الاستراتيجية. لا بد لنا من تطوير البدائل و بسرعة، ففي اوروبا حالياً بيئة خصبة يجب استثمارها. مطلوب العمل الجاد من اجل تفعيل التواصل الاقتصادي و الثقافي مع اوروبا و التي نتمتع معها بعدة ميزات جغرافية و تاريخية و ثقافية بشكل يساعد طبيعيا على التعاون و التواصل الحقيقيين. ان عملية اعادة تصويب البوصلة لا تعني النظرة الاحادية او الاستثنائية، بل تعني توسيع مروحة التواصل الانساني و فتح الافاق و تطوير البدائل و التوجه نحو العالم اجمع بقلب مفتوح.