باختلاف المجتمعات و الثقافات، يتنافس و يتهافت، كثير من الناس على العمل العام و خصوصا في مستوياته العليا من منتخبة او معينة. يعملون بجد من اجل الحصول على المنصب العام و الارتقاء الى الذي يليه و هكذا. هذه رغبات مشروعة، و لكن السؤال، ما هي الدوافع الفردية لذلك و كيف تتقاطع مع اهداف الحكومات و طموحات الشعوب؟
من الطبيعي ان يكون للطامحين للوظائف العامة اهداف شخصية تتمثل في الرغبة بالارتقاء و التطور المهني و المادي و المعنوي. و لكن اذا كانت هذه لوحدها هي المحاور الاساسية للطموح ، فهنا يكمن الخطر، و تهمل المسؤولية، و يتردى الاداء حتى نصل الى الفساد المالي و الاداري.
العمل العام لا يبنى فقط على توفر الكفاءة و انما على شرعية العمل و النتائج و بشكل مستمر. العمل العام رسالة اذا لم يدركها المسؤول ضعف الاداء بالضرورة و تدنت النتائج. الخدمة العامة لها قدسية من نوع خاص فهي العمل المثابر المتفاني لتقديم الافضل لمجتمع وضع ثقته في حكومته و اسند اليها مهمة الاعتناء بحاضره و مستقبله و بكل اخلاص.
القوانين و الانظمة التي تركز على حوكمة الاداء او النزاهة بما فيها مدونات السلوك مهمة جدا في العمل الحكومي فهي تضبط ايقاع الادارة الحكومية و تحافظ على المال العام. و لا يقل اهمية عن ذلك، الاعراف و التقاليد الحاكمة لسلوك المسؤول العام.
العرف و التقليد السليمين لهما قوة انفاذ مجتمعية كبيرة و وازع داخلي ملزم. تأتي اهمية الاعراف و التقاليد من حقيقة ان الالتزام بالحدود الدنيا لكل ما هو مكتوب لا يحقق ثقافة فاعلة في العمل الحكومي. ان الالتزام الاخلاقي الداخلي للمسؤول الذي يؤمن برسالة العمل العام عندما يتقاطع مع قدرة المجتمع المعنوية على المساءلة تكون اهم و اقوى من سلطة القوانين او اية اجراءات مكتوبة.
ان تحمل المسؤولية المهنية و المعنوية في العمل العام يجب ان يكون في الفشل كما في النجاح، فالغرم بالغنم قاعدة ذهبية. حاجتنا ماسة الى ارساء تقاليد و اعراف، فغيابهما مكلف جدا.