شريط الأخبار
الملكة تستنكر "العقاب الجماعي" الذي تمارسه "إسرائيل" بحق الفلسطينيين الجيش الاسرائيلي ابلغ ادارة بايدن ومنظمات الاغاثة الانسانيه بخطة اخراج سكان رفح الى مناطق أمنة بحضور السفير الأردني النهار وعدد من السفراء العرب والوسط الثقافي وأجهزة الإعلام... إشهار كتب المؤرخ العرموطي عن أذربيجان في العاصمة باكو... أميركا توقف بناء الرصيف العائم قبالة غزة مؤقتًا مدير المخابرات الأمريكية في القاهرة لحضور اجتماعات بشأن غزة الملك يهاتف رئيس دولة الإمارات معزيًا بوفاة الشيخ طحنون مندوبا عن الملك وولي العهد.. العيسوي يعزي قبيلتي عباد/ المهيرات/- وبني صخر / الزبن مؤسسات الأسرى الفلسطينية: الاحتلال يواصل اعتقال 53 صحفيا وصحفية 8 آلاف زائر لتلفريك عجلون في العطلة وزيادة ساعات التشغيل %91 معدل نسب إشغال فنادق العقبة خلال عطلة عيد العمال ارتفاع حصيلة العدوان على غزة إلى 34622 شهيدا و77867 مصابا استطلاع: غانتس يتفوق على نتنياهو مرة جديدة حكومة الاحتلال الإسرائيلي تؤكد مقتل أحد المحتجزين في غزة التعاون الإسلامي تدعو إلى مضاعفة الجهود فيما يخص القضية الفلسطينية وزير الخارجية يلتقي نظيرته الهولندية لبحث وقف الحرب على غزة ارادة يدعو إلى تعزيز حماية الصحفيين لممارسة مهامهم دون خوف فرنسا تدين اعتداء مستوطنيين يهود على قافلتي المساعدات الانسانيه للاردن البرلمان العربي: للصحافة العربية دور كبير في تعزيز روح العمل العربي المشترك أجواء مائلة للدفء في أغلب المناطق اليوم وغدًا أردنية تفوز بجائزة أفضل أسرة منتجة على مستوى الوطن العربي

واشنطن في خدمة اقتصاد حزب الله

واشنطن في خدمة اقتصاد حزب الله

القلعة نيوز : غسان سعود
منذ نحو عام بدأت تظهر نتائج تضييق الخناق الأميركي على الاقتصاد اللبناني؛ بالمبدأ لم يكن المُستهدف هو الدولة اللبنانية إنّما حزب الله، لكن تجربة 1982 – 2018 رسّخت قناعة واشنطن بأنّ محاصرة حزب الله مستحيلة ما لم يُحاصَر لبنان كله. وفي أكثر السيناريوهات الأميركية تفاؤلاً، كان هناك من يسوّق أنّ الأم التي لن تتمكّن من شراء الحليب لأولادها ستهرع الى الشارع لشتم حزب الله "كونه المسؤول عما وصلنا إليه”. واذا تزامن هذا كله مع تهويل بالعقوبات على حلفاء الحزب الأقربين والأبعدين، فإنّ الحزب سيكون أمام عزلة غير مسبوقة من جهة وانهيار شامل تحته وحوله من جهة أخرى. وهكذا اعتمد الأميركيون 4 مسارات: المسار الأول يضع حداً لموارد المصارف اللبنانية التاريخية من عمليات تبييض الأموال، حيث التزمت المصارف بجميع الضوابط الأميركية في ما يخصّ تحويل الأموال، ولم يعد يمكن لأيّ رجل أعمال لبناني تحويل الأموال دون تبيان مصدرها الحقيقي. المسار الثاني قضى بخفض الكتلة النقدية المتداولة في السوق بالدولار عبر هندسات رياض سلامة المالية، التي دفعت المصارف إلى التهافت على سحب كل دولار ممكن الوصول إليه سواءً في خزائنها أو بيوت المودعين لإعطائه لسلامة، والحصول في المقابل على مزيد من الأموال الوهمية. المسار الثالث، منع تدفق أيّة أموال محتمل ورودها سواءً قروض أو استثمارات في البنية التحتية أو من النفط. المسار الرابع، إقفال الحنفيات التي تقطّر بعض الدولارات كالسياحة وغيرها، عبر إيجاد الذرائع اللازمة لحث كل ما يمكن من شعوب على مقاطعة بيروت.
وعليه دخل البلد في نفق الانهيار الطويل. لكن المفارقة أن ح. الله لم يحاول ابدا مصارعة الأميركيين او مجابهتهم او التصدي لهم، إنما وضع جانبا هذا كله وركز على كيفية التعايش مع هذه الحرب و... الاستفادة منها. وفي خلفية رأسه، تكرار للسيناريو العراقي حيث خاضت الولايات المتحدة المعارك وربحت إيران النفوذ. واذا تمعن الأميركيون قليلا في المشهد اللبناني ماذا سيرون اليوم: اولا، انهار القطاع المصرفي الذي كان مسيحيا قبل الطائف ثم صار برأسماله وكبار موظفيه مسيحيا - سنيا بعد الطائف. وبالتالي دمرت اميركا مالية جميع المكونات الطائفية، خصوصا البطريركية المارونية والرهبانيات ودور الافتاء، فيما مالية حزب الله آمنة مستقرة بعيدا عن المصارف.
ثانيا، انهار قطاع الاستيراد والتصدير الشرعيين، الذي كان مسيحيا قبل الطائف، ثم صار مسيحيا - سنيا بعد الطائف. وهو قطاع حكمته لعقود امبراطوريات احتكارية لها نفوذها الكبير في الأصرح الدينية. وبموازاة انهيار هذا القطاع سجل صعود استثنائي لقطاع الاستيراد والتصدير غير الشرعي الذي كان سنيا شيعيا منذ سنوات لكن قوافل البقاع تجعله شيعيا بامتياز اليوم. وهو ينقل كل مقاليد التجارة من مكان إلى آخر، مغنيا بيئة حزب الله على حساب البيئات الأخرى. وهذه تعتبر خدمة ثانية من واشنطن لحزب الله.
ثالثا، انفضاح مجموعة الصناعيين، المسيحيين بامتياز، الذين باعوا لعقود وهما كبيرا بآنهم يُصنّعون فيما هم يستوردون بالبراميل ثم يعيدون التفريغ والتوضيب، ويمهرون العلب الصغيرة بختم صنع في لبنان. ليتبين اليوم ان جميع منتوجاتهم تصنع خارج لبنان ويعاد تعليبها في لبنان. والصناعة بالنسبة لهم تحايل كبير وتهرب ضريبي هائل. هؤلاء كانوا يوزعون فتات الفتات على الجمعيات والمواقع الإلكترونية ودور العبادة في مجتمعهم، لكنهم ينكفئون اليوم ليزداد البؤس بؤسا.
رابعا، انهيار كامل للقطاع الخاص وصل حتى آخر القلاع المتمثلة بالمؤسسات السياحية حيث العمال من جميع الطوائف طبعا، لكن أرباب العمل مسيحيين بأغلبهم. وهو ما سيفضي الى زوال اخر قشرة من الاقتصاد المسيحي التاريخي. وهنا ثمة قطاعين أساسيين انتهيا أيضا هما تجارة السيارات الجديدة والقديمة، وقطاع البناء من المهندسين وتجار الحديد والالمنيوم والزجاج الى المفروشات. اي تجوال سريع على الاوتوستراد بين جبيل والدورة يبين من كان يقود هذه القطاعات وأية نهاية يواجه اليوم. مع العلم ان المجتمع المسيحي خسر الكثير من حرفييه وميكانيكييه لمصلحة التجار فيما تشهد المجتمعات الأخرى اقبالا كبيرا ممن باتوا يريدون أن يصلحوا سياراتهم او مفروشاتهم بدل أستسهال تبديل القطع او رميها وشراء أخرى.
خامسا، انهيار قيمة الأجور وتعويض نهاية الخدمة. فرغم تراجع جاذبيتهما قليلا في الأعوام القليلة المقبلة، لكنهما بقيا أساسيين جدا لفرد على الاقل في كل بيت مسيحي وسني. وقد بذلت بعض الجمعيات والاحزاب المسيحية جهداً كبيراً لاقناع الشباب بالتقدم إلى الوظيفة العامة، غير أن ذلك سيكون مستحيلا اليوم، ويكفي ان تسمح القوى الأمنية بالاستقالة من السلك لتسمعوا أرقاماً خيالية.
سادسا، شحّ الدولار لدى جميع المكونات اللبنانية بإستثناء ذلك "البلوك" الكبير جدا المكون من المتفرغين في حزب الله، حيث عمدت غالبية الجمعيات والمؤسسات والشركات إلى إيجاد مخارج للاستعاضة عن الدفع بالدولار بعملة أخرى، بإستثناء ح. الله الذي يواصل توزيع "فريش دولار" من مصادر لا تنضب. وفي ظل انهيار العملة الوطنية بات من يقبض مئة دولار في الحزب اشبه بمن يقبض 400، َومن يقبض 1000 اشبه بمن يقبض 4000.
أما الأهم من هذا كله فهو التنظيم. الحزب المنظم يحسب ويتحسب، بخلاف المجموعات الأخرى وبخلاف الدولة المركزية، وبخلاف كل شيء آخر: إذا انقطع البنزين غدا، سوف لن يتمكن الموظفون في السفارة الأميركية من إنارة لمبة في مكاتبهم لأنهم لا يتحسبون، حالهم من حال لبنان كله، بإستثناء حزب الله. فها هي تسريباته تتحدث عن مخزون نفطي مخبأ في الأراضي السورية يكفي المولدات والسيارات في مناطق نفوذه لخمس سنوات أقله. حلول التزود بالإنترنت في حال انقطاع الإنترنت الرسمي جاهزة أيضا. اما الغذاء، فها هي مخازن النور توثق ببطاقاتها يوميا ان ما من شيعي سيذل ليحصل على المواد الغذائية الأساسية، علما ان ممرات الغذاء وكل الأساسيات باتت محاطة بحماية اكبر من ممرات الصواريخ. ولا شك ابدا ان من يدقق بحركة التجارة سيكتشف نزوحا هائلا من جميع المناطق نحو الضاحية التي كان مجمع قاروط اول من يستقطب الزوار المسيحيين والسنة والدروز اليها لتسوق الاساسيات، فيما بات هناك الف قاروط اليوم يبيعون جميع أشكال وألوان المنتجات الغذائية والاستشفائية والبنائية والديكورية والرياضية والكهربائية والتكنولوجية بأسعار ارخص من جميع السوبرماركت والأسواق في المناطق الأخرى، بما في ذلك طرابلس. وعليه فإن بيئة ح. الله التي كان يفترض بالخناق الاقتصادي ان يدفعها إلى الثورة عليه، إنما تشعر اليوم بالاوضاع الصعبة، لكنها تعلم أن وضعها افضل من جميع المكونات الأخرى رغم الأوضاع الصعبة. ومن يفترض بهم ان يثوروا اليوم ضد الحزب يقصدونه للحصول على بطاقات الدعم الغذائي والاستشفائي، فالضاحية أقرب لهؤلاء من واشنطن وهم يعلمون ان ما يمكن أخذه بالسلم من حزب الله اكثر بكثير مما يستحيل أخذه بالحرب..