شريط الأخبار
الحجايا يكتب : الرعاية الملكية لسلك القضاء .. خطوة في اتجاه التطوير والتحديث .. أليس من حق القضاة زيادة رواتبهم والحصول على إعفاء جمركي إسرائيل ثاني أغنى دولة في الشرق الأوسط حقيبة وافد تثير الاشتباه في وسط عمّان وتستدعي استنفارًا أمنيًا البيت الأبيض: ترامب سيلتقي الشرع الاثنين هيئة فلسطينية: 2350 اعتداء استيطانيا نفذها الإسرائيليون في تشرين أول أولى الرحلات الجوية العارضة من بولندا تحط في مطار الملك حسين بالعقبة وزير: المجال الجوي الأميركي مهدد بإغلاق جزئي جراء أزمة الموازنة الخزوز: رسالة الملكة في ميونخ تجسّد الرؤية الهاشمية في تمكين الشباب وزير الداخلية: الوحدة الوطنية أهم مرتكزات الأمن الداخلي ألمانيا تؤكد استعدادها لدعم جهود التهدئة في غزة زعيم قبلي سوداني: دفعنا فدى لإطلاق نازحين اختطفهم الدعم السريع وزير الدفاع السوداني يقول إن الجيش سيواصل القتال بني مصطفى: الأردن من أبرز النماذج في القدرة على التكيّف مع الأزمات الكنيست يصوت على مشروع قانون إعدام الأسرى الفلسطينيين الأربعاء وزير الصحة: مستشفى مادبا الجديد سيحدث نقلة نوعية في الخدمات وزير الثقافة يزور الشاعر حامد المبيضين تقديراً لعطائه واطمئناناً على صحته الأرصاد الجوية: تشرين الأول يسجل يوماً مطرياً واحداً وحرارة معتدلة في اغلب المناطق الرواشدة يفتتح معرض "نافذة على تاريخنا العريق" في الكرك بيان وزارة الخارجية الأمريكية حول مناخ الاستثمار في الاردن ضبط فتاتين سرقتا 100 ألف دينار ومصوغات ذهبية في البلقاء

سَــــأَلـــتَــــك حَــــبـــيـــبـــي ؟!

سَــــأَلـــتَــــك حَــــبـــيـــبـــي ؟!
القلعة نيوز:
سَــــأَلـــتَــــك حَــــبـــيـــبـــي ؟!

بِقَلَم :
د.محمد يوسف أبو عمارة


سألتَك حبيبي لوين رايحين ...
خلّينا خلّينا وتسبقنا سنين ...
إذا كنّا عَ طُول .. الْتَقَينا عَ طُول ...
ليش منتلَفَّتْ خايفين ...

كَلِمات تُثير التَّساؤُل ويكَأَنَّها تَصِفُ قِصَّة حَبيبَين يُحيطُهما الخَوف مِن المَجهول ... هذا المَجهول الذي رُبَّما يَكون المُستَقبَل ومَا يُخَبّئ لَهُما .. رُبَّما الأَهل والجيران .. رُبَّما الإشاعات وكَلام النَّاس .. ولكنَّهُ شَيء مَجهول مُخيف ...

ضَياع الهَوِيَّة .. والوجهة تَتَمَثَّل في التَّساؤل لَوَين رايحين ؟! ولَطالَما تَسائَلنا في شَتَّى المَجالات
لَوين رايحين ؟! اقتِصادِيًّا .. لَوين رايحين ؟! دينيًّا .. لَوَين رايحين ؟! تَربَوِيًّا ، صِناعِيًّا ، تِجاريًّا ،
صِحِيًّا ، ... لَوين رايحين ؟! طالَما ليسَت هُناك خُطَط مُنَظّمة للمُستَقبَل سَيَبقى المُستَقبَل المَجهول رَمزًا للخَوف والتَّرقُّب وسَيَبقى مَن هُوَ في دفَّة القيادة يتلَفَّت عَطول والخَوف يُحيطُ بِه مِن كُلّ الجّهات ..

فَيروز ... آه مَن صوتك الذي يُثير الشُّجون ، ومِن كَلِماتِ أغانيك التي تَصلُح لِكُلّ زَمَان و مَكان ولِكُلّ قِطاع فَهِيَ كَلِمات حُبّ وعِشق إذا رآها عاشِق وكَلِمات تُمَثّل القِطاع التّجاري إن قَرَأَها تاجِر وكَلِمات سِياسِيَّة عَميقة إن حللها سِياسي ..

وتُكمِلُ الأغنية ...

أنا كلّ ما بشوفك .. كأنّي بشوفك ...
لأول مرَّة .. حَبيبي ...
أنا كل ما تودّعنا .. كأنَّا تودَّعنا ...
لآخر مرَّة .. حَبيبي ...
قلِّي .. احكيلي نحنا مين ...
وليش مِنتلفَّت خايفين ...
ومن مين خايفين ...

يَعجَزُ الوَصف عَن هذه التَّركيبة اللّغوية الغَريبَة التّي تَحمِلُ كُلّ مَعاني الشَّوق ، هذا الشَّوق الذي يَتَجَدَّد في كُلّ مَرَّة ويكأنَّه أوّل مَرّة ...

" أنا كلّ ما بشوفك .. كأنّي بشوفك لأول مرَّة حَبيبي "
ما هذا الشّعور وما هذا الحُبّ الذي يَتَسامَى لِيَجعَل المُحِبّ في حالَة شَوق دائمة وفي حالَة بَحث لا تَنتَهي عَن المَحبوب .

" أنا كل ما تودّعنا .. كأنَّا تودَّعنا ...لآخر مرَّة حَبيبي "
وأيّ عِبارَة أَبلَغ مِن الحُزن الذي يَشعُر بِه المُحِب عِندَما يُوَدّع مَن يُحِب ويكأنّه يُوَدّع لآخِر مَرَّة مَع أَنّهُما ورُبَّما سَيَلتَقِيان بَعدَ قَليل ..

وَصف الشّاعِر تَعَدَّى حُدودَ الإبداع .. شُعور الفُقدان رُبَّما يَتَعَدّى أَلَمَه شُعورَ الخذلان .. فَلِماذا كُلّ هذا الشَّوق وكُلّ هذه المَشاعِر الفَيّاضَة !
وعِندَما بَحَثتُ وَجَدتُ أنّ لهذه الأغنية والكَلِمات قِصّة مَع فَيروز ...

كانَت فَيروز تؤدي مَع فِرقَتِها مَسرَحِيَّة بعنوان "المَحَطَّة" بالوَقت الذي أُصيبَ فيهِ زَوجها عاصي الرَّحباني بِنَزيف في المُخ وتَدَهوَرَت حالَتَهُ وذلك أصاب فَيروز بِحُزُن شَديد وكادَت أن تَعتَذِر عَن المَسرَحِيَّة ، وكانَ مَنصور الرَّحباني الأقرَب لِفَيروز وعاصي فَكَتَبَ كَلِمات هَذه الأُغنية تَعبيرًا عَن خَوف فَيروز مِن مَرَض عاصي وخَوفِها مِنَ المَجهول ومِن غِيابِ الحَبيب وشَوقِها لِعَودَتِه سالِمًا إليها ولحياته .

ولَحَّن هذه الأغنية ابنَهُما " زِياد الرَّحباني " الذي كانَ يَبلُغُ مِنَ العُمر (17) سَنَة فَقَط في وَقتِها ، وأُدرِجَت الأُغنية في المَسرَحِيَّة إلا أنّ عاصي وبَعدَ تَماثُلِهِ للشِفاء غَضِبَ لِوَهلَة لِشُعورِه أنّ فَيروز ومَنصور قَد تاجَرا بِمَرَضِه ولكنّه وبَعدَ فَترَة أُعجِبَ بِكَلِمات الأُغنية ولَحَّنَها ولَم يَعتَرِض عَليها .. وكانَت فَيروز كُلَّما غَنَّت هذه الأُغنية بَعدَ وَفاة عاصي عام (1986) تَبكي وَيَسودُها الحُزن .

وتُكمِل فَيروز ...

موعدنا بُكرة .. وشو تأخَّر بُكرة
قولك مش جايِي .. حبيبي
عم شوفك بالساعة .. بِتَكّات الساعة
من المدى جايِي .. حبيبي

بِرُغم المَجهول والخَوف مِنه ، وبِرُغم الوَداع الذي يُشعِرُك بأنّهُ الأَخير .. إلا أنَّ الأمَل مَوجود .. في المًستَقبَل الذي يَتَأَخّر ويَلعَبُ بِأعصابِنا .

" موعدنا بُكرة .. وشو تأخَّر بُكرة "

مَع أنّ السّاعات هِيَ نَفسَها إلا أنّها تَكون ثَقيلة وطَويلة ومُمِلَّة وغَير مُلتَزِمة بِدَقائقها السّتين عِندَما نَكون نَنتَظِرُ حَدَثاً أَو شَخصًا فَتَشعُر لِوَهلة أنّ السّاعة ألف دَقيقة ولَيسَت سَتَون دَقيقَة ؟!

ويا دنْيِي شتّي ياسمين ...
ع اللي تْلاقوا ومش عارفين ...
ومن مين خايفين ...
وسألتَك حبيبي لوين رايحين ...
خلّينا خلّينا وتسبقنا سنين ...

وما أجمَل اللقاء بَعدَ طولِ الانتظار ... حَريّ بالدنيا أن تُمطِر ياسميناً لهؤلاء العشّاق الذين لا يَرَونَ الجَمال إلّا مَع بَعض .. بِرُغم كلّ الخَوف من المَجهول الذي يعتَري أيّامهم المُقبِلة كَم مَرَّة قُلنا في أَنفُسِنا ونَحنُ نَنتَظِرُ حَدَثًا سَعيدًا مُهِمًّا .

" موعدنا بُكرة .. وشو تأخَّر بُكرة "

نَنتَظِرُ السَّعادَة أن تأتي .. عَبرَ ( تَكّات السّاعة ) التي لا تَزال صَوتُ عَقارِبِها تَدُقّ في مَسامِعِنا جَميعًا إيذاناً بِقُرب تَحقيق الحلم .. ذلك الحلم الذي ومن فرط سعادتنا بِه سَنَشعُر بأنّ الدُنيا تُمطِرُ عَلينا ياسمينًا يعطّر المَدى ويُلَوّن الأُفق ...

وتَبقى كَلِماتُ الأُغنية كُلّما سمعناها تَجعَلُنا نُفَكّر في مُستَقبَلِنا ... لَوين رايحين ؟!
فَهَل نَعلَمُ إلى أينَ سَنَذهَب ؟
وما هِيَ المَحَطَّة التّالية ؟!
ومَن سَيَكون مَعنا في قِطار العُمر كُلَّما تَقَدَّمت بِنا السّنين ؟!