يثير العدد المتزايد للشكاوى العمالية المقدمة لوزارة العمل تساؤلا حول الكيفية التي تتعامل فيها الوزارة مع تلك الشكاوى والإجراءات التي تتم لحلها وهل هي سريعة أم لا؟.
واستقبلت منصة "حماية" بالنصف الأول من العام الحالي نحو 4498 شكوى عمالية تم تسوية 1850 منها، وتحصيل الحقوق العمالية للعمال المشتكين و305 شكاوى ما زالت قيد الإجراء.
رئيسة جمعية تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان ليندا كلش، قالت إنه رغم أن منصة حماية تهدف لتبسيط عملية تقديم الشكاوى وتعزيز إمكانية الوصول إليها بالنسبة للعمال، إلا أنه في البداية، حظيت المنصة بإشادة بسبب أن واجهتها سهلة الاستخدام، ولكن فعالية المنصة أصبحت موضع تساؤل بسبب حواجز إمكانية الوصول.
وأشارت كلش إلى أنه حتى أيار "مايو" الماضي، كانت المنصة متاحة باللغة العربية فقط، وهي ليست اللغة الأساسية للعديد من العمال، ومن المرجح أن يكون هذا القيد اللغوي قد ساهم بانخفاض كبير في الشكاوى المبلغ عنها من قطاع الملابس على سبيل المثال.
وتابعت: مع ذلك، فإن هذا الانخفاض في الشكاوى قد لا يعكس بالضرورة تحسن ظروف العمل بل بالأحرى قيود إمكانية الوصول إلى المنصة، والتي ربما ردعت العمال عن تقديم الشكاوى.
ورأت كلش أن المنصة، تواجه العديد من التحديات التي تعيق فعاليتها بالنسبة للعمال، وتشمل كاللغة المستخدمة في المنصة "العربية" وهناك عمال أجانب، ومشاكل إمكانية الوصول، وعملية التسجيل المعقدة، وانخفاض الوعي أو قابلية الاستخدام، وتلك التحديات تمنع فئات من العمال المتنوعة من استخدام المنصة بشكل فعال لتقديم الشكاوى وتتبعها.
الا أن الناطق الإعلامي لوزارة العمل محمد الزيود، بين أن الوزارة تتعامل مع الشكاوى العمالية عبر مديرية التفتيش المركزية وأقسام التفتيش في مديريات العمل بمسارين الأول عبر الجولات التفتيشية الدورية التي تنفذها فرق التفتيش على القطاعات الاقتصادية للتأكد من مدى التزامها بأحكام قانون العمل والأنظمة والتعليمات الصادرة بموجبه والمسار الثاني، عبر استقبال الشكاوى المقدمة عبر المنصة الإلكترونية "حماية" وهي منصة أعدت للتعامل مع الشكاوى العمالية إلكترونيا دون حاجة العامل إلى مراجعة مديريات العمل أو الوزارة.
ونوه الزيود إلى أن المنصة توفر خدمة تقديم الشكاوى بأربعة لغات العربية والإنجليزية والبنغالية والأثيوبية، مؤكدا أن العمل جار على زيادة اللغات (من بينها الفلبينية) التي توفرها المنصة خدمة للعمالة غير الأردنية العاملة في المملكة.
وأكد الزيود أن منصة "حماية" توفر خيار السرية بتقديم الشكوى العمالية إذا رغب العامل المشتكي بذلك وعلى سبيل المثال لا الحصر على الشكاوى التي تصلح أن تكون سرية كتلك المتعلقة بعدم التزام المنشأة بالحد الأدنى للأجور أو عدم دفعها أو تأخيرها أو عدم دفع الأجر الإضافي، إلا أن الشكاوى في حالات محددة لا يمكن التعامل معها بسرية كطلب العامل شهادة خبرة له من المنشأة التي كان يعمل بها أو اتخاذ إجراء إداري بحقه وحده دون غيره من زملائه بالعمل.
وأشار إلى أن المفتش عند استقبال الشكوى العمالية يقوم بالتواصل مع العامل المشتكي للتحقق من المعلومات التي أوردها في شكوته وللوقوف على واقع الحال ومن ثم يتم التواصل مع صاحب العمل أو من ينوب عنه للتأكد الشكوى لتحصيل الحقوق العمالية للعامل دون ذكر اسم المشتكي إذا كانت سرية وإن تطلبت الشكوى تنفيذ جولة تفتيشية يتم تنفيذها بشكل مفاجئ.
وأوضح أنه في حال لم يتواجب صاحب العمل مع إجراءات وزارة العمل يتم إتخاذ الإجراءات القانونية بحقه وفقا لأحكام قانون العمل، لافتا إلى أن بعض الشكاوى التي ترد إلى المنصة لا تكون من اختصاص وزارة العمل لكن مفتش العمل يرشد المشتكي إلى الإجراءات التي عليها اتخاذها.
وأكد الزيود أن الوزارة زودت مفتشي العمل بكاميرات لتوثيق الجولات التفتيشية ومرتبطة بغرفة سيطرة في الوزارة لضمان سلامة الإجراءات ولضمان حق العامل وصاحب العمل، مشيرا إلى أنه لا يمكن أن تهمل أي شكوى عمالية سواء كانت من عامل أردني أو غير أردني.
بدوره بين رئيس بيت العمال حمادة أبو نجمة، أن وزارة العمل أوقفت منذ عدة سنوات استقبال الشكاوى في المديريات التابعة لها وحولت العاملين للتقدم بالشكاوى على منصة حماية.
ورأى أبو نجمة أن هذا الأمر لا يتناسب مع طبيعة مؤهلات بعض العمال في الاردن من حيث تأهيلهم العلمي والثقافي وقدرتهم على استخدام والمنصات وما إلى ذلك، ما يعني أنه لا يجوز أن نفترض بأن كل العاملين قادرون على استخدام المنصات وإدخال البيانات والتعامل مع هذه الآلية.
وأشار إلى أنه كان الأفضل لو بقي الباب مفتوحا أمام العمال للتقدم بشكاوى في المديريات. وهذا الأمر يراعي جميع مستويات العمال وقدراتهم.
وبين أبو نجمة، أن المنصة كانت حتى فترة قريبة لا تستخدم سوى اللغة العربية ومؤخرا الإنجليزية وحصل تقدم مؤخرا على المنصة بحيث أصبح فيها لغتان من لغات العمال الوطنية، بالإضافة للغة الأمهرية التي هي تتعلق بأثيوبيا البنغالية.
وأما موضوع السرية بالشكاوى أشار أبو نجمة إلى أنه خلال فترة الكورونا كان بعض العاملين يقولون إنه عند تقديمهم شكوى على المنصة يشعرون أنها تصل لصاحب العمل وبعضهم تعرض إما للفصل من العمل أو إيقاع عقوبة بحقه.
وبين أبو نجمة أن الوزارة أعلنت بعد ذلك بأن المنصة محكمة وسرية ولا يطلع على اسم المشتكي إلا الشخص الذي يصرح له بالنظر في الشكوى.
وتطرق إلى مشكلة أخرى تتعلق بمنصة حماية بأنه كثير من العمال يشتكون من طول النظر في شكواهم، بخاصة أن بعض الشكاوى تحتاج لوقت قصير لحلها، منوها الى أن القضايا والشكاوى العمالية لا تحتاج إلى وقت طويل للبت فيها، داعيا الوزارة لمراجعة هذه القضية.
وأكد على ضرورة متابعة هذه المنصات والمؤشرات حول إذا الشكوى تم البت فيها في الوقت المطلوب.
وبين أن موضوع التأخر في النظر بالشكوى قد يضر العامل لأنه أحيانا يوجد مدة قانونية لبعض الشكاوى وقد يكون مضطرا للسفر وبذلك قد تضيع حقوقه.
والمشكلة الأخيرة برأي أبو نجمة هي حجم الكادر الذي ينظر بالشكاوى، مبينا أن كثيرا منهم غير متفرغ للنظر بتلك الشكاوى، فهو مفتش عمل يعمل بالميدان والشكوى تأخد جزءا من وقته للنظر فيها.والأفضل أن يكون هناك كادر متكامل ومتفرغ للنظر في الشكاوى وبشكل متسارع أكثر.