
القلعة نيوز:
تحتفل أذربيجان بعيد استقلالها وهي تنطلق
نحو مستقبل زاهر لتحقيق المزيد من الإنجازات والفرص العظيمة التي تنتظرها ، مستثمرة
بذلك انتصارها في اقليم كاراباخ الذي كان محتلا لما يقارب الثلاثون عاما فقد استعادت العدل لقضيتها بفضل قيادتها الحكيمة
، ونفذت احكام القانون الدولي وقرارات مجلس الامن للأمم المتحدة التي انتظرتها
لأكثر من 30 عاما ، وهي الأن تتجه نحو مسار
أخر ، واضعة أمام عينيها مصلحة شعبها وبلادها ، أخذه على عاتقها تحديات وأولويات عازمة
على تحقيقها ، لتوفير ضمانات السلامة
والعيش الكريم للمهجرين من أبنائها ، وضمان حمايتهم من أخطار الألغام التي ما زالت
مزروعة في أراضيهم المحررة والتي تشكل خطرا كبيرا على سلامتهم.
إن موقع جمهورية أذربيجان الاستراتيجي الهام جنوبي القفقاس على ساحل بحر
قزوين الغربي وتحيط بها كلا من ايران ، تركيا ، روسيا ، جورجيا ، ارمينيا ، قد
أكسبها إهمية جغرافية وسياسية ،من حيث انها تقع على تقاطع الطريق التي تربط الغرب
والشرق واسيا واوروبا ، وعلى الطريق الحريري التاريخي القديم ، وهي بذلك نقطة
تلاقٍ بين الثقافات والحضارات المختلفة، وجسرًا للتجارة بين الشرق والغرب ، هذا
الإرث التاريخي لا يزال واضحًا في الثقافة الأذربيجانية المعاصرة، كما يمكن ملاحظة
التأثيرات المتنوعة في الموسيقى والفنون والعمارة،وهي دولة تراثية بتنوعها الثقافي
والعرقي والديني مما يجعلها وجهة مثالية للاستكشاف تطل عاصمتها ( باكو ) على بحر قزوين وهي معلم هام من معالم السياحة
في اذربيجان وتشتهر بمدينتها القديمة المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو.
في 28 مايو 1918، اعلن المجلس الوطني
لجمهورية أذربيجان الديمقراطية استقلال أذربيجان الديمقراطية كاول دولة قامت في
الشرق الاسلامي ، وفي فترة وجيزة تم تأسيس اول برلمان وحكومة لأذربيجان ورسمت
معالم الدولة وحدودها ، كما اتخذت تدابير هامة في مجال بناء الدولة وتم الاعتراف
بالجمهورية ككيان في منظومة العلاقات الدولية ، واتخذت خطوات هامة لحماية المصالح
الوطنية على المستوى الدبلوماسي . ومن ابرز الإنجازات التي تحققت في ذلك الوقت منح
المرأة حق التصويت حيث كانت هذه الخطوة التقدمية مؤشرا بارزا نحو التقدم في اول
جمهورية مستقلة في الشرق نحو بناء دولة قانونية وتحقيق المساوة بين الجنسين ،
وتتمتع المراة الاذربيجانية حاليا بتمثيل فاعل في مختلف هياكل ومؤسسات الدولة
وتساهم بشكل فعال في تنمية المجتمع وهي تعتبر داعمة ومنفذه للقرارات والمبادرات. إلا أن هذا لم يعمر اكثر من (23) شهرا ، وفي شهر
ابريل عام 1920م ، دخلت قوات الجيش الاحمر السابق اذربيجان و اقامت فيها نظام
الحكم السوفياتي ، و اصبحت بذلك جزءا من جمهوريات الاتحاد السوفياتي من عام 1922م
حتى عام 1991م ،بعد انهيار الاتحاد السوفياتي السابق في عام 1991 م ، حيث استعادت
أذربيجان استقلالها في 18 /اكتوبر 1991 الذي فقدته في عام 1920 م ، وبذلك دخلت
الجمهورية عهدا جديدا من تاريخها
تعرضت جمهورية اذربيجان بعد استعادة استقلالها لبعض الصعوبات والتعقيدات
السياسية والاقتصادية الكبيرة منذ ايامها الاولى ، وعلى الرغم من ذلك فانه بعد
تولي فخامة حيدر علييف رئاسة جمهورية آذربيجان عام 1993 م ، تمكن
القائد من تحديد استراتيجية التنمية المستقبلية للبلاد من خلال اعتماد اقتصاد
السوق الحر في ظل التحولات الديمقراطية ، وقوانين تشجع الاستثمار وتحقق خصخصة
املاك الدولة ، واجريت الاصلاحات والتشريعات اللازمة على نطاق واسع في القطاع
الزراعي ، وتم فتح المجال وتهيئة الظروف الملائمة لجذب الاستثمارات الاجنبية ، وتشجيع
الملكية الفردية ، وتوزيع الاراضي وتشجيع
عمليات البيع والشراء دون شرط ، إلى جانب سياسة الزعيم التي نفذها بنجاح وكان لها دورا
كبيرا في توحيد صفوف الشعب الاذربيجاني ، وإحياء الذاكرة الوطنية التاريخية لديه وإرساء
أسس الوحدة والتضامن وانقاذه من براثن التشرذم والفوضى ، كذلك أقر حيدر علييف رسميا
علم الدولة بالوانه الثلاثة في جلسة المجلس الاعلى لجمهورية نخجوان ذات الحكم
الذاتي في 17/نوفمبر 1990،
إن جمهورية أذربيجان دولة اسلامية تربطها بالدول العربية والاسلامية
روابط تاريخية وثقافية، ويجمعها بها الدين
الاسلامي الحنيف والذي أنتشر في أذربيجان في القرن الأول من الهجرة وقد ساهم الشعب
الأذربيجاني في تطوير الحضارة الاسلامية في القرون الوسطى بشكل فعال، ولكن بحكم
الظروف التي تعرضت لها أذربيجان لمدة طويلة فقد أصبحت أذربيجان حينها منعزلة عن
العالم الاسلامي، أما بعد حصولها على الاستقلال فقد استعادت جذورها التاريخية وعادت
الى محيطها الطبيعي.
آذربيجان اليوم عضوا في أكثر من 13 منظمة دولية وإقليمية تشمل الأمم
المتحدة ، ومنظمة المؤتمر الاسلامي ، ومنظمة الامن والتعاون الاوروبي ، وعضوية
الناتو لبرنامج السلام ، والكمنولث للدول المستقلة والمجلس الاوروبي ، ومنظمة
اليونسكو ، ومنظمة اليونسيف وحركة عدم الانحياز وغيرها من المنظمات الدولية
الاقليمية المعروفة.
أذربيجان بلد نفطي ويعود تاريخ استخراج النفط في مدينة باكو إلى القرون
الوسطى كما ذكر الرحالة العربية (ياقوت الحموي) في مؤلفه (معجم البلدان) في القرن
الثالث عشر الميلادي أخباراً عن نفط باكو، وقد تطرق الرحالة الايطالي (ماركو بولو)
إلى استخراج النفط في باكو في القرن الثاني عشر الميلادي ، وفي سنة 1847م تم
استخراج النفط في باكو لأول مرة في العالم بالطرق الصناعية وفي نهاية القرن التاسع
عشر وبداية القرن العشرين، اصبحت أذربيجان من أكثر الدول إنتاجاً للنفط في العالم،
حيث كان 50٪ من الإنتاج النفطي العالمي يستخرج في باكو.
لقد احتلت أرمينيا منطقة كاراباخ بالكامل ، الى جانب سبع مناطق مجاورة
لها ، ومنذ بداية العمليات العسكرية وترتب عليها استشهاد اكثر من ( 30 ) الف وجرح
( 150 ) الفا معظمهم من النساء والشيوخ ولاطفال ، ونزوح وتشريد اكثر من مليون
مواطن اذربيجاني عاشو ظروفا قاسية وعانو من العديد من المشاكل الانسانية التي اثارت
قلق وانشغال المجتمع الدولي برمته الذي طالما عبر عن رفضه لهذا العدوان من خلال
عدد من القرارات والتوصيات الصادرة والتي طالبت جميعها بالانسحاب الفوري
واللامشروط والكامل.
لكن بفضل وبسالة القوات المسلحة الأذربيجانية تمكنت من تحرير أراضيها في الحرب
الوطنية الأذربيجانية"، التي استمرت 44 يوما ، وقد أعلن يوم 8 نوفمبر
"يوم النصر وهو تاريخ دخول القوات الأذربيجانية إلى مدينة شوشة العاصمة
الثقافية بعد تحريرها ، واليوم الذي حدد فيه مستقبل جنوب القوقاز وهو يوم الاحتفال ايضا بالقانون الدولي وتحقيق
العدالة باستعادة الأراضي الأذربيجانية المحتلة .
إن استعادة اقليم كارباخ يعزز من اقتصاد أذربيجان ولم يقتصر تأثير عودة
إقليم كاراباخ إلى الأبعاد الجيوسياسية، بل برزت أهميته الاقتصادية، التي غطت
عليها الحروب والنزاعات المتكررة،فألى جانب القيمة التاريخية والثقافية لكاراباخ،
تتمتع هذه المنطقة بإمكانيات اقتصادية غنية، وتعتبر أكبر منطقة غابات في أذربيجان.
وهي غنية جدا بمختلف أنواع مواد البناء، ولها أهمية كبيرة في الصناعة والبناء في
أذربيجان. وهي مناسبة لزراعة أنواع مختلفة من المنتجات الزراعية.
كذلك تعهدت الحكومة الأذربيجانية بتخصيص موارد كبيرة لتحويل منقطة كارباخ
إلى مراكز اقتصادية مزدهرة. والإعداد لمبادرة إعادة الإعمار "البرنامج
الحكومي للعودة الكبرى إلى الأراضي المحررة ،وضمان إعادة التوطين والتأهيل والتنمية
المستدامة لهذه المناطق. وكخطوة أولى شرعت الحكومة في أنشطة إزالة الألغام، وتم تطهير
1,536,652,787 مترًا مربعًا من الأراضي من الذخائر الغير المنفجرة خلال 2020 و2024.
وفي
مجال الفن رسمت أذربيجان خلفيتها التقليدية من خلال صناعة ونسج السجاد من أقدم
وأكثر الفنون تقدما في جمهورية أذربيجان بالاضافة الى فن النقش والزخرفة والاعمال
المعدنية والحرف اليدوية الاخرى ان لغة التصاميم والالوان المزركشة التي يمتاز بها
السجاد الأذربيجاني ولعل أفضلها التي كانت تصنع في بلدة ( بردى
الاذربيجانية) من ابداع النساء الحرفيات الاذربيجانيات وتعرض حاليا في اكبر
المتاحف العالمية.
العلاقات الأذربيجانية الأردنية: أخوة راسخة في الاحترام المتبادل
يحتل اللقاء التاريخي بين الزعيم الوطني للشعب الأذربيجاني، حيدر علييف،
والملك الأردني الراحل، الحسين بن طلال، في قمة منظمة التعاون الإسلامي عام ١٩٩٤
في الدار البيضاء، المغرب، مكانةً بارزةً في تاريخ العلاقات الأذربيجانية
الأردنية. فقد أرسى هذا الحدث التاريخي أسس صداقة دائمة بين البلدين.
ويُعد استمرار هذه العلاقات الودية والأخوية على يد خلفائهم السياسيين -
رئيس أذربيجان إلهام علييف وجلالة الملك عبد الله الثاني ملك الأردن - ضمانةً
للشراكة الاستراتيجية رفيعة المستوى القائمة اليوم. ومنذ إقامة العلاقات
الدبلوماسية في تسعينيات القرن الماضي، عمل البلدان على تعميق التعاون في المجالات
السياسية والاقتصادية والثقافية والإنسانية.
افتتحت أذربيجان أول سفارة لها في الأردن عام ٢٠٠٦، مما يؤكد أهمية هذه
العلاقة. وعلى مر السنين، زار الرئيس إلهام علييف الأردن مرتين رسميًا، بينما قام
الملك عبد الله الثاني بثلاث زيارات رسمية إلى أذربيجان. إن عمل اللجان الحكومية
المشتركة، ومجموعات الصداقة البرلمانية، وتوقيع 52 اتفاقية تغطي مجالات تعاون
متنوعة، دليلٌ على متانة العلاقات الثنائية واتساع نطاقها. وتحظى هذه الجهود
بتقدير كبير من الشعب الأردني، وتعكس التزامًا مشتركًا بالتنمية المتبادلة والسلام.
في السنوات الأخيرة، شهدت العلاقات الثنائية بين أذربيجان والأردن نموًا
مطردًا في مختلف القطاعات، بما في ذلك الحوار السياسي، والتعاون الدفاعي والعسكري،
والشراكات الاقتصادية، والتعاون العلمي، والتبادل الثقافي. وقد دعم البلدان بعضهما
البعض في القضايا الرئيسية على الساحة الدولية، لا سيما في إطار منظمات مثل منظمة
التعاون الإسلامي، وحركة عدم الانحياز، والأمم المتحدة. ويواصل تنامي مستوى الثقة
والاحترام المتبادل بين البلدين فتح آفاق جديدة للتعاون الاستراتيجي والشراكة
طويلة الأمد.