بيان سفارة جمهورية أذربيجان
بمناسبة يوم النصر – الذكرى الخامسة
أعلن الرئيس الهام علييف رئيس جمهورية أذربيجان بأن يوم 8 نوفمبر "يوم النصر في الحرب الوطنية الأذربيجانية/2020، و دون هذا التاريخ من بدء دخول القوات الأذربيجانية إلى مدينة شوشة العاصمة الثقافية بعد تحريرها ، اليوم الذي استعادت فيه أذربيجان وحدة أراضيها وأذهلت الكثيرين بانتصارها العسكري ، و قد نفذت بنفسها قرارات مجلس الأمن الأربعة التي دعت فيها إلى انسحاب فوري وغير مشروط وكامل لجميع قوات الاحتلال من أراضي أذربيجان المعترف بها دوليًا ، والتي ظلت حبرا على ورق لمدة 30 عاما، ولمدة 44 يوما كان عشرة ملايين قلب في أذربيجان ينبضون كقلب واحد وبنفس التناغم للجنود الابطال المقاتلين من أجل تحرير قراباغ، و يتشوقون للنصر لإحياء الأرض التي دمرها العدو ، وقد تم تحرير اكثر من 300 منطقة سكنية في ميدان المعركة. وأُرغمت ارمينيا على توقيع وثيقة الاستسلام.
لسنوات طويلة ، استمر الصراع في قراباغ وتسبب في خسائر فادحة في الأرواح البشرية من كلا الجانبين ولطالما كانت أذربيجان داعمه للحل السلمي من خلال رؤية فخامة الرئيس الواضحة، المبنية تباعا على اساس القانون الدولي نحو السلام والاحترام وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، الا ان سلسلة الاستفزازات من قبل أرمينيا أدت لتصعيد الوضع ، فقد كثفت أرمينيا من أنشطتها الاستطلاعية والتخريبية على طول خط المواجهة في أغسطس 2020 ، وفي 27 سبتمبر 2020 ، شنت هجومًا واسعًا على أذربيجان في قابله الجيش الأذربيجاني بهجوم عسكريً مضادً وواسع النطاق لضمان سلامة المدنيين. وكان هذا بمثابة بداية لحرب44 يوما ، ولقد واصلت أرمينيا بالرغم من هزيمتها استفزازاتها المتكررة متجاهلة لمبادئ القانون الدولي فما كان من أذربيجان الا ان قامت بالرد اللازم على هذه الاستفزازات وفي 19 سبتمبر 2023، بسطت أذربيجان سلطتها بالكامل على كافة أراضيها وكان ذلك في عملية محدودة كرست لمكافحة الإرهاب.
وبالنظر إلى ما يقارب من ثلاثة عقود من الاحتلال ، لا يسع المرء إلا أن يسلط الضوء على الدمار الهائل الذي لحق بالأراضي الأذربيجانية والذي بات مكشوفا الآن ليراه الجميع ، مما صدم شهود العيان من الصحفيين والسياح الذين زارو المنطقة بعد الحرب وقد صُدمو من هول الدمار الشامل للمدن والطبيعة ، والمعالم الثقافية والمدارس ، والمكاتب والمتاحف ودور السينما والمسارح ، والتراث الديني والثقافي والمقابر ، وحتى المساجد ودور العبادة لم تسلم من التدمير وتم تدنيسها ، وقد تم العثور في مناطق عديدة في قراباغ بعد تحريرها على عدد من المساجد التي تم احراقها وتحويلها إلى حظائر لتربية الأغنام والخنازير .
والأن تكتب أذربيجان سطورا جديدة من قصة تطور قراباغ ، حيث أن مفهوم فترة ما بعد الصراع الذي يتم تنفيذه بقيادة الرئيس إلهام علييف يقود أذربيجان من نصر إلى نصر فقد دخلت أذربيجان بعد نصرها العسكري حقبة جديدة وهي ماضية الأن لتثبت للعالم مرة أخرى بقدرتها على توفير ظروف السلام الدائم في المنطقة ، باعادة بناء أراضيها المحررة لجعلها صالحة للسكن ، والوفاء بعهدها الثابت لتامين عودة مواطنيها النازحين إلى ديارهم الأصلية ، بدأت المشاريع في المناطق المحررة منذ اللحظات الاولى لتحريرها وباشرت الحكومة باعادة الاعمار وحشد كل الإمكانيات المالية والفنية والموارد البشرية لتوطين مليون مواطن نازح ، و تم وضع حجر الأساس لمشاريع جديدة كبناء الطرق والأنفاق والجسور، وتشغيل مرافق البنية التحتية ، وشق الطرقات الحديثة مثل "طريق النصر” ، والعمل لإنشاء ثلاثة مطارات دولية في قراباغالمحررة وتم افتتاح مطارين في فضولي وزنجيلان على أحدث طراز في غضون عام وذلك ليس الأمر الذي يمكن لكل دولة فعله . كما أن سكة حديد هوراديز-أغباند والطريق السريع ، والتي تشكل الجزء الأذربيجاني من ممر زانجيزور هي قيد الإنشاء. كما صرح الرئيس إلهام علييف بأن أذربيجان تعتزم بناء مدن وقرى ذكية في قراباغ، مع احتفاظها بهويتها التاريخية والثقافية ، و بمبادرة من السيدة مهريبان علييفا النائب الاول لفخامة الرئيس ورئيسة مؤسسة حيدر علييف فقد باشرت بعد الحرب الوطنية في ترميم المعالم التاريخية والدينية في شوشا وغيرها من الأراضي المحررة حيث أعطت تلك المبادرة النبيلة دفعة قوية لأعمال البناء في قراباغ وشرق زانكجازور.
الا أنه لا تزال هناك توجد تحديات كبيرة ، فقضية تلوث الأراضي الأذربيجانية (المحتلة سابقا ) بالألغام الأرضية ما زالت معلقة، والرحلة شاقة وتتطلب الكثير من الجهود والالتزام وتضافر العمل الجماعي حيث لا يزال المدنيون الأذربيجانيون يعانون بشكل يومي من هذه الأزمة ، لا سيما لعدم وجود موثوقية لتلك الخرائط التي قدمتها أرمينيا ، حيث أن ما يقرب من 55٪ من تفجيرات الألغام في الأراضي المحررة حدثت في مناطق خارج الخرائط التي سلمتها أرمينيا.
وقد استضافت أذربيجان منذ نهاية الصراع في عام 2020، عدة مؤتمرات دولية مكرسة بموضوع الألغام الأرضية شاركت فيها جهات متنوعة لتعزيز الحوار وتبادل الخبرات وزيادة الوعي بالنسبة للتحديات التي تفرضها أزمة الألغام الأرضية ، و في عام 2023، وبمبادرة من فخامة الرئيس إلهام علييف، أنشأت حركة عدم الانحياز مجموعة اتصال للدعوة إلى إزالة الألغام للأغراض الإنسانية ، وتعزيز الجهود المنسقة لرفع الوعي العالمي وتسهيل تبادل الخبرات والاستفادة منها. وقدمت خلال الاجتماع الخامس عشر للأطراف المتعاقدة السامية في اتفاقية لاهاي لعام 1954 مبادرة لحماية الممتلكات الثقافية في حالة النزاع المسلح واعتمدت قرار "تأثير الألغام الأرضية على الممتلكات الثقافية"، كأول قرار في تاريخ اليونسكو يتناول على وجه التحديد التهديد الذي تشكله الألغام الأرضية ومخلفات الحرب على التراث الثقافي ،وأهمية تبادل المعلومات الدقيقة حول موقع الألغام الأرضية المنتشرة لضمان تطهيرها وحماية وصول أمن إلى الممتلكات الثقافية .
و اليوم يتم تنفيذ أنشطة إزالة الألغام في أذربيجان باستخدام أحدث التقنيات المتاحة في العالم وأكثرها تقدمًا وتُبذل الجهود لتعزيز القدرات الوطنية ، وقد أعلن مسؤولو الوكالة الحكومية الأذربيجانية لإزالة الألغام الحكومية (أناما) أن جهود "العودة الكبرى” للإقليم مستمرة،
ومن هذا المقام تناشد أذربيجان الدول الصديقة لتوحيد الجهود ومساعدتها للتغلب على مشكلة تلوث الألغام الأرضية ولبث الوعي والنهج الإنساني والإدراك التام لمدى خطورة الألغام الأرضية على البشرية ككل وقد مثل الأردن اللجنة الوطنية لإزالة الألغام وإعادة ، بالمؤتمر الدولي لإزالة الألغام للأغراض الإنسانية الذي عقد في أذربيجان تحت شعار «خفض أثر الألغام على البيئة: تعبئة الموارد لمستقبل آمن وأخضر بالتعاون مع الوكالة الأذربيجانية لإزالة الألغام والبرنامج الإنمائي الأممي ، بمشاركة دولية لأكثر من 75 بلدا.
ستبقى أذربيجان متمسكة بخيار السلام والتعاون والعدالة في علاقاتها الإقليمية والدولية، وقد اكد الرئيس الهام علييف أن أذربيجان مستعدة لفتح صفحة جديدة في علاقاتها مع أرمينيا على أساس الاعتراف المتبادل بسلامة الأراضي والسيادة ووقف نهائي للأعمال العدائية، واستئناف العلاقات الدبلوماسية ،وقد تم توقيع بيان مشترك بين أذربيجان وأرمينيا في البيت الابيض في آب 2025 برعاية الولايات المتحدة ، لتعزيز أجندة السلام والعلاقات بين الدول ، وحظي هذا القرار بترحيب واسع من عواصم عربية ودولية، ومن بين الدول التي رحبت بهذا القرار كانت المملكة الأردنية الهاشمية الداعم القوي في هذا الاتجاة ، وقد هنأ جلالة الملك عبدالله الثاني الرئيس إلهام علييف بمناسبة التوصل مع ارمينيا إلى اتفاق سلام ، وأكد على أهمية الاتفاق في تعزيز الأمن والسلم الدوليين،كما عبرت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين، عن ترحيبها بالتقدم الذي تم إحرازه في مفاوضات السلام بين جمهورية أذربيجان وجمهورية أرمينيا باتجاه التوقيع على اتفاقية سلام بين البلدين.وهذا الموقف ليس بالغريب على المملكة حيث تتسم سياستها الخارجية الحكيمة التي تنتهجها بقيادة جلالة الملك بمبدأ إرساء السلام والأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، وفي هذا السياق تثمن أذربيجان مواقف الأردن الداعمة والمساندة لموقف جمهورية أذربيجان من قضيته المصيرية في إطار المنظمات الدولية وقراراتها الصادرة ، حيث تنشط المملكة الأردنية في إطار المنظمات الدولية المرموقة وعلى رأسها الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي كونها عضواً فاعلاً ومؤثرا في المنطقة.
تلك هي قصة الكفاح الأذربيجانى ضد العدوان للوقوف على حقيقة الأوضاع التي عاشتها أذربيجان على مدار ليس فقط الأربعة والأربعين يومًا عمر المعركة الحربية الأخيرة، وإنما على مدار نحو ثلاثين عامًا اتخذت أذربيجان خلالها كافة الوسائل الممكنة للدفاع عن كرامتها وحماية أراضيها وبسط استقلالها على كامل ترابها
رحم الله أرواح الشهدء الأبطال الذين ضحوا بانفسهم وقدموا هذا النصر البطولي العظيم الذي سوف تبقى أذربيجان تعتز به وتسطر به صفحات تاريخها .




