في الشهر الماضي، أعلن الرئيس بايدن الانسحاب الكامل لجميع القوات الأمريكية من أفغانستان بحلول 11 من شهر ايلول، وهو الذكرى العشرين لليوم الذي قتل فيه الإرهابيون ما يقرب من 3000 أمريكي. يعارض كثيرون في دوائر الدفاع والاستخبارات هذه الخطوة. إن الانسحاب الكامل على أساس موعد نهائي اعتباطي، بدلاً من تقدير الظروف على الأرض، يهدد أمننا القومي على المدى الطويل. بعد كل شيء، ادى قرار الانسحاب السريع من العراق، وخلق فراغ في السلطة الى السماح للدولة الإسلامية بالنمو، وهو ما أجبرنا في النهاية على العودة إلى العراق، مما أدى إلى إطالة أمد الحرب. لا يمكننا أن نسمح للتاريخ أن يعيد نفسه.
إنه لمن الغباء الاعتقاد بأن طالبان ستنخرط بحسن نية مع الحكومة الأفغانية أو ستلتزم بالالتزامات التي تم التعهد بها للإدارة السابقة بعد مغادرتنا. رداً على إعلان الانسحاب، أعلنت حركة طالبان بشكل واضح أنها لن تشارك في مؤتمر سلام من المقرر أن يبدأ أواخر الشهر الماضي في تركيا ورفضت الالتزام بموعد في المستقبل، مما ينهي فعليًا عملية السلام الهشة بالاصل. من الواضح أن طالبان لا تريد السلام.
في الواقع، بعد انسحاب أمريكا، من المحتمل جدًا أن تحاول طالبان السيطرة على البلاد، مرة أخرى، مما يمنح أعداءنا مكانًا لشن هجمات خارجية ضدنا وضد حلفائنا. بدون وجود عسكري في البلاد، ستعطي الولايات المتحدة الضوء الأخضر لطالبان للتجول وممارسة القهر. كما اخبر ويليام ج. بيرنز، مدير وكالة الاستخبارات المركزية، لجنة المخابرات بمجلس الشيوخ في شهر نيسان، هناك «مخاطر كبيرة» مرتبطة بالانسحاب. اذ قال: «إن قدرة الحكومة الأمريكية على رصد التهديدات والتصرف بشأنها سوف تتضاءل. هذه هي الحقيقة ببساطة».
ومع ذلك، فقد تم اتخاذ القرار. لكن قبل اكتمال الانسحاب، يجب على إدارة بايدن التخفيف من مخاطره. نظرًا لأن مصادرنا على الأرض ستختفي قريبًا، يجب معالجة الثغرات الموجودة في جمع المعلومات الاستخبارية وشبكات مكافحة الإرهاب حتى نحتفظ بالقدرة على تحديد التهديدات والقضاء عليها قبل وصولها إلى شواطئنا. للقيام بذلك، يجب أن نضع اتفاقيات على وجه السرعة مع الدول المجاورة لتزويدنا بقدرات الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع.
ووعد السيد بايدن بأن المساعدة الإنسانية والإنمائية الأمريكية ستستمر. لتمكين موظفينا والمنظمات غير الحكومية التي لا تعد ولا تحصى التي نعمل معها لتقديم تلك المساعدة، يجب علينا الحفاظ على سلامتهم. إذا انزلقت البلاد مرة أخرى إلى حرب أهلية أو وقعت مرة أخرى تحت حكم طالبان، فإن الحفاظ على وجود السفارة وتوزيع المساعدة سيصبح شبه مستحيل. يجب على الإدارة أن تضع استراتيجية واضحة لحماية سفارتنا وموظفينا الدبلوماسيين وعمال الإغاثة.
يجب أن يقر الرئيس أيضًا بأن الانسحاب سيكون له عواقب وخيمة على النساء والفتيات الأفغانيات - وأن يعمل بجد لمنعه. على مدار العشرين عامًا الماضية، شجعنا النساء الأفغانيات على التقدم إلى الأمام كطالبات ومعلمات ومهنيات. لقد شجعهن وجودنا على فعل ذلك بالضبط. ولكن بدون وجودنا في البلاد، سيكون من الصعب حماية المكاسب التي حققتها المرأة في المجتمع الأفغاني وضمان حماية حقوق المرأة.
أخيرًا، لدينا التزامات تجاه آلاف الأفغان الذين دعمونا، بصفة أساسية كمترجمين فوريين لجيشنا. لقد وُعدوا بتأشيرات هجرة خاصة لإخراجهم بعيدا عن الأذى، لكن العديد منها لم يصدر بعد. ان طالبان تعتبرهم خونة: منذ عام 2014، كان هناك ما لا يقل عن 300 عملية قتل مستهدف لأشخاص عملوا معنا. وسيموت عدد أكبر إذا لم تتخذ الإدارة خطوات فورية لتسريع عملية إخراجهم بأمان.