شريط الأخبار
المستشفى الأردني “غزة 79” يستقبل أكثر من 21 ألف حالة ويجري 223 عملية تقرير عبري: الاستعدادات لضرب إيران اكتملت والهجوم سيكون كبيرا «تنشيط السياحة» نجاحات في استقطاب السياح من شمال أميركا لحظة رومانسية.. نجم أرسنال يعلن ارتباطه بشريكته الحسناء 6 مطاعم سياحية تغلق أبوابها في جرش .. والبقية أمام مصير مجهول القناة 12 الإسرائيلية: دوي انفجارات في حيفا وخليجها وساحل الكرمل خبراء: "بريكس" باتت بديلا عن النظام العالمي الغربي إسرائيل تدعي التحقيق بوفاة معتقل من حزب الله ردّ فعل رونالدو أثناء أداء لاعبي النصر الصلاة تثير تفاعلاً واسعًا أجواء خريفية لطيفة في أغلب المناطق حتى الأربعاء سجن 5 ناشطين سكبوا سائلاً أحمر في نافورة قصر باكنغهام جولة مرتقبة لبلينكن في الشرق الأوسط لتجديد المفاوضات الإعلامية الزغول تتحدى الاخوان المسلمين بسؤال سؤال إلى الإخوان المسلمين ..فيديو إعلام إسرائيلي عن استهداف منزل نتنياهو: صدمة هزت "إسرائيل".. وفشل أمني خطير إعلام إسرائيلي: استهداف منزل نتنياهو يثبت براعةً.. تهديد المسيّرات يتسارع ولا نلحق به نتنياهو: «حزب الله» ارتكب «خطأ فادحاً» بمحاولة اغتيالي الأردن يعرب عن تضامنه مع ماليزيا جراء فيضانات اجتاحت عدة ولايات فيها تقرير: إسرائيل تخطط لشن هجمات على إيران تؤدي إلى «إسقاط النظام» أمين عام العمل الإسلامي: الجزيرة أعلنت عضوية منفذي البحر الميت بالحركة الإسلامية لست انا

مجزرة أطفال «صندلة».. قتلت جيلاً كاملاً من أبنائها

مجزرة أطفال «صندلة».. قتلت جيلاً كاملاً من أبنائها

القلعة نيوز :

صندلة هي ابنة المرج، مرج ابن عامر، تقع عند خاصرته الشرقية - الجنوبية، وتعتبر القرية تاريخيا من قضاء جنين، المدينة التي تبعد جنوبا عن صندلة بما لا يزيد على مسافة طلقة مدفع (7 كم)، بحسب ما قاله جنود مدفعية الجيش العراقي لأهل القرية، أثناء وجودهم فيها في حرب النكبة.

كانت صندلة مُزَنَّرة بقرى القضاء، منها من اقتلعها الصهاينة في عام النكبة، مثل قرية المزار شرقا، ونورس إلى الشرق الشمالي، تفصلهما عن صندلة أراضي تخم المزار، ووادي الشيخ الذي كان ينحر السهل، ليهدر منه ماؤه، ممتدا حتى الوادي الكبير جنوبا عند قرية عربونة، ثم ليلتف الوادي حتى الجهة الغربية من صندلة عند منطقة اسمها المصّايات. إلى الجنوب مباشرة تقع قرية الجلمة، بينما المقيبلة القرية التوأم لصندلة إلى ناحية جنوب - غرب، والباقية معها ضمن حدود أراضي الـ48 إلى يومنا هذا.

عدد سكان صندلة في عام النكبة، لم يكن يزيد عن 250 نفرا، قرية صغيرة يعرف أهلها بعضهم بعضا، إلى حد يعرفون فيه الطفل الذي في اللفاع هو ابن مَن. اليوم لا يتجاوز تعداد سكان صندلة 1800 نسمة، بعد أن قطعت قنبلة في الطريق، الطريق على حياة جيلٍ كامل من أولاد وبنات القرية.

وحسب تقرير خاص بـ»عرب48» أعدّه علي حبيب الله، في السابع عشر من أيلول سنة 1957، وتحديدا عند الساعة الثانية بعد الظهر، وفيما أهالي صندلة كانوا بيادرية (يعملون على البيدر) يذرون غلالهم على بيادر القرية، دوى في مسامعهم دوي انفجار، هز كل بيوت صندلة الطينية، التي تساقط منها التراب عن التبن فيها، على حد تعبير الحاج مصطفى العمري «أبو ناظم».

كان ذلك الدوّي، صوت انفجار قنبلة خلّفت أكبر مجزرة أطفال في تاريخ فلسطين الحديث، 15 شهيدا وشهيدة وثلاثة جرحى من أولاد وبنات مدرسة القرية، لم يتجاوز أكبرهم الثالثة عشرة، بينما معظمهم كان بين سنيّ الثامنة والتاسعة.

لم يكن يعرف أطفال صندلة شيئا عن القنابل، ففي أثناء عودتهم من مدرستهم «التتر»، التي كانت تقع على طريق صندلة - المقيبلة، مشيا على الأقدام. استوقف بعضهم، جسمٌ حديدي مُستدير، مُلقى على جانب الطريق، اقتربوا منه جميعا، وحاولوا تقاذفه، فتقاذفتهم القنبلة أشلاء على تراب السهل. نجمة العُمري، وهي أخت لثلاثة من الأطفال الشهداء، طالب وغالب وآمنة، كانت من أوائل الذين وصلوا إلى موقع الانفجار. مشهدٌ تقشعّر له الأبدان، جيل كامل من أبناء القرية، كان قد ترذذ دما، وتبعثر لحما على تراب مرج ابن عامر، وأمهات صراخهن كان مسموعا من جبال فقوعة، يرقصن بأشلاء أبنائهن من هول الفاجعة، بينما راحات أكفهن ظلت موشومة على خدودهن وصدورهن بدم أطفالهن لأيام.

في ذلك الحين، من سنوات الخمسينيات، كانت صندلة ترزح تحت وطأة الحكم العسكري الذي استمر ما بين عامي 1948 - 1966. إضافة إلى ذلك، اعتبرت القرية منطقة عسكرية مغلقة، لا يخرج الأهالي منها ولا يدخلون إليها إلا بتصريح عسكري.

لم تكترث الدولة العبرية، لموت 15 طفلا وطفلة، من أبناء صندلة في ذلك اليوم، واستمر عمل نظام نقطة الأمن على مدخل القرية، كما لو أن شيئا لم يحدث، بل منعت كل من حاول الوصول للقرية. بعض الأطفال الشهداء، جُمعت أشلاؤهم على عجل في أكياس من موقع الانفجار، ودُفنت بنفس اليوم، والتي كانت تعود لثمانية أطفال. بينما دُفن باقي الأطفال الشهداء، الذين بقيت جثثهم أقل تشوّها، في اليوم التالي والذي يليه.

لم تنظم مراسيم جنازة رسمية أو جماعية للشهداء الأطفال، كانت كل أسرة تحمل جثمان طفلها أو طفلتها أو ما تبقى منه/ا، إما بكيس أو بحضن والده أو والدها، وتدفنه على حدة، بعضهم دفن ابنه أو ابنته في الليل. كما لم يُفتح أي تحقيق في الحادث، سوى مُعاينة عابرة قامت بها قوات الجيش لموقع الانفجار، وقد أُغلق الملف على «حيفتس حشود - بسبب جسم غريب».

حتى ميسر محمود العمري، الناجية من بين ثلاثة أطفال نجوا من الانفجار، نُقلت وقتها إلى مستشفى العفولة، ومن هناك نُقلت إلى مستشفى حمزة (رمبام) في حيفا. بُترت ساقها من الغليظ على حد تعبير الحاج «أبو ناظم»، ولما جاء والدها لإخراجها من المستشفى إلى البيت، لم تأذن له إدارة المستشفى بذلك، قبل أن يدفع كامل تكاليف العلاج، التي لم تكن صندلة كلها تقدر على دفعها. عاد أبوها إلى البيت بدونها، إلى أن تدخل بعد أيام محامٍ إسرائيلي من حيفا، استطاع إخراجها للبيت.

حدثت مجزرة أطفال صندلة، لكنْ كثيرون من أبناء شعبنا لم يعرفوا عنها إلا متأخرا، فلماذا وقعت المجزرة من ذاكرتنا نحن فلسطينيي الداخل على الأقل؟! مع العلم أن مجزرة كفر قاسم قد حدثت قبلها بعام وفي نفس الشهر، أيلول 1956.

في قلوب أبناء قرية صندلة حسرة وجراح لا تمحوها أيّ تفاصيل جديدة منذ أن وقعت المجزرة في السابع عشر من أيلول/ سبتمبر في العام 1957، مخلفة 15 طفلاً شهيدًا وثلاثة جرحى، لا يزال أحدهم مقعدًا، يبكي المشهد الذي يرافقه مدى الحياة.

ربما تفسر ظروف تلك المرحلة، المتصلة بالحكم العسكري على البلاد، الخوف أو الإرباك الذي خيّم على أهالي قرية صندلة بعد المجزرة، فالقرية كانت صغيرة، ومطوقة بأجهزة الأمن لوقوعها ضمن منطقة عسكرية مغلقة. كما أرغمهم الصهاينة على الصمت في حينه، إلى حد ابتزازهم بورقة ترحيلهم من قريتهم، إلى موقع آخر بالقرب من قرية شّعب في الجليل، بحسب عاهد عمري «أبو يوسف».

عن موقع»عرب48»