مع اقتراب العشر الأواخر من رمضان يستعد المسلمون في أنحاء العالم لترقب وتحري ليلة القدر رجاء الظفر بأجرها وثوابها وإجابة الدعاء فيها،فقد قال الله تعالى في سورة سميت باسمها: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} قال الإمام الرازي: "وَاعْلَمْ أَنَّ مَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا عَبَدَ اللَّهَ تَعَالَى نَيِّفًا وَثَمَانِينَ سَنَةً، وَمَنْ أَحْيَاهَا كُلَّ سَنَةٍ فَكَأَنَّهُ رُزِقَ أَعْمَارًا كَثِيرَةً"، بل يرى بعض المفسرين أن فضل ليلة القدر يتجاوز الألف شهر، وأن العدد في الآية لا مفهوم له، وإنما قُصد به التكثير، بدليل أنه تعالى قال: خير من ألف شهر، ولم يقل كألف شهر. ولا يتخيل أحدٌ من المسلمين أن عملاً أو ليلةً تفضُل، أو تساوى ليلة القدر في منزلتها وأجر العبادة فيها؛ وقد وجدتُ حديثين صحيحين يُثبتان فضلاً وثواباً لليلةٍ أخرى عن ليلة القدر، الحديث الأول: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنَّه كان في الرِّباط ففزعوا إلى السَّاحل، ثم قيل.. لا بأس، فانصرف النَّاس وأبو هريرة واقف، فمرَّ به إنسانٌ فقال: ما يُوقِفُك يا أبا هريرة؟! فقال: سمعتٌ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "موقِفٌ ساعةٍ في سبيل الله خيرٌ من قيام ليلة القدر عند الحجرِ الأسود". أخرجه ابن حبان، والبيهقي،. ويلاحظ هنا أن الحديث يقرر أن فضل الساعة في سبيل الله خيرٌ من قيام ليلة القدر عند الحجر الأسود يعني: في الحرم المكي الشريف، ومعلوم أن الصلاة فيه بمئة ألف صلاة. بينما الحديث يقطع بأن الساعة في سبيل الله خير من قيام ليلة القدر عند الحجر الأسود. الحديث الثاني: عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِلَيْلَةٍ أَفْضَلَ مِنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ. حَارِسٌ حَرَسَ فِي أَرْضِ خَوْفٍ، لَعَلَّهُ أَنْ لَا يَرْجِعَ إِلَى أَهْلِهِ والحديثان يصححان مفهوماً مغلوطاً عند كثير من المسلمين وهو نفي فكرة الخلاص الفردي للمسلم، وانعزاله عن الشأن العام للأمة والإنسانية عموما فالإحياء الفردي لليلة القدر أقل أجراً وثواباً من الحراسة في سبيل الله لأن الأثر والنفع يعود في الأول على الفرد الفاعل، وفي الثاني يتجاوز ويتعدى الفاعل إلى الأمة كلها. وفي ظل جائحة كورونا نحتاج إلى تفعيل هذه الأحاديث لتعود الفاعلية والحركية للمسلم ليأخذ زاداً رُوحياً باعتكافه وتهجده يُعينه ويأخذ بيده إلى حمل هموم أمته وتكثير المواقف والساعات في سبيل الله والحركة العامة في سبيل الله تحتاج أن تُسبق ببناءٍ روحي متين بل إن الصلة الوثيقة بالله وصفاء والروح والنفس تدفع صاحبها إلى الرباط في سبيل الله يؤكده حديث ابن ابن عباسٍ - رضي الله عنهما - قال: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «عينانِ لا تمسُّهما النار: عينٌ بكَت من خشية الله، وعينٌ باتَت تحرُسُ في سبيل الله»؛ رواه الترمذي بإسناد هنا نقول تحية إلى الجباه المبللة بعرق العطاء تحية الى الكادحين والمكافحين تحية الى العيون الساهرة والنفوس الطاهرة التي تحرس الوطن وهمها الاوحد الوطن وسلامة ابنائه تحية لمن لا يحتاجون الى جوائز وكلمات شكر بل يحتاجون الى اهتمام ونقاء ضمير من أبناء الوطن ودعمهم للحفاظ على الوطن يد بيد. الدكتور عبدالحليم العواملة عمان في 19/5/2020
هنيئا لحماة الوطن بليلة القدر
مع اقتراب العشر الأواخر من رمضان يستعد المسلمون في أنحاء العالم لترقب وتحري ليلة القدر رجاء الظفر بأجرها وثوابها وإجابة الدعاء فيها،فقد قال الله تعالى في سورة سميت باسمها: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} قال الإمام الرازي: "وَاعْلَمْ أَنَّ مَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا عَبَدَ اللَّهَ تَعَالَى نَيِّفًا وَثَمَانِينَ سَنَةً، وَمَنْ أَحْيَاهَا كُلَّ سَنَةٍ فَكَأَنَّهُ رُزِقَ أَعْمَارًا كَثِيرَةً"، بل يرى بعض المفسرين أن فضل ليلة القدر يتجاوز الألف شهر، وأن العدد في الآية لا مفهوم له، وإنما قُصد به التكثير، بدليل أنه تعالى قال: خير من ألف شهر، ولم يقل كألف شهر. ولا يتخيل أحدٌ من المسلمين أن عملاً أو ليلةً تفضُل، أو تساوى ليلة القدر في منزلتها وأجر العبادة فيها؛ وقد وجدتُ حديثين صحيحين يُثبتان فضلاً وثواباً لليلةٍ أخرى عن ليلة القدر، الحديث الأول: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنَّه كان في الرِّباط ففزعوا إلى السَّاحل، ثم قيل.. لا بأس، فانصرف النَّاس وأبو هريرة واقف، فمرَّ به إنسانٌ فقال: ما يُوقِفُك يا أبا هريرة؟! فقال: سمعتٌ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "موقِفٌ ساعةٍ في سبيل الله خيرٌ من قيام ليلة القدر عند الحجرِ الأسود". أخرجه ابن حبان، والبيهقي،. ويلاحظ هنا أن الحديث يقرر أن فضل الساعة في سبيل الله خيرٌ من قيام ليلة القدر عند الحجر الأسود يعني: في الحرم المكي الشريف، ومعلوم أن الصلاة فيه بمئة ألف صلاة. بينما الحديث يقطع بأن الساعة في سبيل الله خير من قيام ليلة القدر عند الحجر الأسود. الحديث الثاني: عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِلَيْلَةٍ أَفْضَلَ مِنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ. حَارِسٌ حَرَسَ فِي أَرْضِ خَوْفٍ، لَعَلَّهُ أَنْ لَا يَرْجِعَ إِلَى أَهْلِهِ والحديثان يصححان مفهوماً مغلوطاً عند كثير من المسلمين وهو نفي فكرة الخلاص الفردي للمسلم، وانعزاله عن الشأن العام للأمة والإنسانية عموما فالإحياء الفردي لليلة القدر أقل أجراً وثواباً من الحراسة في سبيل الله لأن الأثر والنفع يعود في الأول على الفرد الفاعل، وفي الثاني يتجاوز ويتعدى الفاعل إلى الأمة كلها. وفي ظل جائحة كورونا نحتاج إلى تفعيل هذه الأحاديث لتعود الفاعلية والحركية للمسلم ليأخذ زاداً رُوحياً باعتكافه وتهجده يُعينه ويأخذ بيده إلى حمل هموم أمته وتكثير المواقف والساعات في سبيل الله والحركة العامة في سبيل الله تحتاج أن تُسبق ببناءٍ روحي متين بل إن الصلة الوثيقة بالله وصفاء والروح والنفس تدفع صاحبها إلى الرباط في سبيل الله يؤكده حديث ابن ابن عباسٍ - رضي الله عنهما - قال: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «عينانِ لا تمسُّهما النار: عينٌ بكَت من خشية الله، وعينٌ باتَت تحرُسُ في سبيل الله»؛ رواه الترمذي بإسناد هنا نقول تحية إلى الجباه المبللة بعرق العطاء تحية الى الكادحين والمكافحين تحية الى العيون الساهرة والنفوس الطاهرة التي تحرس الوطن وهمها الاوحد الوطن وسلامة ابنائه تحية لمن لا يحتاجون الى جوائز وكلمات شكر بل يحتاجون الى اهتمام ونقاء ضمير من أبناء الوطن ودعمهم للحفاظ على الوطن يد بيد. الدكتور عبدالحليم العواملة عمان في 19/5/2020