شريط الأخبار
وزير الداخلية يعلن اطلاق خدمة الشهادات الرقمي مطلع الشهر المقبل وزير الداخلية مازن الفراية يلتقي المدير الاقليمي للمنظمة الدولية للهجرة سوريا .. تجميد الحسابات البنكية لشركات وأفراد مرتبطين بالأسد وزير الصناعة : دعوة لتعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية مع سوريا ‏الصفدي: تلبية حقوق الفلسطينيين في الحرية والدولة المستقلة هو أساس السلام. الأمير الحسن يختتم زيارة عمل إلى الكويت ولي العهد: سعدت بتمثيل الأردن ولي العهد يلتقي المستشار المؤقت لجمهورية النمسا ولي العهد يبحث سبل التعاون مع شركات عالمية لدعم أهداف المجلس الوطني لتكنولوجيا المستقبل ولي العهد يبحث سبل تعزيز التعاون مع المنظمة العالمية للملكية الفكرية ولي العهد يلتقي في دافوس عمدة الحي المالي لمدينة لندن الملك يبحث هاتفيا مع مستشار الأمن القومي الأمريكي سبل تعزيز الشراكة الاستراتيجية عاجل: المحافظ أبو الغنم يوعز بشن حملات واسعة لمواجهة ظاهرة التسول في المفرق ولي العهد يلتقي الرئيس السنغافوري في دافوس تعميم هام من رئيس الوزراء حول صرف مكافآت اللجان الحكومية إرادة ملكية سامية بالموافقة على قانون الموازنة العامة للسنة المالية 2025 "حماس" تنشر أهم النقاط التالية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة نساء مؤثّرات في حياة دونالد ترمب... من أمّه العاملة المنزلية إلى محاميته العراقية «حماس»: السماح بحرية التنقل بين جنوب قطاع غزة وشماله من السبت محمد بن سلمان وترمب يناقشان توسيع الشراكة بين بلديهما

واشنطن في خدمة اقتصاد حزب الله

واشنطن في خدمة اقتصاد حزب الله

القلعة نيوز : غسان سعود
منذ نحو عام بدأت تظهر نتائج تضييق الخناق الأميركي على الاقتصاد اللبناني؛ بالمبدأ لم يكن المُستهدف هو الدولة اللبنانية إنّما حزب الله، لكن تجربة 1982 – 2018 رسّخت قناعة واشنطن بأنّ محاصرة حزب الله مستحيلة ما لم يُحاصَر لبنان كله. وفي أكثر السيناريوهات الأميركية تفاؤلاً، كان هناك من يسوّق أنّ الأم التي لن تتمكّن من شراء الحليب لأولادها ستهرع الى الشارع لشتم حزب الله "كونه المسؤول عما وصلنا إليه”. واذا تزامن هذا كله مع تهويل بالعقوبات على حلفاء الحزب الأقربين والأبعدين، فإنّ الحزب سيكون أمام عزلة غير مسبوقة من جهة وانهيار شامل تحته وحوله من جهة أخرى. وهكذا اعتمد الأميركيون 4 مسارات: المسار الأول يضع حداً لموارد المصارف اللبنانية التاريخية من عمليات تبييض الأموال، حيث التزمت المصارف بجميع الضوابط الأميركية في ما يخصّ تحويل الأموال، ولم يعد يمكن لأيّ رجل أعمال لبناني تحويل الأموال دون تبيان مصدرها الحقيقي. المسار الثاني قضى بخفض الكتلة النقدية المتداولة في السوق بالدولار عبر هندسات رياض سلامة المالية، التي دفعت المصارف إلى التهافت على سحب كل دولار ممكن الوصول إليه سواءً في خزائنها أو بيوت المودعين لإعطائه لسلامة، والحصول في المقابل على مزيد من الأموال الوهمية. المسار الثالث، منع تدفق أيّة أموال محتمل ورودها سواءً قروض أو استثمارات في البنية التحتية أو من النفط. المسار الرابع، إقفال الحنفيات التي تقطّر بعض الدولارات كالسياحة وغيرها، عبر إيجاد الذرائع اللازمة لحث كل ما يمكن من شعوب على مقاطعة بيروت.
وعليه دخل البلد في نفق الانهيار الطويل. لكن المفارقة أن ح. الله لم يحاول ابدا مصارعة الأميركيين او مجابهتهم او التصدي لهم، إنما وضع جانبا هذا كله وركز على كيفية التعايش مع هذه الحرب و... الاستفادة منها. وفي خلفية رأسه، تكرار للسيناريو العراقي حيث خاضت الولايات المتحدة المعارك وربحت إيران النفوذ. واذا تمعن الأميركيون قليلا في المشهد اللبناني ماذا سيرون اليوم: اولا، انهار القطاع المصرفي الذي كان مسيحيا قبل الطائف ثم صار برأسماله وكبار موظفيه مسيحيا - سنيا بعد الطائف. وبالتالي دمرت اميركا مالية جميع المكونات الطائفية، خصوصا البطريركية المارونية والرهبانيات ودور الافتاء، فيما مالية حزب الله آمنة مستقرة بعيدا عن المصارف.
ثانيا، انهار قطاع الاستيراد والتصدير الشرعيين، الذي كان مسيحيا قبل الطائف، ثم صار مسيحيا - سنيا بعد الطائف. وهو قطاع حكمته لعقود امبراطوريات احتكارية لها نفوذها الكبير في الأصرح الدينية. وبموازاة انهيار هذا القطاع سجل صعود استثنائي لقطاع الاستيراد والتصدير غير الشرعي الذي كان سنيا شيعيا منذ سنوات لكن قوافل البقاع تجعله شيعيا بامتياز اليوم. وهو ينقل كل مقاليد التجارة من مكان إلى آخر، مغنيا بيئة حزب الله على حساب البيئات الأخرى. وهذه تعتبر خدمة ثانية من واشنطن لحزب الله.
ثالثا، انفضاح مجموعة الصناعيين، المسيحيين بامتياز، الذين باعوا لعقود وهما كبيرا بآنهم يُصنّعون فيما هم يستوردون بالبراميل ثم يعيدون التفريغ والتوضيب، ويمهرون العلب الصغيرة بختم صنع في لبنان. ليتبين اليوم ان جميع منتوجاتهم تصنع خارج لبنان ويعاد تعليبها في لبنان. والصناعة بالنسبة لهم تحايل كبير وتهرب ضريبي هائل. هؤلاء كانوا يوزعون فتات الفتات على الجمعيات والمواقع الإلكترونية ودور العبادة في مجتمعهم، لكنهم ينكفئون اليوم ليزداد البؤس بؤسا.
رابعا، انهيار كامل للقطاع الخاص وصل حتى آخر القلاع المتمثلة بالمؤسسات السياحية حيث العمال من جميع الطوائف طبعا، لكن أرباب العمل مسيحيين بأغلبهم. وهو ما سيفضي الى زوال اخر قشرة من الاقتصاد المسيحي التاريخي. وهنا ثمة قطاعين أساسيين انتهيا أيضا هما تجارة السيارات الجديدة والقديمة، وقطاع البناء من المهندسين وتجار الحديد والالمنيوم والزجاج الى المفروشات. اي تجوال سريع على الاوتوستراد بين جبيل والدورة يبين من كان يقود هذه القطاعات وأية نهاية يواجه اليوم. مع العلم ان المجتمع المسيحي خسر الكثير من حرفييه وميكانيكييه لمصلحة التجار فيما تشهد المجتمعات الأخرى اقبالا كبيرا ممن باتوا يريدون أن يصلحوا سياراتهم او مفروشاتهم بدل أستسهال تبديل القطع او رميها وشراء أخرى.
خامسا، انهيار قيمة الأجور وتعويض نهاية الخدمة. فرغم تراجع جاذبيتهما قليلا في الأعوام القليلة المقبلة، لكنهما بقيا أساسيين جدا لفرد على الاقل في كل بيت مسيحي وسني. وقد بذلت بعض الجمعيات والاحزاب المسيحية جهداً كبيراً لاقناع الشباب بالتقدم إلى الوظيفة العامة، غير أن ذلك سيكون مستحيلا اليوم، ويكفي ان تسمح القوى الأمنية بالاستقالة من السلك لتسمعوا أرقاماً خيالية.
سادسا، شحّ الدولار لدى جميع المكونات اللبنانية بإستثناء ذلك "البلوك" الكبير جدا المكون من المتفرغين في حزب الله، حيث عمدت غالبية الجمعيات والمؤسسات والشركات إلى إيجاد مخارج للاستعاضة عن الدفع بالدولار بعملة أخرى، بإستثناء ح. الله الذي يواصل توزيع "فريش دولار" من مصادر لا تنضب. وفي ظل انهيار العملة الوطنية بات من يقبض مئة دولار في الحزب اشبه بمن يقبض 400، َومن يقبض 1000 اشبه بمن يقبض 4000.
أما الأهم من هذا كله فهو التنظيم. الحزب المنظم يحسب ويتحسب، بخلاف المجموعات الأخرى وبخلاف الدولة المركزية، وبخلاف كل شيء آخر: إذا انقطع البنزين غدا، سوف لن يتمكن الموظفون في السفارة الأميركية من إنارة لمبة في مكاتبهم لأنهم لا يتحسبون، حالهم من حال لبنان كله، بإستثناء حزب الله. فها هي تسريباته تتحدث عن مخزون نفطي مخبأ في الأراضي السورية يكفي المولدات والسيارات في مناطق نفوذه لخمس سنوات أقله. حلول التزود بالإنترنت في حال انقطاع الإنترنت الرسمي جاهزة أيضا. اما الغذاء، فها هي مخازن النور توثق ببطاقاتها يوميا ان ما من شيعي سيذل ليحصل على المواد الغذائية الأساسية، علما ان ممرات الغذاء وكل الأساسيات باتت محاطة بحماية اكبر من ممرات الصواريخ. ولا شك ابدا ان من يدقق بحركة التجارة سيكتشف نزوحا هائلا من جميع المناطق نحو الضاحية التي كان مجمع قاروط اول من يستقطب الزوار المسيحيين والسنة والدروز اليها لتسوق الاساسيات، فيما بات هناك الف قاروط اليوم يبيعون جميع أشكال وألوان المنتجات الغذائية والاستشفائية والبنائية والديكورية والرياضية والكهربائية والتكنولوجية بأسعار ارخص من جميع السوبرماركت والأسواق في المناطق الأخرى، بما في ذلك طرابلس. وعليه فإن بيئة ح. الله التي كان يفترض بالخناق الاقتصادي ان يدفعها إلى الثورة عليه، إنما تشعر اليوم بالاوضاع الصعبة، لكنها تعلم أن وضعها افضل من جميع المكونات الأخرى رغم الأوضاع الصعبة. ومن يفترض بهم ان يثوروا اليوم ضد الحزب يقصدونه للحصول على بطاقات الدعم الغذائي والاستشفائي، فالضاحية أقرب لهؤلاء من واشنطن وهم يعلمون ان ما يمكن أخذه بالسلم من حزب الله اكثر بكثير مما يستحيل أخذه بالحرب..