واكد النابلسي على ان منظومة الأمن الغذائي العالمي تحتاج منا الى المزيد من الجهد للحفاظ على استقرار الاسواق والحفاظ على معدلات متوازنة في ارتفاع الأسعار، لتجنب الزيادة الجنونية التي قد تشهدها بعض السلع الاساسية، وهذا ما شهدناه منذ مطلع العام الحالي، من ارتفاع لأسعار (الحبوب والزيوت والسكر) والذي ساهم في زيادة تكلفة المواد الخام والتي تدخل في مكونات الكثير من السلع الغذائية المصنعة، لتصل نسبة الارتفاع في مؤشر الاسعار إلى 7.8٪ على أساس سنوي، وكذلك الارتفاع في اسعار الذرة الصفراء والصويا ادى الى ارتفاع كبير في اسعار اللحوم البيضاء والحمراء، وكذلك مشتقات الالبان.
وأعرب النابلسي عن قلقه تجاه هذه المؤشرات التي أحدثت حالة من التخوف لدى المستوردين والتجار، مما سينعكس بشكل مباشر على الوفاء بالتزاماتهم تجاه الأسواق، والعقود الآجلة التي يبرمونها مع عملائهم.
وقال النابلسي لقد بدأت موجة الارتفاع وعدم الاستقرار في الاسواق منذ الربع الأخير من العام الماضي، حيث شهدت اسعار الزيوت ارتفاعاً غير مسبوق ليصل ارتفاع أسعار بعضها الى 100%.
وعزا النابلسي ارتفاع الاسعار الى عدة اسباب:
- مشاكل الإمداد وارتفاع كلف الشحن الدولي
- القرارات التي اتخذتها بعض الدول المنتجة للمحاصيل الزراعية بخفض الصادرات او فرض رسوم تصدير عالية عليها
- التغير المناخي الذي ادى الى تراجع غزارة الانتاج بسبب شح الامطار، مما أثر بشكل مباشر على كميات الإنتاج الزراعي.
- زيادة الطلب في الاسواق العالمية على بعض السلع الرئيسية فعلى سبيل المثال لا الحصر؛ فقد أدى استخدام زيوت النخيل في الدول المنتجة له كاندونيسيا وماليزيا في الوقود ، وزيادة الطلب على الزيوت في الهند والصين، وتراجع انتاج الذرة في البرازيل الى ارتفاع اسعار الزيوت في العالم، مما زاد الطلب على الزيوت البديلة كزيت عباد الشمس، الذي ارتفع بشكل غير مسبوق، هذا بالاضافة إلى الأضرار التي لحقت بالمحاصيل الزراعية في فرنسا وبعض الدول الاوروبية، اضافة الى تخوف الكثير من البلدان المنتجة بسبب جائحة كورونا، ولجوئها الى التخزين.
وقال النابلسي ان الإحصائيات الصادرة من منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة "الفاو"، وحسب تقارير " بلومبرغ" فان ارتفاع اسعار الغذاء العالمية وصل الى اعلى المستويات في ابريل الماضي منذ 7 سنوات، حيث يلاحظ ان النمو بلغ 1.7% مقارنة بشهر مارس، و30.8% مقارنة بعام 2020 وهذه المؤشرات تنذر بمخاطر كبيرة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار معدل ارتفاع الاسعار مقارنة بدخل الفرد، وخصوصاً في الدول التي يعاني افرادها من تدني الدخل.
وتابع النابلسي انه وبحسب الفاو فقد ادى ارتفاع اسعار المواد الغذائية الى اضعاف القدرة الشرائية في وقت تكافح فيه دول العالم جائحة كورونا، في حين حذر الكثير من الخبراء من حدوث مجاعة في بعض البلدان الفقيرة نتيجة هذا الارتفاع المجنون، وقد سبق للأمم المتحدة انها اعلنت ان 155 مليون شخص من 55 دولة عانوا من عدم الامن الغذائي في عام 2020 الذي ارتفع بشكل ملحوظ عن السنوات الماضية.
ونوه النابلسي الى أمر في غاية الاهمية، الا وهو التأثير الكبير الذي قد يحدث نتيجة ارتفاع اسعار المحاصيل الزراعية الرئيسية في العالم على اقتصاديات الدول والصناعة والمستهلك على حد سواء؛ وان ارتفاع المواد الخام الزراعية التي تدخل في الصناعات الغذائية، سينعكس على معظم المواد الغذائية المصنعة، نتيجة الزيادة في تكاليف المواد الخام الذي ينتج عن ارتفاع المحاصيل الزراعية، وان هذا الامر يضع الدول في مكانة حرجة لتحقيق الامن الغذائي لشعوبها، ويحمل اقتصاداتها المزيد من الاعباء.
وشدد النابلسي على ضرورة اتخاذ إجراءات احترازية من الدول التي تعاني قلة الانتاج الزراعي لتحقيق الأمن الغذائي، واتباع استراتيجيات واضحة المعالم لاجل هذه الغاية، بوضع خطط تساهم في الحد من الآثار التي قد تحدث نتيجة ارتفاع اسعار المواد الغذائية.
وفي نهاية حديثه، أشار النابلسي ان مؤشر سلة الغذاء يتكون من 5 فئات هي اللحوم، والحبوب، والسكر، والخضروات، ومنتجات الألبان حيث شهدت معظم هذه السلع ارتفاعاً منذ صيف العام الماضي، وما زال العديد من السلع يشهد نمواً وارتفاعاً في الاسعار قبل موسم الحصاد القادم، وذلك بسبب شح إنتاج بعض الأصناف من ناحية وازدياد الطلب على هذه الاصناف والأصناف البديلة لها.