القلعة نيوز :
الرياض- شرعت السعودية امس الاثنين بطرح صكوك مقومة بالريال وسط تأرجح عائد سندات الخزانة العشرية للولايات المتحدة الأمريكية، الذي أصبح في الغالب يتداول دون 2 في المائة.
يأتي الطرح المحلي لحكومة المملكة من الصكوك الادخارية في الوقت الذي ارتفع فيه العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 أعوام لأعلى مستوى منذ 2019 خلال منتصف شباط (فبراير).
ويسترشد المتعاملون في أسواق الدين في السعودية بحركة عوائد آجال الاستحقاق المتباينة لسندات الخزانة وذلك خلال تقييمهم لأسعار شرائح الصكوك المطروحة خلال المزاد الشهري.
وجاء تراجع العائد على سندات الخزانة الأمريكية العشرية منذ أواخر شباط (فبراير)، بعد تسجيل ارتفاع حاد في وقت سابق من التداولات، بفعل التطورات العسكرية في شرق أوروبا.
وأظهر رصد وحدة التقارير في صحيفة «الاقتصادية» - نشرته أمس الأول - أن العائد على سندات الخزانة الامريكية يشهد حاليا فترة تقلبات يومية كبيرة وتأرجح واضح في العائد، غير أن مستوى العائد، خلال الأيام الماضية، بشكل عام يميل نحو الهبوط، وهو أمر يعد إيجابيا لجهات الإصدار الخليجية.
وحتى الآن فهناك وفرة بتكلفة التمويل لجهات الإصدار الخليجية تراوح ما بين 20 إلى 30 نقطة أساس وذلك بسبب توجه المستثمرين للأصول الآمنة مثل سندات الخزانة. فعلى سبيل المثال، العائد الخاص بالسندات العشرية للحكومة الأمريكية كان يتداول منذ أقل من أسبوعين فوق 2 في المائة، أما الآن فالعائد يتداول عند منطقة 1.84 في المائة.
الديون الخليجية القائمة
ارتفعت نسبة الديون الخليجية القائمة في الأسواق العالمية، بنهاية العام الماضي بنسبة 10.69 في المائة على أساس سنوي، لتصل بذلك إلى 538 مليار دولار مقارنة مع الفترة نفسها من 2020 عندما كانت تقف عند 486 مليار دولار، وذلك بحسب رصد وحدة التقارير في صحيفة «الاقتصادية»، التي استندت إلى بيانات وحدة أدوات الدخل الثابت لبنك أبوظبي الأول.
ويقصد بأدوات الدخل الثابت القائمة إصدارات السندات والصكوك التي تم إصدارها في الأعوام الماضية ولم يحن أجل إطفائها. وارتكزت البيانات على ما تم إصداره من أدوات دين وذلك بغض النظر عن نوع العملة التي تم إغلاق الإصدار الأصلي بها.
وكان الداعم الأساسي لزيادة المعروض من الديون الخليجية هو الإصدارات السيادية من حكومات المنطقة التي بلغت 249.9 مليار دولار، أي أنها تشكل 46 في المائة من إجمالي ديون المنطقة القائمة.
إلا أن الملاحظ أن نسبة الديون السيادية، من إجمالي الإصدارات الخليجية، قد سجلت أول انخفاض لها منذ أكثر من أربعة أعوام - انخفضت من 48.4 في المائة خلال 2020 إلى 46 في المائة خلال 2021 - وذلك لمصلحة أدوات الدين التابعة للشركات التي تحظى بملكية حكومية عالية حيث ازدادت حصة الشركات من 24.4 في المائة إلى 27 في المائة بنهاية 2021.
من ناحية أخرى، أشارت منصة «ريد»، المتخصصة بالتحليلات المتعمقة عن أدوات الدخل الثابت بالأسواق الناشئة، إلى أن إحدى الشركات السعودية المدرجة تعمل على إعادة تمويل التزاماتها المالية القصيرة الأجل وذلك عبر إصدار صكوك متوسطة الأجل (مقومة بالريال) خلال الربع الثاني.
معلوم أن منصة «ريد»، التي تتخذ من نيويورك وسنغافورة مقرا لها، متخصصة بمتابعة أخبار جهات الإصدار المتعسرة والمثقلة بالديون مع إحاطة المستثمرين مسبقا بالمخاطر المحتملة قبل وقوعها.
الترقية المقبلة
في الإطار ذاته، ينتظر أن تنظم معظم أدوات الدين الحكومية - خلال 3 أسابيع - في ثاني مؤشر دولي لأسواق الدخل الثابت المقومة بالعملات المحلية. وكانت مجموعة «فوتسي راسل» قد ذكرت في أواخر سبتمبر 2021 أن أدوات الدين السعودية ستضاف إلى مؤشرها للسندات الحكومية للأسواق الناشئة بالعملة المحلية اعتبارا من أبريل (نيسان) 2022. وأضافت المجموعة أنه من المتوقع تضمين 42 سندا بقيمة 306.1 مليار ريال سعودي (81.6 مليار دولار) في المؤشر، وستشكل 2.75 في المائة منه على أساس القيمة السوقية المرجحة.
الجدير بالذكر أن انضمام المملكة في مؤشر فوتسي للسندات الحكومية في الأسواق الناشئة يمثل علامة فارقة في مساعي تطوير السوق المالية السعودية. ويعرف بأن مؤشر فوتسي للسندات الحكومية في الأسواق الناشئة يقيس أداء السندات الحكومية المقومة بالعملة المحلية لأكثر من 16 دولة، وذلك يتيح معيارا واسع النطاق؛ ما يساعد في تمكين مديري المحافظ العالمية بمقارنة أداء الاستثمارات في أسواق الدين السيادية. وشهدت سوق أدوات الدين السعودية زيادة ملحوظة في عدد المستثمرين المحليين والدوليين منذ بدء إدراج وتداول أدوات الدين الحكومية السعودية في شهر أبريل لعام 2018. وتضم السوق حاليا أكثر من 70 أداة دين حكومية مدرجة، بينما بلغت قيمة الإصدارات الإجمالية أكثر من 452 مليار ريال سعودي.
يأتي هذا الإعلان من فوتسي راسل كإنجاز يحسب للمملكة ودليل واضح على الجهود التي تبذلها الحكومة السعودية في تطوير وتعميق وتعزيز كفاءة سوق الدين المحلية وتنويع قاعدة المستثمرين فيه ونقله لمصاف أسواق الدين العالمية ضمن استراتيجية برنامج تطوير القطاع المالي في إطار تحقيق أهداف «رؤية المملكة2030» بما يسهم في رفع جاذبية السوق ويعزز من تنافسيته إقليميا ودوليا.
تجدر الإشارة إلى أن هذا الانضمام سيسهم في زيادة السيولة في سوق الدين المحلية نتيجة الزيادة في التدفقات المالية الجديدة من المستثمرين الدوليين الذين يستخدمون هذا المؤشر لمتابعة وتقييم الأصول الضخمة التي يديرونها
وأظهر رصد وحدة التقارير الاقتصادية أن المستثمرين الأجانب سوف يدخلون سوق الدين تحت مستويات جذابة لم تشهدها السوق منذ أكثر من عامين وذلك نظرا لكون أدوات الدين المدرجة لم تصل إلى التقييمات التي تستحقها بسبب حركة عوائد الخزانة. مع العلم أن المستثمرين النشطين بإمكانهم شراء أدوات الدين السعودية مبكرا وقبل تاريخ الانضمام الفعلي.
البنية التحتية للتداول
من ناحية أخرى، نجحت الجهات السعودية في تطوير البنية التحتية للتداول الإلكتروني (الخاصة بأسواق الدين)، الأمر الذي يتيح أتمتة الأسعار المدرجة على منصة «تداول» للمتعاملين الأوليين. وأبرزت وثيقة الملامح العامة لخطة الاقتراض السنوية الصادرة من المركز الوطني لإدارة الدين في 2020 تلك الخطوة كإحدى مبادرات تطوير أسواق الدين المحلية. وتطرقت الوثيقة الرسمية كذلك لمبادرة تعزيز تسوية السوق الأولية المحلية من خلال السماح بتسويات التسليم مقابل الدفع للمتعاملين الأوليين التي من شأنها أن تحد من مخاطر التسوية على المتعاملين الأوليين.
وبذلك نجحت في تعميق السوق الثانوي لأدوات الدين بحيث يكون مماثل لسوق الأسهم بسهوله التداول.
وعن التفاصيل الفنية لهذه المبادرة، فإن نظام التداول يعمل على تمكين أتمتة تسعير صانع السوق لأدوات الدين المدرجة من خلال السماح بإرسال زوج من الأوامر (شراء وبيع) بشكل مستمر ومؤتمت وذلك للحفاظ على التزامات الفارق السعري للورقة المالية.
وتم تطوير هذه الخدمة، والحديث لتلك المصادر، لحماية صناع السوق من الأخطاء البشرية ولتفعيل محركات التسعير المسؤولة عن مراقبة سعر الورقة المالية.
تسوية السندات الحكومية
منذ منتصف يونيو من 2021، شرعت «كلير ستريم»، مزود خدمات ما بعد التداول لمجموعة البورصة الألمانية، بربط سوق المالية السعودية بشبكتها من خلال الربط مع شركة مركز إيداع الأوراق المالية «إيداع» المملوكة بالكامل من قبل مجموعة تداول السعودية والمسؤولة عن تشغيل وصيانة نظام الإيداع والتسوية.
وسيسهل هذا الربط دخول المستثمرين الدوليين للسوق المالية السعودية، من خلال توفير تسوية السندات الحكومية والخاصة غير القابلة للتحويل وصناديق الاستثمار المتداولة والمدرجة في السوق السعودية والمقومة بالريال.
يمكن لعملاء «كلير ستريم» المؤهلين الاستثمار في سوق الصكوك السندات وصناديق الاستثمار المتداولة والمدرجة في السوق المالية السعودية دون الحاجة لتقديم طلب التأهيل كمستثمر أجنبي مؤهل، إضافة إلى إمكانية استخدام حساباتهم الحالية المسجلة لدى «كلير ستريم». ولأول مرة، يمكن للمستثمرين الدوليين تملك الأوراق المالية السعودية ذات الدخل الثابت وصناديق المؤشرات المتداولة من خلال حساب المرشح الأجنبي المشترك، ويمكنهم أيضا الاستفادة من خدمات مراكز الإيداع الدولية المعروفة وذلك يتضمن خدمة التسوية الداخلية. ونتيجة لذلك، من المتوقع زيادة الطلب على أدوات الدين الحكومية من المستثمرين الدوليين وبالتالي تعزيز مستوى السيولة في السوق المحلية.