شريط الأخبار
بواسل الجيش العربي يُبلسمون بإنسانيتهم جراح أطفال غزة مقررة أممية: مؤسسة غزة الإنسانية "فخ موت" مصمم لقتل أو تهجير الناس رئيس الوزراء الإثيوبي يعلن "إنجاز العمل" في سد النهضة البنك الدولي يختتم سنته المالية مع الأردن بـ 6 برامج بأكثر من مليار دولار مستوطنون يقتحمون باحات المسجد الأقصى المنطقة العسكرية الجنوبية تحبط محاولة تهريب مواد مخدرة بواسطة طائرة مسيرة "الغداء والدواء" : تكثيف الرقابة على المنشآت الغذائية عالية الخطورة مع ارتفاع درجات الحرارة العيسوي يلتقي وفد مبادرة "خمسين حافظ" التابعة للمركز الثقافي الإسلامي بجامعة العرب في الزرقاء أندونيسيا: 4 قتلى و38 مفقودا في حادث غرق عبارة أجواء صيفية معتدلة في اغلب المناطق اليوم وغدًا موقع هام في الانتظار ، وخمسة من كبار الضباط في الانتظار التربية تبدأ استقبال طلبات التعليم الإضافي إلكترونيا - رابط الغذاء والدواء: تكثيف الرقابة على المنشآت الغذائية عالية الخطورة مع ارتفاع الحرارة ولي العهد عن مشروع أول قمر صناعي أردني: إنجاز بأيدي شبابنا أنغام: أنا بالمستشفى ولا علاقة لي بالهجوم على شيرين كارول سماحة تنشر صورة برفقة إبنتها تالا... أحمد السقا أمام النيابة: لم أترصّد لطليقتي .. رأيتها صدفة وحاولت الحديث معها سمية الخشاب تنفي زواجها سرا وتصف حالتها بـ «الملكية» مكافحة المخدرات: جميع الأنواع بما في ذلك الحشيش تنطوي على خطر الإدمان طقس صيفي اعتيادي في أغلب مناطق المملكة حتى نهاية الاسبوع

صدر عن دار ورد الأردنية للنشر والتوزيع كتاب المؤتمر العربي الأول

صدر عن دار ورد الأردنية للنشر والتوزيع كتاب المؤتمر العربي الأول
القلعة نيوز-المنعقد في القاعة الكبرى للجمعية الجغرافية بشارع سن جيرمن في باريس سنة 1913، للباحث الأردني محمد أحمد الشرقاوي، دارسة وجمع ، حيث يمكننا القول وبدون أيِّ مبالغة أن كتاب «المؤتمر العربي الأول عام 1913» الذي يعتبر كتابا توثيقيًا أرشيفيًا صرفا ومُلِمًّا، هو أحد الأعمال الوثائقية الرائدة التي تؤرِّخ للحركة القومية العربية في جذورها الحركية الأولى. ولعل السبب الأبرز في قولنا هذا يرجع إلى واقعة أن الحركة القومية، ومن قبلها الفكرة القومية ذاتها، ظُلِمَتا كثيرًا. ولقد أتت أكبر مظاهر الظلم التي وقعت عليهما من جهتين كان يفترض أنهما الأكثر حرصا على رفدهما ودعمها وتبنيهما لأسباب مرجعية بُنيوية، وهما: الإسلام السياسي/فصائل الحركة الإسلامية على مدى المائة سنة الأخيرة، والحركات القومية التي بدأت بالظهور منتصف القرن العشرين وما بعده، وعلى رأسها كل من: «حزب البعث العربي الاشتراكي»، و«حركة القوميين العرب»، و«الحركة الناصرية». وإننا إذ نؤكد على أن الظلم الواقع على الفكرة القومية وعلى الطليعة الرائدة للحراك القومي التي جسَّد توجهاتهما المؤتمرُ موضوعَ هذا الكتاب، إنما يعود إلى هاتين الجهتين، فلأن الأولى/الإسلام السياسي أقامت موقفها من الفكر القومي عامة ومن الحركة القومية الأولى على قاعدة تسويقها وترويجها لمقولة تآمرِ الفكرة وحَمَلَتِها من القوميين على الخلافة الإسلامية التي كانت تمثلها الدولة العثمانية، وتحالف هؤلاء القوميين الأُوَل مع الاستعمار وتبنيهم العلمانية المناهضة للأديان عامة وللإسلام خاصة، ولأن الثانية/الحركات والأحزاب القومية التي نشات منذ منتصف القرن الماضي، أقامت نهجها القومي على نزعة من الاستعلاء غير المسوَّغ وعلى تحريفٍ لمعنى العروبة جعلها تقف موقف العداء من القوميات الأخرى التي يفترض أن لها ذات الحقوق في البلاد العربية مثل «القومية الكردية».
ولكن الكتاب الذي نتحدث عنه وهو: «المؤتمر العربي الأول عام 1913» جاء لينسف كل هذه الدعوات ويكشف عن الزيف الذي قامت عليه، ليتبين أنها مواقف كلها تزييف وتدليس للحقيقة. حيث كشف الكتاب الذي هو بمثابة تجميع توثيقي دقيق جدا لكل متعلقات المؤتمر بما في ذلك المحاضر التفصيلية لجلسات المؤتمر وللكلمات التي ألقيت فيها من قبل المؤتمرين، أن هذا المؤتمر الذي يعتبر هو وحده الوثيقة التاريخية الدالة على الإطار الحقيقي الذي كان يتحرك في داخله كل من الفكر القومي والحركة القومية على حد السواء، يجسِّد حالة وعي راقية وعالية للفعل القومي داخل المواطنة العثمانية من على قاعدة المطالبة بحقوق العرب المهضومة وبحقوق كافة القوميات الأخرى في دولة التابعية العثمانية بما في ذلك «القومية الأرمنية» التي أبدى المؤتمرون تعاطفا خاصا مع حقوقها، معتبرين أن الحالة الأرمنية تشبه الحالة العربية في الدولة العثمانية، وأن كافة المطالب القومية لهذا المؤتمر القومي الأول كانت تنصب كلها بلا استثناء حول مساواة القومية العربية بالقومية التركية في الحقوق والواجبات في قلب دولة المواطنة العثمانية التي تعتبر دولة الجميع بلا استثناء. لا بل إنهم كانوا يرفضون ربط دعوتهم القومية العربية بأي نوازع للإنفصال عن الدولة العثمانية كما كان يحرص على تصوير ذلك الاتحاديون الأتراك للنيل من شرعية هذه الحركة القومية ومن مشروعية هذا المؤتمر. بل إن المؤتمرين كانوا واضحين في كلماتهم التي ألقوها: مسيحيين ومسلمين في رفضهم لأي إشارات كانت ترِد من هنا ومن هناك تدعوهم إلى التطاول على الهوية الوطنية العثمانية بحجة الاضطهارد القومي الذي يمارسه الاتحاديون ضد العرب وضد اللغة العربية وضد القومية العربية. ولم يكن ليرد في بال أحد من المؤتمرين أن هناك أي توجه ينطوي عليه فكرهم القومي يهدف إلى المساس بفكرة الخلافة الإسلامية العثمانية وتحويل الدولة إلى دولة علمانية لا دينية، بل كل ما كان مطلوبًا هو الحياة الدستورية والمواطنة الكاملة للجميع وإعادة إحياء اللامركزية الساسبة والإدارية في الدولة العثمانية.. إلخ. ومن ثم فإن ما بنى عليه لاحقا كل من الإسلام السياسي والأحزاب والحركات القومية مواقفَهم من هؤلاء القوميين وقراءتهم لأفكارهم وبرامجهم إنما قام على افتراضات مغلوطة ومزيَّفة هدفها خدمة برامج تلك الفئات على قاعدة تفريغ تلك الحركة القومية الرائدة من محتواها التقدمي الحقيقي.
ولكن هذا لا يعني أن تلك الفئة الرائدة من القوميين لم تكن لديها هفواتها التي كشف عنها المؤتمر نفسه كما جاء في هذا الكتاب. فقد تبين من كلمات المؤتمرين ومحاوراتهم التي دونتها محاضر جلسات المؤتمر أن هناك تصورا ساذجا لدى معظم إن لم يكن لدى جميع المؤتمرين أن الغرب الأوروبي صادق في رغبته في دعم التوجه القومي العربي لخلق حالة توازن في الدولة العثمانية سعيا منه - أي الغرب الأوروبي- لضمان استقرار الإقليم. ولم يرد في أي من تلك الكلمات ما يشير بقبول فكرة أن هناك تخطيطا أوروبيا استعماريا كان يهدف سواء بالسر أو بالعلن إلى تفتيت الدولة العثمانية، وأن الغرب الأوروبي كان يتظاهر للقومييين العرب من ثم بالتعاطف وإخفاء النوايا المبيتة مستغلا هذه السذاجة ليحقق مراده.
ولعل ما يثبت صحة هذا التوجه الذي يكشف عن تلك السذاجة هو أنه في الوقت الذي كان المؤتمر منعقدا في عام 1913م كانت المخططات الفرنسية البريطانية الروسية تجري على قدم وساق لتقسيم أوصال الدولة العثمانية وتقاسم أراضيها بين تلك الدول الثلاث سرًا. لنكتشف فجأة وفي لحظة فارقة أنه في الوقت الذي كان المؤتمرون يدافعون عن الأوروبيين ويصدقون أن نواياهم تجاه العرب والعثمانيين كانت حسنة، كانت اتفافية «سايكس بيكو سازانوف» تُوَقَّع بين الدول الاستعمارية الكبرى الثلاث تلك في تأكيد يناقض كل تلك الأوهام الساذجة.
والخلاصة أن هذا الكتاب يوثِّق لنا واقع ومحاضر وظروف وملابسات انعقاد مؤتمر مهم جدا في التاريخ العربي الحديث يمكن الاعتماد عليه لإعادة قراءة هذا التاريخ بشكل صحيح ومختلف عن القراءات النمطية المعتادة والمجزوءة، بدون إفراط ولا تفريط. ويمكننا أن نستنتج منه أن الحركة القومية العربية كانت حركة عميقة وناضجة وواعية إلى حد كبير وتدرك حقائق العصر الكبرى ولم تكن حركة هدامة ولا عدمية ولا تدميرية كما تم تصويرها، لكن الغرب الأوروبي الاستعماري استغل بعض مظاهر الضعف وغياب مظاهر الوعي ببعض مفاصل التاريخ لدى تلك الفئة الرائدة من القوميين ليلعب لعبته ويقلب رأس المجن لصالحه. والحديث في الموضوع قد يطول ولكننا نكتفي بها القدر لأن الكتاب يدور حول ما ذكرناه وفي قراءته ضرورة لمن أراد أن يعيد النظر في تلك المرحلة المفصلية من تاريخ المشروع القومي العربي.