شريط الأخبار
نظام حكومي جديد لأندية المعلمين يتيح انتسابا اختياريا ويمنح الأعضاء خدمات صندوق التكافل رئيس "غوغل":نماذج الذكاء الاصطناعي قد ترتكب أخطاء الجغبير: زيارة الملك للمصانع رسالة دعم قوية للقطاع الصناعي مسيرة 13 عاماً و11 نادياً.. أسطورة كرة القدم الذي لم يلعب أي مباراة الصبيحي يوجه رسالة متكررة لرئيس الوزراء حسان..!! ترامب يقيم مأدبة في البيت الأبيض على شرف بن سلمان بحضور ماسك ورونالدو أسعار النفط تتراجع مع ارتفاع المخزونات الأميركية وتعزز مخاوف تخمة المعروض بسبب الأسلحة الرياضية.. استبعاد الرماة الروس من سوردمبياد طوكيو طقس خريفي لطيف فوق المرتفعات ومعتدل في بقية المناطق الـMAGA تتسرّب من قبضة ترامب: تمرّد جمهوري؟ "بتكوين" تهبط دون 90 ألف دولار وسط حذر المتعاملين رونالدو يجذب عدسات الإعلام خلال لقاء ترامب وبن سلمان ورسالة خاصة من الرئيس الأمريكي للـ"دون" تغييرات وتعيينات متوقعه في مواقع مهمة ..قريبآ بحضور سفراء المكسيك وبنغلادش والسودان... سهرة ثقافية سياسية على مائدة الشيخ علي الزّيدان الحنيطي في أبو علندا ( فيديو وصور ) القوات الباكستانية تقضي على 38 مسلحًا في شمال غربي البلاد السعودية تعتزم رفع استثماراتها في أمريكا إلى تريليون دولار شهيدان في غارتين إسرائيليتين على جنوب لبنان رئيسة منظمة حلم الدكتورة نوار عاصم بصمة قائدة عربية 2025 وزير الثقافة يزور محترف وجاليري الفنان التشكيلي حازم الزعبي محافظ معان يتفقد البرامج الشبابية والتطوير الرياضي

العنف الجامعي.. الأسباب والحلول

العنف الجامعي.. الأسباب والحلول

القلعة نيوز:

بقلم: الأستاذ الدكتور يحيا سلامه خريسات

تُعدّ ظاهرة العنف الجامعي من أبرز التحديات التي تواجه منظومتنا التعليمية في الأردن، لما تخلّفه من آثار سلبية عميقة على البيئة الأكاديمية والسلم المجتمعي، ولِما تُحدثه من تشويهٍ لصورة الجامعة بوصفها منارةً للعلم والمعرفة وبناء الشخصية الواعية. فعندما تتحول بعض الجامعات إلى ساحاتٍ للمشاجرات والعصبيات، يختلّ الدور الأساس الذي وُجدت من أجله الجامعة، وهو إعداد جيلٍ مؤهل علمياً، ناضج فكرياً، مؤمنٍ بالحوار والتسامح واحترام الآخر.

إنّ ظاهرة العنف الجامعي ليست حدثاً عابراً، بل هي نتيجة تراكمات اجتماعية وتربوية واقتصادية وثقافية. فبعض الطلبة لا يزالون يحملون إلى الحرم الجامعي انتماءاتهم العشائرية أو المناطقية، فيتعاملون مع أي خلاف بسيط على أنه قضية جماعية تمسّ "الهيبة" أو "الكرامة"، لتُستحضر العصبيات على حساب القيم الجامعية وروح المواطنة. وفي الوقت ذاته، يبرز ضعف الدور التربوي والإرشادي داخل الجامعات، إذ يفتقر كثير منها إلى منظومة إرشاد نفسي واجتماعي فاعلة، تُساعد الطلبة على التعامل مع الضغوط والمشكلات بطريقة ناضجة بعيداً عن الانفعال والعنف.

وتُفاقم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية هذا المشهد، إذ يعيش عدد من الطلبة تحت وطأة القلق من المستقبل وضبابية فرص العمل، مما يولّد لديهم شعوراً بالإحباط والعجز، قد ينعكس سلوكاً عدوانياً أو رفضاً غير منطقي للواقع. كما يسهم غياب الأنشطة اللامنهجية الفاعلة في تفاقم المشكلة، فحين تغيب المساحات التي تسمح بتفريغ الطاقات الإيجابية عبر الثقافة أو الفن أو الرياضة، يبحث الطلبة عن بدائل خاطئة للتعبير عن ذواتهم، فتظهر السلوكيات السلبية كرد فعل نفسي واجتماعي.

ومن الأسباب كذلك ضعف تطبيق الأنظمة والتعليمات داخل الجامعات، فحين يشعر الطلبة بأن العدالة غير متحققة أو أن القوانين تُطبّق بانتقائية، تفقد الإدارة الجامعية هيبتها، ويُفسح المجال للفوضى والعنف. وعندها يصبح الانضباط مسألة مزاجية لا مؤسسية، ما يُهدد استقرار البيئة التعليمية بأكملها.

ومع ذلك، فإن مواجهة العنف الجامعي ممكنة إذا ما تكاملت الجهود بين الجامعات والأسر والمجتمع والإعلام. فالمطلوب أولاً تعزيز ثقافة الحوار وقبول الآخر من خلال دمج قيم المواطنة والتسامح والتفكير النقدي في المناهج الدراسية والأنشطة الجامعية. كما ينبغي تفعيل الأنشطة الطلابية الهادفة التي تُعيد للجامعة دورها التربوي والاجتماعي، وتمنح الطلبة مساحة آمنة للتعبير عن آرائهم وتنمية روح القيادة والعمل الجماعي.

كذلك لا بد من تطبيق القوانين بعدالة وشفافية، لأن القانون هو الضامن الحقيقي لكرامة الجميع، وصرامته في مواجهة مظاهر العنف تحمي المؤسسة وطلبتها على حد سواء. وفي الإطار نفسه، يجب تعميق الانتماء الوطني عبر برامج توعوية تُرسّخ الهوية الأردنية الجامعة، وتُعلي من قيمة المواطنة على العصبيات الضيقة. كما أن تفعيل دور الإرشاد النفسي والاجتماعي أمر أساسي، من خلال تزويد الجامعات بكوادر مؤهلة قادرة على التعامل مع الطلبة ذوي المشكلات السلوكية أو النفسية الخاصة، ومساعدتهم على تجاوز أزماتهم بطرق بنّاءة.

ولا يقلّ عن ذلك أهميةً الدورُ الذي يجب أن يضطلع به الإعلام والمجتمع المحلي، في تصحيح الصور النمطية السائدة، وتسليط الضوء على النماذج الطلابية الإيجابية، وبناء خطابٍ إعلامي يُعزز السلم المجتمعي والاحترام المتبادل داخل الحرم الجامعي وخارجه.

إنّ الجامعة ليست مجرد قاعاتٍ للتدريس، بل هي بيئة لصناعة الوعي وبناء السلوك والمسؤولية. ومحاربة العنف داخلها تبدأ من إعادة الاعتبار لقيمة التربية قبل التعليم، ولثقافة الحوار قبل الصدام. وعندما يسود الاحترام والتسامح والانتماء الوطني بين أبنائها، تزدهر الجامعات، وتعلو راية العلم والمعرفة، ويترسخ الأمن الفكري والاجتماعي في ربوع الوطن.