رولا سمير حبش / اخصائية نفسية
أحياناً يصل الإنسان إلى تلك العتبة الخفية التي لا يراها أحد، لكن روحُه تشعر بها عتبة التعب. ليس تعب الجسد فقط، بل ذلك الإرهاق الصغير الذي يتسلّل للداخل، يُخفض الضوء، ويُخفِّف نبض الحماسة عندها لا تكون الراحة رفاهية، بل ضرورة لضبط الإيقاع من جديد.
حين نتوقف قليلاً، يحدث شيء يشبه السحر الخلايا تهدأ الأفكار تلتقط أنفاسها القلب يعود لسرعته الطبيعية والوعي يلمع الراحة ليست كسلاً؛ هي إعادة تشغيل للنظام الداخلي والطيف أنّ لكل واحد طريقته: فبعض الأشخاص يجد تجديده في النوم العميق، وآخر يجد شحنته في فنجان قهوة وصمت، و أحدهم تكون الرحلة القصيرة هي المفتاح—مجرّد تغيير مكان يغيّر كل شيء في الداخل.
الإجازة الصغيرة تقول لنا: أنت لست آلة أنت كائن يضيء ويخبو، يرتفع وينخفض، ويحتاج إلى وقفة بين موجتين كل استراحة هي فرصة لإعادة ترتيب طاقتك، مثلما يعاد شدّ أوتار آلة موسيقية لكي تعطي لحناً أنقى.
لا أحد يعود من الراحة كما ذهب حتى لو لم يفعل شيئاً كبيراً مجرد أن تسمح لنفسك بأن تتوقف، هذا بحد ذاته صناعة قوة. لأن القوة لا تُبنى بالاندفاع المستمر، بل بالتوازن بالمسافة الحريرية بين الجهد والهدوء.
لذلك عندما تشعر أنك تعبت، التفت لروحك قليلاً امنحها مساحة ساعة، يوم، أو رحلة صغيرة المهم أن تعود بخفة أكبر ونفس أوسع الراحة ليست انسحاباً من الحياة، بل خطوة ذكية للعودة إليها بطاقة أعلى ووعي أنقى.



