
احتواء أزمة بصناعة أخرى أكثر تعقيدا وأكبر. هذا ما حصل فعلا حتى ظُهر اليوم الخميس في وسط العاصمة الأردنية عمان، التي تحولت إلى ثكنة أمنية في محيط منطقة الدوار الرابع ردا على اعتصام نقابة المعلمين الذي قررت السلطات منعه بأي طريقة.
اختنقت عمان لأول مرة كما لم يحصل من قبل، عندما قررت وزارة الداخلية تجنب الصدام مع المعلمين المعتصمين بتكتيك فني وأمني بسيط، قوامه عزل منطقة الدوار الرابع في قلب العاصمة تماما ومن كل الجهات الرئيسية والفرعية، بالتزامن مع وضع حواجز أمنية على الطرقات في المحافظات لمنع زحف المعلمين وحافلاتهم الى وسط العاصمة.
ببساطة وخلال ساعتين فقط، شهد الأردنيون ولأول مرة أكبر عملية إغلاق أمنية في العاصمة وأعلنت إدارة السير بأن الاختناقات المرورية سببها اعتصام المعلمين.
وما شهده وعايشه أهالي عمان صباح الخميس لم يختبر في الماضي، حيث أغلقت كل الشوارع والأحياء وتم تفريخ اختناقات مرورية إجبارية في كل أطراف العاصمة وضواحيها مما تسبب بحالة تعطيل استثنائية طالت حتى المرضى وطلاب المدارس الحكومية.
بالتوازي تعرض وسط العاصمة إلى ما يمكن تسميته بحصار أمني، حتى تمنع أضخم نقابة مهنية في البلاد وبدون احتكاك وصدام وعنف من تنفيذ الاعتصام المحظور بقرار وزير الداخلية القوي سلامة حماد .
المشهد بهذا التكتيك المروري الأمني لم يكن مسبوقا.
وبدلا من اعتصام مركزي واحد في منطقة محصورة شهدت أطراف العاصمة والطرق الدولية مع المحافظات سلسلة كبيرة من الاعتصامات الصغيرة، في الوقت الذي حاولت فيه حواجز أمنية تعطيل حركة سيارات المعلمين قدر الإمكان.
ردة الفعل جاءت سريعة جدا من المعلمين الذين يطالبون بعلاوة على رواتبهم تصل الى 50 %، فقد نادى نشطاؤهم ليس بالاعتصام المفتوح كما كان متوقعا، ولكن بإضراب مفتوح يوم الأحد المقبل.
رسالة الدولة واضحة وترفع لافتة "ممنوع” في وجه أي حراك اعتصامي في قلب العاصمة.
لكنها رسالة مأزومة أمنيا في الوقت الذي تغيب فيه الحكومة تماما عن مشهد التفاوض مع ممثلي نقابة المعلمين، قبل أن يستدرك رئيس الوزراء عمر الرزاز بتعليق متأخر يتحدث فيه عن رغبته في استقبال المعلمين والتحاور معهم على مطالبهم.
الجديد في المشهد هو هتاف معلمي المحافظات على الطرق المكشوفة ولأول مرة ضد رئيس الحكومة وبعبارة: "يسقط عمر الرزاز”.
ذلك هتاف خارج التوقعات ضد رجل ليبرالي وإصلاحي أصبح أصلا رئيسا للوزراء على اكتاف حراك مماثل على الدوار الرابع بعدما كان وزيرا للتربية والتعليم .