القلعة نيوز-
تقدم الفنانة دودي الطباع في تجربتها الجديدة التي تعرض الآن في غاليري فينان مجموعة من الأفكار التي تنتمي إلى التعمق بالمحيط من ضوء وشجر وايقاع موسيقي عميق في أشياء مرئية تتحرك في الطبيعة والمدينة، يعتبر هذا المعرض من المعارض المختلفة والتي تنتصر للفن لا شيء غيره، فقد قسمت معرضها إلى مجموعة من الغرف التي تحتوي على ذاكرة بعيدة للفنانة والتي تعبر عن طرائق تفكيرها الفني فيما تراه وتتخيله، فهي تمضي أوقاتا كثيرة في مراقبة تحولات الطبيعة وتقوم بربطها بما يختزن من ذاكرة في حياتها، حيث تتأمل بزغ ورقة الشجرة ، تلاحقها حتى سقوطها وذبولها، اشبه ما تكون إلى طبيعة الكائن في ولادته حتى فنائه، تصغي إلى موجوداتها وتحاورها عبر العمل الفني ، الذي اتخذ تقنيات عديدة منها السيراميك والطباعة على الحرير والطباعة على الورق وتشكيلات البلور الزجاجي والخدع البصرية كذلك، فقد سحرت بطبيعة النسيج وحركته في تكون تصاميمها، حيث تتحول اللوحة الى خيوط تراكمة تبر ذلك الشكل الذي صممته الفنانة، وفي النظر الى مجموعة التقنيات نستطيع ان نلاحظ شغف الفنانة في التجريب بالمادة والموضوع والشكل على حد سواء، ومن خلال قراءتي لما كتبته دودي عن تجربتها كشهادة ابداعية حول ما تفكر به نجدها قد وصلت الى النيرفانا الصوفية في الكشف عن جماليات الاشياء الصغيرة والكبيرة، مشغولة باختبار الاشياء عبر الرسم اليومي والمضني، رسوم اولية قادتها للوصول الى نتائج لافتة فيما يخص العروض الفنية في عمان.
لا تتوقف دودي عن سؤالها الفني فهي تعيش الفن بشكل يومي، كطريقة للحياة وتجلياتها المعرفية في ذاتها الشفافة، تلتقط الفوتوغراف وتتفحصه، ترسم وتخطط بقلق الفنان الشغوف بجماليات الحياة وتحولاتها، فالفن لديها اسلوب حياة يومي، وقد حققت ثقافتها العالية في الاساطير ايضا أن توظف زهرة شقائق النعمان في تجربتها، وما تدل عليها تلك الزهرة من دلالات اسطورية، فهي الزهرة التي تحمينا من الشرور والشيطان، فهي تحاول ان ترمم هشاشة الواقع بتلك الاعمال التي تحتاج منا نظرة مغايرة للفن.
فحين تدخل الى المعرض تواجهك شرائط حريرية طبعت عليها رموز وتفاصيل مدهشة في طبيعة عرضها التركيبي النازل من سقف الغرفة، حيث تتبابع العين تلك المسارات كعروج للاعلى في حالة عرفانية عالية.
لم تترك شيئا الا وحولته الى حالة فنية فمجموعة صحون البورسلان التي تعمدت بكائنات حيوانية مختزلة تشير الى قوة الفنانة في اختزال الاشياء، تلك الكائنات المتحركة هي جزء اساس من طبيعة تنتظم بموسيقى الحياة وتحولاتها ، استطيع القول ان دودي فنانة صوفية وصلت بتأملاتها الى مناطق روحية عميقة تدوعونا من خلالها لتنظيف ارواحنا من تعب الحياة، فقد تركت للسجادة الصغيرة ان تبث الوانها الحيوية بملامسها والوانها وطبيعة تراكيبها التصميمة، وكذلك تلك الخدع اللونية التي تتحول في النظر اليها بابعادها الثلاثة كما لو انها شاشة كونية تحوي فردوس الالوان، فهي فنانة تمارس عبقرية اختبار المحيط والحيز «المرئي» بطرق عديدة، فهي تجربة تطرح العديد من الاسئلة الجمالية فيما يخص العمل الفني .