ما يجري الان يعد تمرينا حيا للادارة الحكومية، و كافة مؤسسات الدولة بشكل عام . فقد القت الازمة بالجميع ، و فجأة ، في حالة طوارىء مستمرة و على مدار الساعة. استوعبت الادارة الحكومية الصدمة الاولى بشكل جيد جدا و لا زالت تسيطر على الوضع بتميز ضمن الظروف المتاحة. السؤال هو ماذا سنتعلم من الازمة من اجل تسريع اعادة هيكلة القطاع العام و جعله اكثر مرونة و استدامة على المدى البعيد ؟
من الازمات تخلق الفرص . و هذه الازمة بالذات فرصة مواتية للدولة في ان نخرج منها بمنظور جديد للادارة الحكومية . قبل الازمة ، و مواكبة للتغيرات الهيكلية الجريئة التي قادها جلالة الملك في قطاع الامن العام ، اعلنت الحكومة عن خطوات متواضعة لا ترقى الى التطلعات . ازمة الكورونا اوضحت الحاجة الى جرأة اكبر في التعامل مع الهياكل التنظيمية و التشريعات و مستقبل الوظائف من عمل عن بعد و كذلك التعلم عن بعد . التحديات الحالية ، و التحولات المستقبلية ، تحتاج الى سرعة في الاستجابة للتغيرات ، و اعادة توزيع الموارد بشكل يضمن الفعالية و الكفاءة .
علينا ان ننظر الى الصورة كاملة و ليس فقط من منظور مالي . ان التعامل مع اعادة الهيكلة على انها عملية تخفيض فواتير التقاعد و الرواتب و المصروفات فيه قصر للنظر يؤدي الى اقلاق الناس و خصوصا الشباب الباحث عن العمل . عمليا، نحن بحاجة الى انتاجية اعلى و شباب اكثر و خبرات اعمق . الاردن يحتاج الى كل سواعده و عقوله و اكثر . لو ركزت استراتيجيات اعادة الهيكلية على الابتكار و الانتاج و ليس التوفير لتفتحت امامنا افاق كثيرة . القطاع العام هو رافعة التنمية و ليس مجرد فواتير المطلوب تخفيضها كما يروج .
في الاردن خبراء و مبتكرون و رواد اعمال و شباب موهوب . يمكن للحكومة ان تجمعهم تحت رايتها لانتاج رؤى جديدة و استراتيجيات مبتكرة . اذا لم تدفعنا الازمة الحالية الى التغيير الجذري فلا شىء اخر سينجح ، فرب ضارة نافعة .