شريط الأخبار
«الجنائية الدولية» تعيد سيف الإسلام القذافي إلى واجهة الأحداث في ليبيا الأردنيون يؤدون صلاة الاستسقاء في مساجد المملكة "العليا للكنائس" في فلسطين تدعو لاقتصار فعاليات عيد الميلاد على الشعائر الدينية الحكومة تقرِّر إعفاء السيَّارات الكهربائيَّة بنسبة 50% من الضَّريبة الخاصَّة حتى نهاية العام وفد عشيرة السلايطه / البادية الوسطى في الديوان الملكي ..دعما لسياسات الملك ونهجه الوطني القومي -تفاصيل وصور - مصدر إسرائيلي: مذكرة الجنائية ستصعّب سفر نتنياهو لأوروبا يديعوت أحرونوت: انتحار 6 جنود قاتلوا بغزة ولبنان ضباط إسرائيليون سابقون: الوحدة 8200 تشهد أسوأ أزمة في تاريخها إعلام إسرائيلي: الاشتباه بعملية تسلل على الحدود مع الأردن كندا ترصد أول إصابة بسلالة فرعية من جدري القردة بعد أنباء استهدافه في بيروت... مَن هو طلال حمية الملقب بـ«الشبح»؟ "النواب" ينتخب لجانه الدائمة الاثنين إيلون ماسك أكثر ثراءً من أي وقت مضى... كم تبلغ ثروته؟ الأمم المتحدة: الاحتلال منع وصول ثلثي المساعدات الإنسانية لقطاع غزة الأسبوع الماضي ترمب يرشح الطبيبة الأردنية جانيت نشيوات لمنصب جراح عام الولايات المتحدة خبراء : منتدى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات يعزز مكانة الأردن كوجهة رائدة 11 شهيدا و25 جريحا جراء غارة إسرائيلية على بيروت مناشدة إلى دولة رئيس الوزراء الأفخم : ضرورة معالجة إطفاء الإنارة على طريق إربد - عمان مجموعة السلام العربي : قرار الجنائية الدولية بحق نتنياهو وجالانت لم يثلج صدورنا - بيان وزير الشباب يتابع إعداد خطط المديريات والمراكز الشبابية للعام 2025

النائب السابق عيسى مدانات في ذمة الله

النائب السابق عيسى مدانات في ذمة الله

القلعة نيوز- انتقل الى رحمته تعالى النائب السابق عيسى مدانات (ابو عامر ) عن عمر ناهز ٩٤ عاما.

ورحل المدانات تاركا ارثا نضاليا طويلا في الدفاع عن حقوق العرب والاردنيين ونصرة قضاياهم.

وتاليا السيرة الذاتية للمناضل المدانات كما رواها الصحفي محمود الريماوي:

ينحدر عيسى مدانات من الكرك جنوب البلاد، من قرية أدر لأسرة ريفية. وقيض له وهو الابن الوحيد مع ثلاث شقيقات، أن يحرم من الأب في أثناء طفولته،فتعهده عمه الذي كان يتطلع لأن يعنى عيسى الصغير بالزراعة دون أي أمر آخر بما في ذلك الدراسة.على أن عيسى واظب على تلقي تعليمه بالمشي يومياً نحو مدرسة تقع على بعد نحو عشرة كيلومترات في الكرك.

النشأة في ظروف قاسية في ثلاثينيات القرن الماضي وبغير سقف من أب رحيم، طبعت شخصية عيسى مدانات وشحنته بروح التحدي،ووطنت في نفسه الإدراك بما تتسم به الحياة من صراع لا فكاك منه سوى بقبول الخوض فيه. هذا رغم ما اتصفت به شخصية الفتى عيسى من هدوء ونزعة تأملية، ومن تفادي العنف والصخب. غير أن مسار حياته، كما الظروف العامة من حوله، لم تترك له وقتاً للراحة.لقد أمكن له بإرادة ذاتية صلبة وذكاء ثاقب أن يستكمل تعليمه في الجامعة الأميركية في القاهرة كلية العلوم قسم الرياضيات، بفضل كفالة بنكية من نبيه رشيدات الشخصية الوطنية الديمقراطية، دون أن يتمكن لاحقاً سوى لنحو سنتين من العمل وفق تخصصه، حين التحق معلماً بمدرسة السلط الثانوية ثم مدرسة الحصن.في السلط توثقت علاقته مع سليمان النابلسي وعبدالحليم النمر، وبدأت وشائجه تتعمق مع رموز الحركة الوطنية في مطلع الخمسينيات.

والتحق بعدئذ بوزارة الاقتصاد مع المرحوم عبدالوهاب المجالي، لكنه لم يمكث فيها سوى بضعة أشهر حيث تم فصله لأسباب سياسية،ومنذ ذلك الحين ظل محروماً من الخدمة في القطاع الحكومي،وهو من كانت مؤهلاته العلمية كافية لأن يتقلد حقيبة وزارية.
منتصف الخمسينات بما فيها انتخابات العام 1954 والهبّة الشعبية في الضفتين ضد حلف بغداد وتشكيل حكومة النابلسي ونشاط الأحزاب بما فيها الحزب الشيوعي جذبت مدانات الى هذا "المعمعان” وقادته في نهاية الأمر مع فرض الأحكام العرفية الى السجن العام 1958 حيث مكث فيه حتى العام 1966.ليخرج بعدئذ الى منفاه في موسكو محج الشيوعيين وملاذهم.

بعد سنتين يزور الراحل الملك الحسين، العاصمة السوفييتية ويستدعي عيسى مدانات لغرض وحيد، وهو دعوته للعودة الى وطنه. لبى عيسى الدعوة ممتناً، وجرى بذلك أول تطييب للخواطر، وكان الراحل الحسين أخذ على مدانات في كتابه "مهنتي ملكاً" التحريض على التظاهر.

ما أن عاد الى الوطن وأقام في عمان حتى واصل عيسى مدانات نشاطه القيادي والسري في الحزب الشيوعي، ويصفه أعضاء سابقون في الحزب بأنه كان في منزلة العقل النظري للحزب ومحرر وكاتب صحيفتي "الجماهير” و”الحقيقة”وقبل ذلك كان أسس جريدة "الفجر” كاتباً ومحرراً لها ولم تعمر سوى لعدد واحد يتيم، واحتجبت فيما احتجب هو عن أنظار أسرته وعارفيه وراء القضبان. وكان معهوداً في المطبوعات الحزبية العربية أن ينهض بها محرر أو اثنان مع إنكار الذات أي دون توقيع الأسماء.

إلى ذلك لم يعرف عن مدانات، كما يقول عارفوه ولعه بالمناورات والكولسات الداخلية، التي ميزت العديد من الأحزاب بما فيها الشيوعي الذي شهد العديد من التكتلات والانشقاقات في ظل "مركزية ديمقراطية” لا محل فيها لانتخابات.. وباحتساب الانتخاب نقيصة بورجوازية.

بهذا ومع طرحه جانباً التطلعات القيادية العليا، فلم يزاحم على منصب أمين عام، فقد كان معنياً بانتاج حزب ذي معنى وصدقية.

ومما يسترعي الانتباه أن أواسط الثمانينات التي شهدت حراكاً فكرياً في العديد من التنظيمات اليسارية على مستوى العالم، قد شهدت بعضاً منها داخل الحزب الشيوعي. ففي وقت كان هناك "الكادر اللينيني” الذي يسعى لمزيد من المركزية، فقد وجد مدانات نفسه مع جيل شاب في المناطق ينحو منحى التجديد والدمقرطة الداخلية.لم يكن في الأمر انشقاق، بقدر ما كان ينم عن استجابة لانتشار قيم الديمقراطية في العالم، وبخاصة في عقر دور المعسكر الاشتراكي. هذا التحرك مع المطالبة بعقد مؤتمر عام جوبه بالرفض من قبل قيادة الحزب على ما يقول مؤيدون له. وفي تلك الفترة جرى توقيفه مرتين إحداهما في أجواء هبة معان فيما استعد بعدئذ لخوض الانتخابات عن الكرك. وقد خاضها وحقق الفوز فيها.

وسارت الأمور بعدئذ وموضوعياً نحو التباعد مع رفاق القيادة ،بعد افتراق الرؤى والأفكار. وقد دفعت مجموعة التكتل نحو "إنشاء الحزب الاشتراكي الديمقراطي”، وبغير خوض مناوشات علنية مع قيادة الشيوعيين، وأختير عيسى مدانات في تلك المرحلة عضواً في لجنة "الميثاق الوطني” التي أرست نظرياً ومرجعياً عملية التحول الديمقراطي.

ومن وجهة نظر حزبية، فقد لقيت التفاعلات النظرية في صفوف الأحزاب الشيوعية بما فيها "الحزب القائد” في الاتحاد السوفييتي، استجابة من فريق عيسى مدانات، وينسب إليه قوله في هذا المضمار: "نريد الانصراف لمعالجة مشاكل حاضرنا، لا الوقوف جامدين بانتظار الوصول الى حلم الاشتراكية".

بعد صدور الميثاق، حظي بلقاء مع الراحل الحسين، وهو اللقاء الثاني. أما اللقاء الثالث فكان في المدينة الطبية حيث استقبل عيسى مدانات على فراش المرض الملك الراحل وبث التلفزيون في حينها لقطات للزيارة الملكية. ثم أخذ الأمير الحسن، ولي العهد آنذاك و”منتدى الفكر العربي” في الاستئناس بأفكاره.

ومع مجموعات يسارية أخرى ومع التماس صيغ حزبية متلاحقة ومختلفة،أمكن لعيسى مدانات الوصول قبل نحو عشر سنوات لصيغة "حزب اليسار الديمقراطي” بفضل مبادراته وجهود آخرين منهم: مازن الساكت، وعلي عامر، ومؤنس الرزاز، وبسام حدادين، وجميل النمري، وحسين أبو رمان، وموسى المعايطة. على أن مدانات بعد السباحة لعقود في تيارات فكرية وأنواء سياسية متلاطمة وهو الرياضي هاوي السباحة الى حد الاحتراف، قد آثر الاستراحة وتسليم "الراية" لجيل جديد، واكتفى بموقعه منذ ذلك الحين رئيساً فخرياً لحزب اليسار.

يكشف أصدقاء له عن شكواه من خيانة ذاكرته له أحياناً. ورغم هذه "المزاعم” فهو يعكف بدأب منذ فترة على كتابة سيرة ذاتية ـ سياسية.وهو الذي لم يصدر مؤلفات رغم أنه كان يشكل مع قلة آخرين العقل النظري للحزب الشيوعي. إذ استنزفه العمل الحزبي والتنظيمي والمهمات السياسية. أما بعض رفاقه فيشيرون إلى أن اهتماماته الثقافية تتعدى الفكر السياسي و تمتد الى السينما والأدب.

لم يتح له التفرغ لعمل فكري، وثقافي. ولم تحمله مؤهلاته لتبوؤ موقع يستحقه في الدولة. لكن مسيرة «أبو عامر» بما اشتملت عليه من مبدئية ونزاهة، وبما انطوت عليه من كفاءة وخبرات وتحولات، وكذلك من محطة نيابية وإسهام في وضع الميثاق،تضعه حكماً في منزلة رجل دولة متميز.