القلعة نيوز : بقلم عبدالله مسمار ليست المشكلة الصحية في الأردن حديثة ولا هي وليدة جائحة كورونا، ولا احدى نتاجاتها، ولا تتمثل بنقص الخبرات الطبية او ضعف الكفاءات، ولم تكشفها قضية الطفلة لين او غيرها من وفيات التقصير والاخطاء الطبية، ولكن هل الاطباء مذنبون؟
الاطفال وقضاياهم عادة ما يثيرون الرأي العام، وتصبح حوادث وفياتهم محط أنظار الجميع، وبذلك تصبح وفاة طفلة في الخامسة من عمرها بسبب انفجار زائدة دودية بعد تكرار الخطأ بتشخيص الحالة، قضية رأي عام، ولكن هل تنكر وزارة الصحة أو أي من مستشفيات المملكة أن ذلك يحدث مرات ومرات؟
أين الخلل؟
يحاول اخصائي باطنية في إحدى مستشفيات المملكة والذي يستقبل عددا كبيرا من المواطنين في قسم الطوارئ، شرح الأمر لـ عمون، فيقول ليس هناك خطوات فنية لاستقبال المرضى في طوارئ المستشفيات، فيترك الأمر لتقديرات الطبيب، وبسبب الضغط الكبير فإن من يقوم بهذا الدور في اقسام الطوارئ بمعظم الحالات اطباء مقيمين مستجدين، فتكون المشكلة الرئيسية في التشخيص.
الاستاذ المشارك واستشاري الطب الوقائي والوبائيات الدكتور منير ابوهلالة قال إن تأخير تشخيص مريض يحتاج الى تدخل جراحي طارئ قد يؤدي الى وفاته، مؤكدا أن ذلك حدث مع كثير من مرضى الجلطات القلبية والدماغية في الأردن، وللأسف يتكرر كثيرا.
ابو هلالة أكد لـ عمون أن لا بروتوكولا طبيا لدى العاملين في اقسام طوارئ المستشفيات يعتمدون عليه في تشخيص الحالات واتخاذ قرار الادخال او مغادرة المستشفى، بل الأمر متروك للاطباء كل على حدة.
ويرى ابوهلالة أن النظام الصحي في الأردن يحتاج إلى نهضة علمية شاملة تعمل على تفعيل دور البروتوكولات الطبية وتطبيق نظام لمعايير الجودة السريرية في تشخيص وعلاج ومتابعة المرضى.
وقال إن الأردن يفتقر لبرنامج تدريب واضح لتأهيل الاطباء في اقسام الطوارئ، ويحتاج الى تفعيل تخصص طب الطوارئ اضافة الى تفعيل دور الطب المبني على الدليل وادارة الملف الصحي على أسس علمية، والتركيز على النوع لا الكم.
كما أشار ابوهلالة الى ضعف كبير في الرعاية الصحية الاولية الأمر الذي ينعكس على تطور حالة المريض وبالتالي زيادة الضغط على المستشفيات الرئيسية.
وأشار إلى أن هناك المئات او الآلاف الذين تطورت حالاتهم بشكل كبير بسبب تأخر تشخيصها لأشهر أو سنوات، إضافة الى عدد كبير من حالات الفشل الكلوي التي ارهقت المملكة صحيا واقتصاديا، وكان بالامكان منع أكثر من 70% منها، لكن غياب نظام الجودة السريرية والبروتوكولات العلاجية حالت دون ذلك.
وانتقد ابوهلالة سوء استخدام المضادات الحيوية في المستشفيات الأردنية والتي تؤدي إلى حدوث مقاومة لانواع مختلفة من البكتيريا، ما انعكس سلبا على الحالات المدخلة الى المستشفيات، وبالتالي انعكست صحيا واقتصاديا على النظام الصحي في الأردن.
الحلول
ابوهلالة أكد أنه يمكن استغلال نظام الصحة الالكتروني "حكيم" بشكل أفضل محليا لتطبيق أسس معايير الصحة السريرية، ويكون نظاما واضحا يمكن المريض من تلقي ذات مستوى الرعاية الصحية من أي مكان في الأردن، إضافة الى ضرورة تفعيل بروتوكولات طبية معتمدة لاستقبال المرضى في اقسام الطوارئ.
كما أكد على ضرورة اعتماد برنامج واضح لتأهيل الاطباء عند تعيينهم قبل توزيعهم على المراكز الصحية ومستشفيات الطوارئ.
وبين ابوهلالة أن وجود نظام مساءلة طبية دون تفعيل بروتوكول علاجي لا يعني شيء، فقبل مراجعة نظام المساءلة الطبية علينا مراجعة البروتوكولات العلاجية المتبعة في المستشفيات واقسام الطوارئ وتفعيل دورها.
وأشار الى أن هناك الآلاف من الادخالات والمضاعفات لمرضى الامراض المزمنة وكبار السن يمكن الوقاية منها سنويا من خلال المطاعيم مثل الانفلونزا والمكورات الرؤوية.
وأوضح أن الأردن قادر على تجاوز الاخطاء الطبية والتقدم في القطاع الصحي، ولكن هناك حاجة ملحة للبدء باصلاح القطاع ضمن معايير علمية واضحة وحازمة.