من خلال انتخاب يحيى السنوار خلفاً للشهيد إسماعيل هنية، حركة حماس تشير إلى أنّ الحسم سيتحقق في الميدان، وليس من خلال الدبلوماسية.
صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية تنشر مقالاً لمحلل الشؤون العربية في إذاعة "الجيش" الإسرائيلي جاكي خوري، يتحدث فيه عن يحيى السنوار، وما يشير إليه قرار قيادة حماس تعيينه رئيساً للمكتب السياسي للحركة خلفاً للشهيد إسماعيل هنية.
أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية بتصرف:
ينظر الوعي العام الفلسطيني والعالم العربي والإسلامي إلى تعيين يحيى السنوار رئيساً للمكتب السياسي لحركة حماس على أنّه قرار مفاجئ وغير متوقع.
المفاجأة لا علاقة لها بشخصية السنوار أو مدى ملاءمته للمنصب، بل بالنزعة الطبيعية لرؤية رئيس المكتب السياسي كشخصية حكومية ودبلوماسية تتجول بين الدول والمدن، وتلتقط الصور مع قادة، وتردد شعارات، وتحصل على وقت على شاشات التلفزة.
كان هذا هو الحال مع إسماعيل هنية وخالد مشعل قبله. كانا شخصيتين يمكنك التواصل معهما، ولديهما مظهر يناسب منصبهما، إلا أنّ اختيار السنوار يفسد هذه النظرية.
لم يُشاهَد السنوار أو يظهر علناً منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول. يتم التواصل معه في الظلام، وربما أيضاً باستخدام أساليب بدائية، حتى لا يقدّم معلومات قيّمة عن مكان اختبائه. ومع انتظار بعض وكالات الاستخبارات ارتكابه خطأ، يُقدّر أنّ الرجل، الذي يعد أيضاً الهدف الأول لاغتيال "إسرائيل"، يعيش تحت الأرض أو يختبئ في بونكر سرّي بعيداً عن أي إمكانية الاتصال به.
لكن بصرف النظر عن الظهور والعلاقات العامة في وسائل الإعلام، لم يحصل السنوار على ترقية في مكانته أو سلطة أكبر، فعملياً، كان هو الزعيم الأقوى في حماس، وانتخابه رئيساً للمكتب السياسي أعطاه اللقب الرسمي فقط.
على عكس القيادة الخارجية لحركة حماس، السنوار حكم قطاع غزة الذي كان يقطنه 2.2 مليون نسمة حتّى 6 أكتوبر بجهاز مجهز جيداً. تحت رعايته ومسؤوليته، هناك جيش نظامي وتشكيل سيطرة واسع، بما في ذلك شعبة استخبارات، ولا تملك حماس مثل هذه القدرة في أي ساحة أخرى.
لذلك، يجب فحص التعيين بشكل أساسي من حيث الرسائل وإعلان النيات. تدرك قيادة حماس أنّ وجهة "إسرائيل" ورئيس وزرائها ليست إلى صفقة، وأنّ ما سيحسم المواجهة في النهاية هو الميدان والمعركة العسكرية، وليس الدبلوماسية والنشاط السياسي. في هذا الواقع، تم منح القيادة الميدانية رسمياً زمام الأمور.
وتدرك حماس أنّه لا يوجد ضغط فعّال لإنهاء الحرب، وليس أمام التنظيم خيار آخر سوى الثبات على الأرض. ستحاول قيادة الخارج المساعدة في دفع حوار مع الوسطاء، لكن الحسم سيتحقق فقط بين بيت حانون ورفح.
وتدرك حماس أيضاً أنّ الورقة الرابحة التي تمتلكها ضد "إسرائيل" والولايات المتحدة هي الأسرى، إذا كان لـ"إسرائيل" مصلحة في تحريرهم.
وما يجب فهمه هو أنّ تعيين السنوار لا يغير أي شيء جوهري في المفاوضات. على أي حال، كان الموقف النهائي من الصفقة مشروطاً بموافقة غزة وليس الدوحة، وسيكون هذا هو الحال أيضاً بعد التعيين.
في هذه المرحلة من "اليوم التالي"، سيكون لوجود السنوار أهمية كبيرة، وسيحدد كيف سيُذكر في الوعي الوطني الفلسطيني، وعما إذا كان هو الرجل الذي أعاد حماس والقضية الوطنية الفلسطينية إلى الواجهة. في مثل هذا السيناريو، سيكون لقب رئيس المكتب السياسي لحماس صغيراً عليه.
المصدر : الميادين نت / الكاتب جاكي خوري