تستضيف الدوحة الخميس، مفاوضات بشأن وقف لإطلاق النار في قطاع غزة بعد الحرب "الإسرائيلية" المستمرة منذ 10 شهور على غزة، وفي ظل تصعيد إقليمي بين تل أبيب من جهة وطهران وحلفائها من جهة أخرى.
وأعلنت الولايات المتحدة وإسرائيل إرسال وفود إلى قطر الخميس، للمشاركة في المفاوضات التي يفترض أن يحضرها أيضا ممثلون عن الحكومتين المصرية والقطرية الوسيطتين إلى جانب واشنطن، بينما لم تعلن حماس التي يتخذ بعض قادتها مقرا لهم في قطر، ما إذا كانت ستشارك في جلسة الخميس.
على الأرض، واصلت إسرائيل الأربعاء عدوانها العسكري على قطاع غزة، إذ يقترب عدد الشهداء من الأربعين ألفا، وفق أرقام وزارة الصحة التابعة لحماس.
وأكّد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن وفدا "إسرائيليا" سيحضر محادثات الخميس في الدوحة، إذا سيحاول الوسطاء التوصل إلى اتفاق على وقف لإطلاق النار في قطاع غزة والإفراج عن الرهائن المحتجزين فيه.
وأوضح بيان صادر عن مكتبه أن الوفد سيضمّ "رئيسي الموساد والشين بيت فضلا عن نيتسان ألون (منسّق ملف الرهائن) وعوفير فالك (مستشار سياسي)".
وذكرت مصادر أميركية متابعة للملف أن رئيس جهاز الاستخبارات الأميركية وليام بيرنز سيتوجه إلى الدوحة للمشاركة في المفاوضات.
وقال مصدر في حماس إن الحركة "ستراقب وتتابع سير جولة التفاوض وهل مسار المفاوضات جدّي من جانب الاحتلال ومجدٍ لتنفيذ الاقتراح الأخير أم أنه استمرار للمماطلة التي يتبعها نتنياهو".
وقال مصدر آخر إن "حماس معنية بوقف الحرب والتوصل لصفقة واتفاق لوقف إطلاق النار على أساس الاقتراح الذي قُدّم الشهر الماضي"، في إشارة إلى الاقتراح الذي أعلن عنه في وقت سابق وينصّ على ثلاث مراحل تشمل وقفا لإطلاق النار وانسحابا للقوات الإسرائيلية من المناطق المأهولة في غزة وإدخال مساعدات وإطلاق أسرى فلسطينيين من سجون الاحتلال.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية فيدانت باتيل لصحفيين إن "شركاءنا القطريين يعملون على أن يكون هناك تمثيل لحماس" في المفاوضات.
- التصعيد في المنطقة -
وشدّد المبعوث الأميركي آموس هوكستين الذي يتوسّط في الخلاف الحدودي بين لبنان و"إسرائيل"، من بيروت الأربعاء، على أنه "لم يبق وقت لإضاعته" قبل التوصل لوقف إطلاق النار في غزة، معتبرا أن من شأن هذا أن يتيح كذلك التوصل إلى حلّ دبلوماسي في لبنان حيث يتبادل حزب الله عبر الحدود النيران مع "إسرائيل" منذ اندلاع الحرب على غزة.
وأعلنت وزارة الصحة اللبنانية الأربعاء استشهاد شخصين في غارات "إسرائيلية" منفصلة على جنوب البلاد، بينما أعلن حزب الله استشهاد اثنين من عناصره، في أحدث تبادل لإطلاق النار عبر الحدود.
وأعلن الجيش "الإسرائيلي" في بيان أن سلاح الجو التابع له "ضرب بنى تحتية لحزب الله" في لبنان.
وبدأت الحرب إثر هجوم نفّذته حركة حماس في السابع من تشرين الأول على أراضي فلسطينية تحتلها "إسرائيل" وأسفر عن مقتل 1198 شخصا، وفقا لحصيلة أعدتها وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام إسرائيلية رسمية.
واُحتجز خلال الهجوم 251 شخصا، لا يزال 111 منهم محتجزين في غزة، بمن فيهم 39 يقول الجيش إنهم لقوا حتفهم.
وأسفرت الغارات والقصف والعمليات البرية خلال العدوان "الإسرائيلي" في قطاع غزة عن استشهاد 39965 شخصا على الأقل، بحسب أرقام وزارة الصحة في قطاع غزة.
وخلال الأسابيع الأخيرة، تعزّزت المخاوف من توسّع التصعيد من قطاع غزة إلى دول أخرى في المنطقة بعد اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في طهران، في ضربة نسبت إلى إسرائيل. وجاء ذلك بعد ساعات من ضربة "إسرائيلية" في الضاحية الجنوبية لبيروت قتلت القيادي في حزب الله اللبناني فؤاد شكر.
وتوعّدت إيران وحزب الله بالردّ على إسرائيل، فيما مارست الدول الغربية ضغوطا مكثفة على إيران داعية إياها للتراجع عن تهديدها بالردّ على إسرائيل.
واعتبر الرئيس الأميركي جو بايدن الثلاثاء أن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة قد يدفع إيران للامتناع عن شن هجوم.
ورفضت إيران الثلاثاء الدعوات الغربية للتراجع.
وكتب الرئيس "الإسرائيلي" إسحق هرتسوغ الأربعاء أن بلاده لا تزال "في حالة تأهب قصوى".
وأضاف"أريد أن أعرب عن امتناني (...) لحلفائنا الذين يقفون متحدين معنا في مواجهة التهديدات البغيضة من النظام الإيراني ووكلائه الإرهابيين".
في إطار الجهود الدبلوماسية المبذولة لاحتواء التصعيد في المنطقة، يزور وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه بيروت الخميس.
والأربعاء جرت محادثات بين وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ورئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني الذي أجرى بدوره محادثات مع وزير الخارجية التركي هاكان فيدان.
وجاء في بيان للخارجية الأميركية أن بلينكن ورئيس الوزراء القطري شدّدا خلال الاتصال على أنه "لا ينبغي لأي طرف في المنطقة اتّخاذ إجراءات من شأنها تقويض جهود التوصل لاتفاق".
وفي سلسلة اتصالات أجراها مع قادة أجانب، وجّه بلينكن وفق الخارجية الأميركية "رسالة واضحة" بشأن "الأهمية الحيوية" لوقف إطلاق النار.
وشدّد بلينكن على أن "الوقت قد حان للإفراج عن الرهائن (...) ولتخفيف الأعباء عن أهل غزة، بموجب الاتفاق المطروح الآن على الطاولة".
ووافقت إدارة بايدن الثلاثاء على صفقات أسلحة جديدة ل"اسرائيل" بقيمة تتجاوز 20 مليار دولار، متجاهلة ضغوطا تمارسها منظمات حقوقية تدعو لوقف إمداد تل أبيب بالأسلحة على خلفية ارتفاع حصيلة الشهداء المدنيين في غزة.
في هذا الوقت، تواصلت العمليات العسكرية على الأرض في قطاع غزة، وأعلن الجيش "الإسرائيلي "الأربعاء تنفيذ أكثر من 40 غارة جوية في أنحاء القطاع مستهدفا "بنى تحتية إرهابية".
وقال إن قواته تواصل عملياتها في تل السلطان برفح في جنوب القطاع، وكذلك في خان يونس جنوبا أيضا، وفي وسط القطاع.
في دير البلح في وسط القطاع المحاصر، قال ابراهيم مخيمر لوكالة فرانس برس "نحن نتمنى نهاية الحرب ونتمنى أن يقف العدوان... عشرة شهور من سياسة تجويع وعزل الشعب عن العالم... نحن بحاجة الى وقف العدوان لسماح دخول الإمدادات الطبية الى قطاع غزة لأننا جميعا نعاني".
وقال رامي الخضري "نتأمل من الله أن تكون هناك حلول حتى يعود النازحون إلى بيوتهم. نحن الآن متسولون... الشعب مات وتقطّعت أرجلهم وأيديهم ودُمّرت البيوت..."
وتابع "نقول لرئيس المكتب السياسي في حماس يحيى السنوار نريد حلّا ولنتنياهو أن ينهي هذه القضية".
في تل أبيب، قالت الممرضة كارميت الموغ (48 عاما)، "أشعر بأن هذا يجب أن ينتهي. علينا أن نعيد الرهائن. علينا أن نتوصل إلى اتفاق لنعيد تأهيل أنفسنا. أشعر أن الشعب يريد السلام ويريد أن تنتهي الحرب".
وقال رون إيتزيوني (خمسون عاما) "أعتقد انه إذا كانت لدى الحكومة
الإسرائيلية" مشكلة في التوصل إلى اتفاق، من الجيد أن لدينا حلفاء مثل الولايات المتحدة والأوروبيين، الذين يريدون اتفاقا".
في الضفة الغربية المحتلة، اُستشهد ستة فلسطينيين خلال ليل الثلاثاء وصباح الأربعاء برصاص الجيش "الإسرائيلي".
وتشهد الضفة الغربية التي تحتلّها "إسرائيل" منذ العام 1967 تصاعدا في العنف منذ أكثر من عام، لكنّ الوضع تدهور منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
واُستشهد ما لا يقل عن 625 فلسطينيا برصاص قوات الاحتلال "الإسرائيلية" ومستوطنين في الضفة الغربية منذ هجوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر، وفقا لإحصاء أعدته وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام فلسطينية رسمية.
وقُتل ما لا يقل عن 18 "إسرائيليا"، بينهم جنود، في هجمات فلسطينية في الضفة الغربية خلال الفترة نفسها ردا على العدوان الإسرائيلي، وفقا لأرقام "إسرائيلية" رسمية.