القلعه نيوز - كتبت- ميساء احمد المواجدة
قبل أيام قليلة خسر عدد كبير من المواطنين الأردنيين أموال طائلة، وهم يبحثون عن حلم تسديد التزاماتهم المالية من خلال الاشتراك في منصّات رقميّة تزعم بأنها مخصصة للتداول المالي عبر أسواق مالية عالمية ؛ لكنها في الواقع كانت أسلوب للنصب والاحتيال على الأردنيين تحت ذريعة التداول المالي!!
بداية الحكاية كانت عبر مجموعة عبر تطبيق تيلغرام يروج لفكرة التداول المالي؛ والبحث عن مشتركين باعوا ما لديهم من مقتنيات من أجل الاشتراك في منصّة التداول؛ دون ادراك بأنهم " فريسة" لعصابات تسرق أموال الأردنيين وتهريبها للخارج!!
بداية الاشتراك تكمن في مبالغ مالية يكون حدّها الأدنى 100 دولار ويصل إلى 3000 دولار للتداول الوهمي، وتبدأ المنصّة الوهمية بالطلب من المشتركين اجراء حركات وهمية يوميّاً وبالتالي يزداد رصيدهم الوهمي عبر هذه المنصّة!!
كما يتعيّن من المشتركين احضار خمسة مشتركين جدد خلال مدة شهرين وإلا يغلق حسابهم؛ وهو ما يدفعهم للترويج للمنصّة من خلال الأصدقاء والأقارب والمعارف على أمل تحقيق الفائدة للجميع تحت نظرية " فيد واستفيد"!!
هذا الظاهرة الجرمية الحديثة التي انتشرت في الفترة الأخيرة؛ نتيجة التطور في تقنية المعلومات، ووسائل الدفع الإلكتروني فتعددت الأساليب للإيقاع بالضحايا، ودفعهم نحو التداول بالعملات عبر منصّات وهمية؛ للاستيلاء على أموالهم.
العملات الرقمية الوهمية تتداول وتخزن إلكترونياً وفق آلية تشفير محددة فهي غير موجودة في الواقع بل تدار عبر شبكات مجهولة الهوية.
جرائم الاحتيال انتشرت بشكل كبير على المستوى المحلي خلال العام الجاري مقارنة بالسنوات الماضية؛ مما يستوجب تعزيز التوعية المجتمعية في هذا الجانب من خلال بعض الإجراءات البسيطة، التي يقوم بها الشخص؛ لحمايته من الوقوع ضحية لهذا الأسلوب الجرمي.
لا يمكن حصر المنصّات المخصصة لتداول العملات الرقمية؛ لأنها تدار من الخارج كما تكون المزاعم ، ومعظمها لا يمكن الوثوق بها، إذ تستخدم من قبل الجناة لارتكاب جرائم متعددة متصلة بالاحتيال الإلكتروني.
نتيجة التعامل المباشر مع منصّات وهمية لتداول عملات رقمية رُوج لها بأساليب متعددة، وشعارات زائفة عبر قنوات مختلفة كمواقع التواصل الاجتماعي واللقاءات الشخصية المباشرة.
تعدّ الإعلانات الزائفة عبر وسائل التواصل الاجتماعي الوسيلة الأبرز والأكثر انتشارا للترويج للمنصّات الوهمية لتداول العملات الرقمية؛ لتصميمها الاحترافي لجذب وإقناع الضحايا للمشاركة في هذه المنصات لينتهي بهم الحال إلى دفع مبالغ مالية طائلة تحول لاحقا إلى الخارج، وتركز تلك الإعلانات والحملات الدعائية على التأثير العاطفي في المستهدفين باستخدام عبارات براقة وشعارات جذابة زائفة تخلو من المصداقية، كظهور أحد الأشخاص في مقطع مرئي يُبث عبر وسائل التواصل الاجتماعي، يحكي فيه قصته بين الماضي والحاضر مستعرضاً نجاحه في تكوين ثروة مالية هائلة في فترة زمنية وجيزة وبجهد أقل عبر تداول العملات الرقمية.
هذه الأساليب الجرمية لا تستثني فئة دون الأخرى، ولكن فئة الشباب في المجتمع هي الأكثر عرضة لسعيهم الحثيث والمستمر لبناء مستقبل زاهر، يتناغم مع تطلعاتهم وطموحاتهم، مما يجعلهم مندفعين نحو إيجاد مصادر دخل متنوعة تحقق لهم الربح المالي السريع.
مصدر العملات الرقمية الوهمية ليس لها قيمة حقيقية، مما قد يسبب خسائر فادحة للمتعاملين بها أو مالكيها.
ويسهّل غياب الرقابة والشفافية في مسألة حصر وضبط الأموال المنقولة باستخدام العملات الرقمية ارتكاب تعاملات مالية مشبوهة مثل غسل الأموال، وتجارة المخدرات، وتمويل الإرهاب.
الشخص الذي يقوم بإنشاء منصات لتداول عملات رقمية وهمية يهدف الاستيلاء على أموال الغير و يُعد مرتكباً لجريمة الاحتيال الإلكتروني.
ما حدث مع عدد كبير من الأردنيين قبل يومين يتطلب جهوداً دولية يجب أن تبذل للتصدي لهذه الظاهرة الجرمية، وتتبعها من خلال الجهات المعنية سواء داخل المملكة أو بتنسيق مع الجهات الأمنية في الخارج المتمثلة في المنظمة الدولية للشرطة الجنائية "الإنتربول" لرصد الأنشطة الإجرامية الدولية في هذا الجانب، والإيقاع بها تمهيدا لتقديمها للعدالة؛ بما في ذلك العصابات المتخصصة في تعدين وترويج العملات الرقمية الوهمية، إضافة إلى التعاون الدولي في رصد الأساليب الجرمية الحديثة المستخدمة في هذا الشأن ودراستها، وتعميم تلك الدراسات والنشرات على الدول الأعضاء لمساعدتها على التصدي لها والتقليل من خطورتها.
المواطن اليوم عليه أن يدرك بأنه وبمجرد اشتراكه في تلك المنصات و بعد فوات الأوان، قد وقع ضحية احتيال إلكتروني فيصاب بالحسرة لفقدانه جميع الأموال التي كان يحلم بمضاعفتها.
قصص النصب أو الاحتيال في عالم التداول عبر منصّات رقميّة، قد لامست العديد منا، سواء متداولين، أو مستثمرين، أو حتى متابعين لهذا العالم الرقمي!