شريط الأخبار
وفد من حماس يصل القاهرة السبت مندوباً عن رئيس الوزراء..المومني يفتتح مهرجان الأردن للإعلام العربي مساعدة.. يكتب: رسائل ملكية لبناء أجيال تحمل روح المسؤولية والولاء بوتين : يجب اقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية الضمان" يوضح ما يتم تداوله حول تعيين مستشار إعلامي لديها براتب {3500} دينار الحنيفات: الغاء جميع الفعاليات الثقافية والفنية في مهرجان الزيتون تضامناً مع الأشقاء في فلسطين ولبنان قاسم: حققنا انتصارًا كبيرًا وتنسيقنا مع الجيش اللبناني سيكون عالٍ العضايلة يشارك في المؤتمر الوزاري رفيع المستوى حول المرأة والسلام والأمن رئيس الديوان الملكي يلتقي وفدا من أهالي صرفند العمار السفيرة أمل جادو تلتقي الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي وتسلمه رسالة مهمتها كممثلة لفلسطين "انديبندنت عربيه" : المعارضة السوريه المسلحه تدخل حلب وتسيطر اليوم الجمعه على اكثرمن خمسين مدينة وقرية في الشمال السوري بتوجيهات ملكية.. رعاية صحية للحاجة وضحى الشهاب وتلبية احتياجاتها المعيشية مهرجان الزيتون.. نافذة تسويقية ومشهد تراثي ينبض بالحياة الاوقاف تنتقد الاستهزاء من الدعوة لصلاة الاستستقاء البرلمان العربي يدعو المجتمع الدولي للتحرك لوقف حرب الإبادة في غزة شهداء وجرحى جراء قصف الاحتلال لمناطق في غزة والنصيرات غوتيريش: الأمم المتحدة ستواصل التضامن مع الشعب الفلسطيني اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني ..تذكير بوقف الإبادة والتجويع مصرع ثلاث سيدات جراء التدافع أمام أحد المخابز في دير البلح استقالة وزيرة النقل البريطانية بعد الكشف عن إدانتها في قضية احتيال قديمة

سمحان يكتب في ذكرى وفاة والدة : شيب شعره وتجاعيد وجهه

سمحان يكتب في ذكرى وفاة والدة : شيب شعره وتجاعيد وجهه
الصحفي شادي سمحان
مرت أربع سنوات على رحيلك، يا أبي، ولا يزال قلبنا يحمل ذلك الحزن العميق الذي لا يغيب. ورغم مرور الوقت، تبقى ذكرياتك حية فينا، وكأنك لم تغادرنا. لكن وسط هذا الحزن، هناك نورٌ مشرق ينبع من أيام الطفولة التي عشناها معك، ومن معاناتك التي كنت تحملها من أجلنا، ومن الفخر الذي نشعر به كلما تذكرنا عملك في الخياطة التي امتهنتها بجدٍ وصبر، والتي كانت تمثل لك أكثر من مجرد عمل؛ كانت أملًا، وكانت حياة.
أبي، لقد عشت حياتك بألم، ولكنك لم تدع هذا الألم يثنيك عن تقديم أفضل ما لديك لنا. كنت مثالًا للقوة والصبر، ورغم معاناتك، كنت دائمًا تلملم جراحك وتضع لنا أنت الأمان، حتى نعيش في سعادة وأمان. كل يوم كان يحمل تحديات جديدة، ولكنك كنت تواجهها بابتسامة خفيفة على وجهك، وكأنك تزرع الأمل فينا دون أن تشعر.
أذكر أيام طفولتي عندما كنت أرافقك إلى مكان عملك. كنت أشعر بسعادة غامرة، وكأن العالم بأسره يتوقف عند تلك اللحظات. كانت لديك غرفة صغيرة مليئة بالأقمشة، وأدوات الخياطة التي كنت تُبدع في استخدامها. كان المكان يعج برائحة الجلد والخيوط، وكان يحيطك هدوءٌ عميق أثناء عملك، رغم التعب الذي كان يبدو على وجهك. كنت تضع كل جهدك في كل قطعة قماش، وكان عملك يعكس شرفك، وعزيمتك، وحبك لنا.
كنت دائمًا تروي لنا كيف كانت الخياطة بالنسبة لك ليست مجرد مهنة، بل كانت وسيلةً لتوفير لقمة العيش لنا. كنت تعاني في صمت، ولا تشتكي أبدًا. كنت تستيقظ باكرًا وتظل تعمل لساعات طويلة، لكنك لم تتذمر قط. كانت حياتك مليئة بالتحديات، ولكنك كنت تحملها على كتفيك بحبٍ وكرامة. كنت دائمًا تقول لنا: "العمل شرف، والصدق في العمل هو ما يجعلنا نعيش بكرامة."

أبي، الآن وبعد مرور سنوات، أرى في ذهني صورتك كما كانت في تلك الأيام: شعرك الذي بدأ يغزو بياضه تدريجيًا، وتلك الخيوط البيضاء التي أخذت تسكن رأسك برفق، وكأنها شاهدٌ على السنوات التي قضيتها تعمل وتجتهد من أجلنا. كنت دائمًا تحاول إخفاء تعبك، لكننا كنا نرى في تجاعيد وجهك تلك القصص الصامتة، تلك التي تحكي عن السهر والعمل والجهد الذي بذلته بلا كلل. كانت التجاعيد التي ملأت وجهك بمثابة خارطة من الذكريات، كل تجعيدة كانت تحكي عن تضحية، وكل شعرة بيضاء كانت تروي قصة صبر.
أبي، لا زلت أتذكر كلماتك عندما كنت أتذمر لك من تعب العمل، وتلك اللحظات التي كنت تشاهد فيها معاناتي وأنت تصبرني. كنت أشتكي لك من بيع الكريزة، وبيع الترمس، والذرة والسحبة، وكنت أقول لك إنني تعبت من جمع النحاس، لكنك كنت ترد عليّ بكل هدوء وقوة: "اليوم الحمد لله لاقين خبز نوكل، الله يعلم كيف رح تكون أيامكم، وأنا يابا بدي تكونوا زلام وتتحملوا عشان إذا جارت الدنيا عليكم ما تقعدوا بالبيت، وتشتغلوا أي شغل وتكونوا قد المسؤولية." كنت ترى فينا الرجال القادرين على مواجهة الحياة بصلابة.
أتذكر بكائي في الليل من شدة الألم في قدمي، وأنت تجلس بجانبي وأنت غير قادر على النوم. كانت أمي، اطال الل بعمرها ، تجلس بجانبي، تدلك قدمي بزيت الزيتون وتضع لي المشد على قدمي. كانت توبخني وتقول لي: "طول اليوم بتركض وبتلعب فطبل واخر اليل بتيجي تعيط من رجليك." كنت تتنهد وتطمئن عليّ، وكأن قلبك لا يهدأ حتى تتأكد أنني أغمضت عيني ووجدت الراحة. كنت تراقبني حتى يغلبني النوم، وتعلم أن قلبك قد هدأ حين تطمئن عليّ.

وعندما أتعب، أجد نفسي أتوجه إلى قبرك، أدعو لك وأتحدث معك، وكأنك أمامي، رغم أنني أعلم أنني أتحدث إلى حجارة، إلى شاهدٍ يتواجد فوق رأسك. أروي قصتي، أتحدث عن تعبي وهمومي، وكأنك تسمعني. رغم كل شيء، لا أستطيع أن أكف عن زيارة قبرك، ولا أستطيع أن أبتعد عن المكان الذي يعطيني السكون والراحة، ولو للحظات. هناك، حيث لا أحتاج إلى كلمات، فقط أتحدث إليك في صمت، وأشعر أنك موجود بجانبي، تنصت إلى همسات قلبي.
كم أتمنى لو أنك كنت موجودًا لتراني اليوم وأنا على أبواب جامعة القاهرة، أواصل مشواري الدراسي الذي بدأته معك قبل رحيلك عن هذه الدنيا. لقد كان حلمك أن ترى أبناءك يتعلمون، ويكملون ما بدأته أنت بحب وصبر. اليوم، أستكمل وصيتك لي بأن أكون السند لأخوتي ووالدتي، وأن أعمل جاهداً لتحقيق وعدي لك بأنني سأحصل على شهادة الدكتوراه. هذا الحلم الذي كان حلمك أنت أيضًا، وها أنا اليوم أُكمل هذا المسار على أمل أن أحقق ما حلمت به لنا جميعًا.
أبي، لم تكن مجرد والد، كنت صديقي ومعلمي، كنتَ الشخص الذي ألجأ إليه في كل لحظة، حتى في أحلك الظروف. اليوم، ورغم مرور أربع سنوات على رحيلك، ما زلت أشعر بك في كل خطوة أخطوها. أشعر بك في كل مجهود أبذله، في كل تعب أتحمله، وفي كل قرار أتخذه. كنتَ أنتَ الدافع، وأنتَ القوة التي أرشدتني في الطريق.
في هذا اليوم، أتذكر كل لحظة معك، كل ضحكة، وكل كلمة منك. وكلما اشتدت بنا الدنيا، نجد عزاءنا في ذكراك، وفي الدروس التي تركتها لنا. رحمك الله يا أبي، وأسكنك فسيح جناته، وأنت في قلوبنا دائمًا، لا تغيب. سيظل حبك حيًا فينا، وسيظل وفاؤنا لك هو نور طريقنا.