
تصريح سعادة ايلدار سليموف - سفير جمهورية أذربيجان
لدى المملكة الأردنية الهاشمية
استذكار اً للإبادة الجماعية - في مدينة "خوجالي” الأذربيجانية
في ذكراها الثالثة والثلاثين
القلعة نيوز:
في 26 فبراير من كل عام، تعلن العاصمة باكو الحداد في جميع أنحاء الجمهورية تخليدا لذكرى ضحايا مذبحة خوجالي ، حيث تتوقف حركة المواصلات في شوارع العاصمة ، ويتم تنكيس أعلام الدولة في جميع مدن وقرى ومحافظات الجمهورية ، وكذلك في مقرات البعثات الدبلوماسية المقيمة في الخارج ، ويقوم الاف السكان بزيارة النصب التذكاري صرخة الأم قرب محطة مترو الأنفاق «شاه إسماعيل خطائي» في باكو ويضعون باقات واكاليل الزهور امامه ، إجلالا واستذكارا لضحايا مجزرة مدينة خوجالي ، التي ارتكبتها وحدات من الجيش الأرميني يومي 25 و26 فبراير/شباط 1992 ،
اليوم وبعد ثلاث وثلاثين عاماً ، تحي جمهورية أذربيجان هذه الذكرى الأليمة وسط مزيج من الألم يتخلله الأمل بتنفيذ توجيهات الرئيس الهام علييف لعودة عدد من أبناء هذه المدينة المنكوبة الذين هجروا منها وهي تتأهل الأن لاستقبالهم بعد تحريرها من الاحتلال الأرميني ، عندما حسمت قيادة أذربيجان الرشيدة أمرها واستردت أراضيها المحتلة وتم تحرير خوجالي خلال حرب الـ44 يوما الوطنية من الاحتلال الأرميني ، واستعادة كامل الأراضي المحتلة نتيجة لتدابير مكافحة الإرهاب المنفذة 19 سبتمبر عام 2023م.
إن مدينة خوجالى " واحدة من أكثر المناطق الخلابة في جمهورية أذربيجان " تقع وسط منطقة كارباخ ذات الموقع الاستراتيجى الهام - على بعد 10 كيلو مترات من مدينة "خانكندلى" عند سلسلة جبال كاراباخ ، ويوجد بها المطار الوحيد بمنطقة كارباخ بأكملها، وبها آثار تاريخية قديمة، و آثار حضارة خوجالى - جداباى الأذربيجانية التى تعود إلى القرنين الرابع عشر والثانى عشر قبل الميلاد، كما عثر فيها على آثار مدفونة تعود إلى نهاية العصر البرونزى وأوائل العصر الحديدى مثل بعض الصناديق الحجرية ، والسراديب والمقابر الضخمة وغيرها من الآثار القديمة .
مذبحة خوجالي جزء لا يتجزأ من تاريخ اذربيجان ولا يمكن نسيانها ابدا "، وهي من أفظع أعمال الإبادة الجماعية التي ارتكبت ضد الإنسانية في تاريخ البشرية، وستبقى للأبد في الذاكرة بوصفها الصفحة الأكثر دموية في كل العصور ، لقد اطلق العتاد العسكري للفوج رقم 366 نيران المدفعية والدبابات على مدينة "خوجالي” في الليلة السادسة والعشرين من فبراير سنة 1992م ، و قد بلَغ عدد الضحايا 613 ضحية، من بينهم 63 طفلاً، و106 نساء و70 مُسناً ، وتوالت عمليات القصف بدخول الجماعات المسلحة المدينة من ثلاث جهات ، وبالرغم من أن الناجين من سكان "خوجالي” – أطفال ونساء وشيوخ – كانو قد لجأوا إلى الغابات عبر الطرق الثلجية وقد تجمدوا ، إلا أنه قد تم قتلهم بدون رحمة على أيدي مسلحين من الأرمن بالقرب من قرية "ناختشيفانلي"و سهل "عسكران".
لقد تم الاعتراف رسمياً بهذه المذبحة ، وتصنيفها كإبادة جماعية من قبل ما يقارب 18 دولة من دول اتحاد مجالس البرلمانات ، وكذلك من قبل الهيئات التنفيذية والتشريعية في 24 ولاية من الولايات الأمريكية المتحدة ، ومنظمة التعاون الإسلامي التي اعترفت بمأساة خوجالي وصنفتها على إنها إبادة جماعية وقد تم التوصل بالإتفاق بين أعضاء المنظمة على إدراج معلومات عن هذه المجزرة في مناهج الطلاب الدراسية وفي كتب التاريخ للدول الأعضاء بموجب اتفاقية وقعت بين منتدى شباب منظمة التعاون الإسلامي، ومنظمة الإيسيسكو في يوليو عام 2009، كما دعا الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري، المدير العام السابق للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة – إيسيسكو- المجتمع الدولي إلى إدانة هذه الجريمة ، موضحا أن ما حصل من كوارث وفظائع وجرائم ضد الإنسانية خلال الحرب العالمية الأولى، قد تكررت في سنة 1992 في (خوجالي) ، وفي عموم القرى والبلدات في إقليم (كارباخ ) الذي احتلته أرمينيا.
ومن الجدير بالذكر فقد كانت المملكة الأردنية الهاشمية من أوائل الدول العربية التي أقرت بالابادة الجماعية التي ارتكبتها القوات الأرمنية في مدينة خوجالي ، وللمملكة ايضا موقف داعم إتجاه قضية ناغورنو كارباخ وفقا لقرارات المنظمات الدولية في إطار القانون الدولي ومجلس الأمن في الأمم المتحدة 822. 853. 874. 884 ، كما تثمن جمهورية أذربيجان بيان مجلس الأعيان الأردني الموقر الصادر في 19 يونيو 2013، الذي أدان فيه وشجب هذه الإبادة الجماعية التي وقعت في مدينة خوجالي.
تنطلق الأن منطقة كاراباخ الأذربيجانية المحررة إلى رحاب السلام والاستقرار والإعمار ، بعد أن طوت صفحة طويلة من الحرب والمعاناة ، في 10 نوفمبر/تشرين الثاني 2020 ، فقد باشرت الحكومة الأذربيجانية بتوجيه من فخامة الرئيس الهام علييف بتكثييف طاقات العمل وبشكل فوري نحو إعادة إعمار الأراضي المحررة وبدأت بتنفيذ مشروع إزالة الألغام من المنطقة لتحقيق السلام والأمن وضمان عودة النازحين الذين أجبروا على ترك أراضيهم ، وخلال فترة وجيزة شيدت المناطق السكنية والبنية التحتية التي تلبي المعايير الحديثة وفق مفهوم المدن الذكية بعد ان دمرها الاحتلال الأرميني ، وتقام حاليا في مدينة شوشا وخوجالي قلب كارباخ التي يعاد الأن تعميرها من جديد أعمال إنشاءات جارية للاحياء السكنية الجديدة ، ومد خطوط مياه الشرب والطاقة الكهربائية والغاز الطبيعي و الإنترنت وإنشاء المباني الإدارية والعيادات الطبية ، والمدارس ورياض الأطفال و ترميم الآثار التاريخية والثقافية والدينية والمساجد التي تم هدمها وتدنيسها في جميع الأراضي المحررة من قبل المحتل، حفاظا على القيم الوطنية والدينية والأخلاقية للشعب الأذربيجاني.
أذربيجان اليوم بلد متطور ، له اقتصاد نام وحيوي وفى صعود مستمر ، والشعب الأذربيجاني بقيادة الرئيس الهام علييف نجح في تحقيق النصر وتحرير منطقة كارباخ كلها ، وتجري حاليا في أذربيجان برامج تنموية لاستقطاب وتشجيع المستثمرين من العرب والأجانب في عدة مجالات كالسياحة والزراعة والتكنولوجيا الزراعية والصناعات الغذائية وصناعة السجاد ، كما تدعو باكو "لؤلؤة آسيا - رجال الأعمال من كافة أنحاء العالم للعمل على تأسيس روابط وجسور اقتصادية دائمة لإيجاد فرص تنموية واستثمارات جديدة في كل جزء من أذربيجان - البلد المطل على بحر قزوين الذي يتمتع بشبكة طرق غزيرة وبنية تحتية مناسبة لجذب رؤوس الأموال ، وخاصة في إقليم ناغورنو كاراباخ الذي يتمتع بموارد طبيعية عالية وإرث تاريخي ثقافي غني بعد افتقاره لهذه المشاريع لسنوات طويلة من الاحتلال .
ومن هذا المنبر نقول : وبكل إجلال وتقدير ، ليتذكر ابناء الشعب الأذربيجاني أولئك الشهداء الذين قدموا أرواحهم فداءاً للوطن ودفعوا بحياتهم ثمنا لتحرير الأرض ، وسوف تبقى ذكراهم خالدة كدليل دامغ على التضحية من أجل الوطن والفوز بتحقيق النصر.