
القلعة نيوز:
في الخامس والعشرين من أيار من كل عام، يقف الأردنيون وقفة عز واعتزاز يسترجعون فيها أعظم اللحظات في تاريخ هذا الوطن، لحظة إعلان استقلال الأردن، تلك اللحظة التي خطّت بداية مسيرة الدولة الأردنية الحديثة بقيادة الهاشميين، وفتحت الآفاق نحو بناء وطن سيد حرّ على أرضه وقراره، وطن يعلو فوق التحديات ويترسخ في وجدان أبنائه عزةً وكرامةً وانتماءً لا يتزعزع
عيد الاستقلال بالنسبة لنا كأردنيين ليس مجرد مناسبة وطنية تتكرر بل هو جزء من هويتنا وذاكرتنا الجماعية ومسؤوليتنا المشتركة إنه تتويج لتضحيات من سبقونا ممن بذلوا أرواحهم وجهدهم ليبقى هذا الوطن عزيزاً قوياً ثابتاً على مبادئه وأخلاقه وقيمه وأجد نفسي اليوم أعيش هذه الذكرى بكل فخر لا كمجرد مواطن يعتز بانتمائه بل كأبن لعائلة كرّست حياتها في خدمة هذا الوطن العظيم
فوالدي وجدي وغيرهم من رجال العائلة الذين افتخر بهم كانوا من رجال الجيش العربي الأردني، أولئك الرجال الذين حملوا البندقية بيد، وراية الوطن باليد الأخرى، ساهرين على أمنه، ثابتين على مواقفه، صادقين في ولائهم، لا يطلبون جزاءً ولا شكوراً، بل كان شرف الخدمة العسكرية بحد ذاته أعظم وسام في حياتهم كانوا يحكون لنا عن المعسكرات والتدريبات، عن أيام البرد القارس والسهر الطويل، عن المواقف الصعبة التي لا تزيدهم إلا صلابة، وعن حبهم لتراب هذا الوطن، حبًا يعلو فوق كل مصلحة وكل غاية
وهكذا أصبح عيد الاستقلال بالنسبة لي ليس فقط ذكرى وطنية بل ذكرى شخصية، فيها يتجدد الشعور بالمسؤولية تجاه الوطن، ويترسخ الفخر بالإرث الذي نحمله من آبائنا وأجدادنا الذين عاشوا قيم الجندية، وكانوا أوفياء في مواقفهم، أوفياء لوطنهم، لا يساومون على مبادئهم، ولا يتخلّون عن واجبه
ونشأنا في بيت تشربنا فيه معاني الانتماء الحقيقي، والولاء للقيادة والإيمان بأن الوطن لا يُصان بالكلام بل بالفعل والتضحية والإخلاص بالعمل
إن الحديث عن الاستقلال هو حديث عن مسيرة وطن بأكمله، عن ملوك قادوا الأردن بحكمة وثبات، بدءًا بالملك المؤسس عبد الله الأول، مرورًا بالملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه، وصولًا إلى جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين، القائد الذي أخذ على عاتقه مواصلة البناء والإصلاح، وتعزيز مكانة الأردن وسط عالم متغير، واضعًا الإنسان الأردني في قلب العملية التنموية، ومؤمنًا بأن النهوض لا يتم إلا بتكاتف الجميع وولائهم لوطنهم
كما أن الاستقلال لا يكون تامًا إلا إذا حمله الجيل الجديد بروح الجدية والانتماء لا بمجرد الاحتفال والعبارات المنمقة وإنما بالعمل والإخلاص والإبداع واحترام القيم التي ضحّى من أجلها الآباء والأجداد فلكل جيل واجبه ولكل مرحلة تحدياتها ويبقى الثابت الوحيد أن الأردن لا يُبنى إلا بسواعد أبنائه وصدقهم وإخلاصهم في حب وطنهم
وفي ذكرى الاستقلال نرفع رؤوسنا اعتزازًا ونرفع أيدينا دعاءً بأن يحفظ الله الأردن من كل سوء ويديم عليه نعمة أمنه واستقراره بقيادته الهاشمية الحكيمة وشعبه الوفي وقواته المسلحة وأجهزته الأمنية التي تسهر على حمايته وتواصل المسيرة التي بدأها الرجال الأوائل
عيد الاستقلال هو قصتنا جميعاً هو حكاية وطن ، حملته قيادة حكيمة ، ودافع عنه جيش مخلص ، وآمن به شعب وفيّ
فكل عام والأردن بخير وكل عام ونحن نكتب صفحة جديدة من المجد بأيدينا وعزيمتنا ووحدتنا.
حابس ذياب الشوبكي