
القلعة نيوز - منذ تأسيس الأردن الحديث، شكّلت الفسيفساء جزءًا أصيلًا من الهوية الوطنية والتاريخية، وحظيت باهتمام خاص من القيادة الهاشمية، لتتحول مع مرور الزمن إلى إرث حضاري راسخ، وتتوّج مدينة مأدبا هذا الإرث بكونها العاصمة التاريخية لفن الفسيفساء في الشرق الأوسط، حيث تجتمع فيها أصالة التاريخ وروح الحرفة والإبداع المعماري.
وتشير الأرقام الموثقة التي حصلت عليها وكالة الأنباء الأردنية (بترا) من مديرية آثار مأدبا إلى أنَّ قصبة مأدبا فقط تحتوي على 1600 متر مربع من الفسيفساء الجميلة المتقنة والفريد من نوعها، واستطاع الأردن حمايتها وتوثيقها كإرث تاريخي مرتبط بوجود الأردن على مر التاريخ.
فسيفساء الأردن.. سردية تاريخية متجذرة
وقال أستاذ علم الآثار والتراث في الجامعة الهاشمية الدكتور محمد وهيب لوكالة الأنباء الأردنية، إن فن الفسيفساء في الأردن يُعدّ أحد المكونات الأساسية للسردية الوطنية التي تفتخر بها المملكة منذ نشأتها، مشيرًا إلى أن أقدم أرضية فسيفسائية في الأردن اكتُشفت في بلدة مكاور، وتعود إلى القرن الأول قبل الميلاد، وقد صنعها فنان أردني باستخدام حجارة محلية باللونين الأبيض والأسود، مما يعكس عمق ارتباط الحرفة ببيئة المكان.
وأضاف، أن هذا الفن تطور بشكل ملحوظ عبر العصور، حيث بدأ بتزيين الأرضيات، ثم توسع ليشمل الجدران والأسقف، وبلغ ذروته في القرنين السادس والسابع الميلاديين، خاصة مع اكتشاف كنيسة الخارطة في مأدبا التي تُعدّ من أقدم الخرائط المصورة في العالم باستخدام الفسيفساء، وكنيسة القديس استفانوس في أم الرصاص التي وصفها الخبراء العالميون بأنها من أجمل لوحات الفسيفساء في التاريخ، ليس فقط من حيث المساحة بل من حيث التفاصيل الفنية التي جسدت مدنًا ومناظر طبيعية وحياة يومية بدقة لافتة.
400 أرضية فسيفسائية تُشكل أكبر كنز فني في الشرق الأوسط
وبيّن وهيب، أن ما يزيد على 400 أرضية فسيفسائية مكتشفة في محافظات الأردن، تجعل المملكة أغنى دول الشرق الأوسط بهذا الفن العريق، وقد حافظ الأردنيون على هذا الإرث بإخلاص، مدفوعين بوعي ثقافي وحضاري، مشيرًا إلى أن الحرفيين الأوائل في مادبا، وعلى رأسهم المعلم "سلمانوس" في القرن السادس الميلادي، أسسوا تقاليد فنية عريقة، فكان سلمانوس يوقّع أعماله ويُدير مدرسة لتعليم فن الفسيفساء، وهو ما يُظهر مستوى التقدير الذي حظي به هذا الفن آنذاك، ويبرهن على أن صناعة الفسيفساء في الأردن لم تكن مجرد حرفة بل ثقافة متكاملة انتقلت عبر الأجيال.
مأدبا تصنع التاريخ مجددًا بأكبر لوحة فسيفساء في العالم
وفي امتداد حيّ لهذا الإرث، أبدع أبناء مأدبا المعاصرون بصنع أكبر لوحة فسيفساء ملونة يدوية في العالم، بلغت مساحتها 180 مترًا مربعًا، لتُسجَّل كإنجاز أردني جديد يؤكد أن مأدبا لا تزال مركزًا حيًا لصناعة الفسيفساء على مستوى العالم، يجمع بين عبق التاريخ وحداثة الإنجاز، ويُجسد روح الانتماء لهذا الفن الذي أصبح رمزًا للهوية المحلية ومصدر فخر وطني.
معهد مادبا للفسيفساء..الصرح الأكاديمي الوحيد في المنطقة
من جانبه، قال عميد معهد فن الفسيفساء والترميم في مأدبا الدكتور أحمد العمايرة، إن المعهد يُعدّ المؤسسة الأكاديمية الوحيدة من نوعها في منطقة الشرق الأوسط التي تمنح درجة الدبلوم في فن ترميم وصناعة الفسيفساء، مؤكدًا أن البرنامج الأكاديمي الذي يقدمه المعهد بُني على أسس علمية دقيقة، ويجمع بين الدراسة النظرية والتطبيق العملي الميداني بإشراف نخبة من الخبراء المحليين الدوليين.
وبيّن العمايرة، أن المعهد تأسس عام 2007 نتيجة تعاون مشترك بين وزارة السياحة والآثار الأردنية، ودائرة الآثار العامة، والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)، والتعاون التنموي الإيطالي، بهدف إعداد كوادر فنية مؤهلة ومتخصصة في أعمال ترميم الفسيفساء وتشكيل الحجر.
تأهيل مهني وفق معايير دولية
وأوضح العمايرة، أن المعهد حصل على الاعتمادين العام والخاص من مجلس التعليم العالي، ويقدم برنامج دبلوم يمتد لسنتين، يُمكّن الطلبة من دراسة مفاهيم علمية متقدمة في الترميم والإنتاج الفني، بالإضافة إلى تنفيذ مشاريع عملية ضمن مشاغل المعهد وفي مواقع أثرية فعلية خارج الحرم الجامعي، ما يعزز من مهارات الطلبة ويؤهلهم لدخول سوق العمل في مجالات الحفاظ على التراث والترميم المعماري والفني، ويشكل بذلك ركيزة أساسية في استراتيجية الأردن لصون تراثه الثقافي.
الأردن...نموذج عالمي في حماية الفسيفساء وترسيخ الهوية
يعد هذا التمازج بين التاريخ العريق لفن الفسيفساء في الأردن، وبين الجهود المؤسسية الحديثة التي يمثلها معهد مأدبا، يُكرّس مكانة المملكة كنموذج عالمي في صون التراث الثقافي وإحيائه بأساليب علمية معاصرة، ويجعل من الفسيفساء الأردنية ليس فقط فنًا بصريًا، بل سجلًا حيًا لهوية وطنية ممتدة، تروي حكاية الحضارات التي تعاقبت على هذه الأرض المباركة، وتُعبّر عن الوعي الأردني العميق بأهمية الثقافة كعنصر من عناصر القوة الناعمة والتنمية المستدامة.
ترميم الفسيفساء البيزنطية في مأدبا..حماية التراث وحفظ التاريخ
أكد رئيس قسم الترميم في معهد الفسيفساء والترميم في مأدبا، الخبير الدولي مشهور الطفيحات، أن مدينة مأدبا تُعدّ مدينة الفسيفساء بامتياز، نظرًا لاحتوائها على مئات الأمتار من الفسيفساء التي تعود إلى الفترة البيزنطية.
وأوضح الطفيحات وجود العديد من الكنائس، إضافة إلى كاتدرائية (مجمع كنائسي) وأرضيات فسيفسائية في بعض المنازل من تلك الحقبة.
وأشار الطفيحات إلى أن موقع مأدبا بالقرب من مدينة القدس ساهم في تعزيز أهميتها خلال العصر البيزنطي، حيث تميزت الأرضيات الفسيفسائية بسردها قصصًا متعددة تعكس مظاهر الحياة اليومية في تلك الفترة. ولفت إلى أن كنيسة "سان جورج" تحتوي على خارطة فسيفسائية فريدة من نوعها عالميًا، تمثل مخططًا يوضح الأماكن الدينية المهمة في الأردن وفلسطين وسيناء في مصر، وربما امتدت إلى مناطق جغرافية أخرى فقدت مع مرور الزمن.
كما أكد الطفيحات، أن معهد فن الفسيفساء والترميم يتحمل مسؤولية ترميم وصيانة كافة الأرضيات الفسيفسائية في مأدبا والأردن، مستخدمًا أحدث تقنيات الترميم والحفاظ عليها. كما نوّه إلى أن مدينة مأدبا حصلت عام 2018 على المركز الأول عالميًا في مجال الفسيفساء الحجرية وترميمها والمحافظة عليها.
"بترا - رانا النمرات ونضال النوافعة"
وتشير الأرقام الموثقة التي حصلت عليها وكالة الأنباء الأردنية (بترا) من مديرية آثار مأدبا إلى أنَّ قصبة مأدبا فقط تحتوي على 1600 متر مربع من الفسيفساء الجميلة المتقنة والفريد من نوعها، واستطاع الأردن حمايتها وتوثيقها كإرث تاريخي مرتبط بوجود الأردن على مر التاريخ.
فسيفساء الأردن.. سردية تاريخية متجذرة
وقال أستاذ علم الآثار والتراث في الجامعة الهاشمية الدكتور محمد وهيب لوكالة الأنباء الأردنية، إن فن الفسيفساء في الأردن يُعدّ أحد المكونات الأساسية للسردية الوطنية التي تفتخر بها المملكة منذ نشأتها، مشيرًا إلى أن أقدم أرضية فسيفسائية في الأردن اكتُشفت في بلدة مكاور، وتعود إلى القرن الأول قبل الميلاد، وقد صنعها فنان أردني باستخدام حجارة محلية باللونين الأبيض والأسود، مما يعكس عمق ارتباط الحرفة ببيئة المكان.
وأضاف، أن هذا الفن تطور بشكل ملحوظ عبر العصور، حيث بدأ بتزيين الأرضيات، ثم توسع ليشمل الجدران والأسقف، وبلغ ذروته في القرنين السادس والسابع الميلاديين، خاصة مع اكتشاف كنيسة الخارطة في مأدبا التي تُعدّ من أقدم الخرائط المصورة في العالم باستخدام الفسيفساء، وكنيسة القديس استفانوس في أم الرصاص التي وصفها الخبراء العالميون بأنها من أجمل لوحات الفسيفساء في التاريخ، ليس فقط من حيث المساحة بل من حيث التفاصيل الفنية التي جسدت مدنًا ومناظر طبيعية وحياة يومية بدقة لافتة.
400 أرضية فسيفسائية تُشكل أكبر كنز فني في الشرق الأوسط
وبيّن وهيب، أن ما يزيد على 400 أرضية فسيفسائية مكتشفة في محافظات الأردن، تجعل المملكة أغنى دول الشرق الأوسط بهذا الفن العريق، وقد حافظ الأردنيون على هذا الإرث بإخلاص، مدفوعين بوعي ثقافي وحضاري، مشيرًا إلى أن الحرفيين الأوائل في مادبا، وعلى رأسهم المعلم "سلمانوس" في القرن السادس الميلادي، أسسوا تقاليد فنية عريقة، فكان سلمانوس يوقّع أعماله ويُدير مدرسة لتعليم فن الفسيفساء، وهو ما يُظهر مستوى التقدير الذي حظي به هذا الفن آنذاك، ويبرهن على أن صناعة الفسيفساء في الأردن لم تكن مجرد حرفة بل ثقافة متكاملة انتقلت عبر الأجيال.
مأدبا تصنع التاريخ مجددًا بأكبر لوحة فسيفساء في العالم
وفي امتداد حيّ لهذا الإرث، أبدع أبناء مأدبا المعاصرون بصنع أكبر لوحة فسيفساء ملونة يدوية في العالم، بلغت مساحتها 180 مترًا مربعًا، لتُسجَّل كإنجاز أردني جديد يؤكد أن مأدبا لا تزال مركزًا حيًا لصناعة الفسيفساء على مستوى العالم، يجمع بين عبق التاريخ وحداثة الإنجاز، ويُجسد روح الانتماء لهذا الفن الذي أصبح رمزًا للهوية المحلية ومصدر فخر وطني.
معهد مادبا للفسيفساء..الصرح الأكاديمي الوحيد في المنطقة
من جانبه، قال عميد معهد فن الفسيفساء والترميم في مأدبا الدكتور أحمد العمايرة، إن المعهد يُعدّ المؤسسة الأكاديمية الوحيدة من نوعها في منطقة الشرق الأوسط التي تمنح درجة الدبلوم في فن ترميم وصناعة الفسيفساء، مؤكدًا أن البرنامج الأكاديمي الذي يقدمه المعهد بُني على أسس علمية دقيقة، ويجمع بين الدراسة النظرية والتطبيق العملي الميداني بإشراف نخبة من الخبراء المحليين الدوليين.
وبيّن العمايرة، أن المعهد تأسس عام 2007 نتيجة تعاون مشترك بين وزارة السياحة والآثار الأردنية، ودائرة الآثار العامة، والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)، والتعاون التنموي الإيطالي، بهدف إعداد كوادر فنية مؤهلة ومتخصصة في أعمال ترميم الفسيفساء وتشكيل الحجر.
تأهيل مهني وفق معايير دولية
وأوضح العمايرة، أن المعهد حصل على الاعتمادين العام والخاص من مجلس التعليم العالي، ويقدم برنامج دبلوم يمتد لسنتين، يُمكّن الطلبة من دراسة مفاهيم علمية متقدمة في الترميم والإنتاج الفني، بالإضافة إلى تنفيذ مشاريع عملية ضمن مشاغل المعهد وفي مواقع أثرية فعلية خارج الحرم الجامعي، ما يعزز من مهارات الطلبة ويؤهلهم لدخول سوق العمل في مجالات الحفاظ على التراث والترميم المعماري والفني، ويشكل بذلك ركيزة أساسية في استراتيجية الأردن لصون تراثه الثقافي.
الأردن...نموذج عالمي في حماية الفسيفساء وترسيخ الهوية
يعد هذا التمازج بين التاريخ العريق لفن الفسيفساء في الأردن، وبين الجهود المؤسسية الحديثة التي يمثلها معهد مأدبا، يُكرّس مكانة المملكة كنموذج عالمي في صون التراث الثقافي وإحيائه بأساليب علمية معاصرة، ويجعل من الفسيفساء الأردنية ليس فقط فنًا بصريًا، بل سجلًا حيًا لهوية وطنية ممتدة، تروي حكاية الحضارات التي تعاقبت على هذه الأرض المباركة، وتُعبّر عن الوعي الأردني العميق بأهمية الثقافة كعنصر من عناصر القوة الناعمة والتنمية المستدامة.
ترميم الفسيفساء البيزنطية في مأدبا..حماية التراث وحفظ التاريخ
أكد رئيس قسم الترميم في معهد الفسيفساء والترميم في مأدبا، الخبير الدولي مشهور الطفيحات، أن مدينة مأدبا تُعدّ مدينة الفسيفساء بامتياز، نظرًا لاحتوائها على مئات الأمتار من الفسيفساء التي تعود إلى الفترة البيزنطية.
وأوضح الطفيحات وجود العديد من الكنائس، إضافة إلى كاتدرائية (مجمع كنائسي) وأرضيات فسيفسائية في بعض المنازل من تلك الحقبة.
وأشار الطفيحات إلى أن موقع مأدبا بالقرب من مدينة القدس ساهم في تعزيز أهميتها خلال العصر البيزنطي، حيث تميزت الأرضيات الفسيفسائية بسردها قصصًا متعددة تعكس مظاهر الحياة اليومية في تلك الفترة. ولفت إلى أن كنيسة "سان جورج" تحتوي على خارطة فسيفسائية فريدة من نوعها عالميًا، تمثل مخططًا يوضح الأماكن الدينية المهمة في الأردن وفلسطين وسيناء في مصر، وربما امتدت إلى مناطق جغرافية أخرى فقدت مع مرور الزمن.
كما أكد الطفيحات، أن معهد فن الفسيفساء والترميم يتحمل مسؤولية ترميم وصيانة كافة الأرضيات الفسيفسائية في مأدبا والأردن، مستخدمًا أحدث تقنيات الترميم والحفاظ عليها. كما نوّه إلى أن مدينة مأدبا حصلت عام 2018 على المركز الأول عالميًا في مجال الفسيفساء الحجرية وترميمها والمحافظة عليها.
"بترا - رانا النمرات ونضال النوافعة"