
سنا المومني
النور بعد التخلّي
ليس التخلّي انطفاءً ، بل شرارةٌ تولد من رمادك،
تُذكّرك أن النور لا يُستعار من أحد ، بل يُكتشف في أعماقك أنت… وحين يهدأ الضجيج ، وتسكت الأصوات التي ملأتك ،تسمع قلبك أخيرًا يهمس بما غفل عنه زمانك …
ترى الحقيقة بلا مساحيق ، وترى مَن ظننتهم سكنًا ،مجرد عابرين على أرصفة الحكاية …
فلا تكتئب إن هجرك قريب ، ولا تبكِ إن كسرك حبيب
فالتخلّي لا يهدم، بل يُعيدك إلى ذاتك ، كما يُعاد صقل الحجر حتى يلمع …
هو لا يطفئك، بل يجعل فيك عمقًا لا يُرى ،وصمتًا يفهم كل شيء … إنه امتحانٌ يعلّمك الفرق بين من حضر بقلبه ، ومن اكتفى بظله.
ومع الأيام، ستدرك أن الخسارة ليست في من غادر،بل في من ظللت تراه صادقًا رغم وضوح الزيف. وستتعلم أن الحب لا يُقاس بالوعود الرنانة، بل بالثبات حين تميل الأيام …
فمن أراد البقاء لن يحتاج إلى عذرٍ ليبقى ، فالحب والمودّة ليسا وعدًا ، بل حضورًا لا يغيب، وثباتًا لا ينتظر تصفيقًا … واعلم أن الله لا ينزع إلا ليهدي ويطهّر ،ولا يُفرّغ قلبك إلا ليملأه بما هو أصدق وأجمل ..
فابتسم حين يزورك التخلّي ، فما ظننته خسارة كان نجاة ، وما حسبته نهاية كان بداية النور ، لقد صرت ترى…لا بعينيك فقط، بل بنورٍ وُلد فيك.