شريط الأخبار
من يغادر البرلمان… ومن يبقى؟ الأرصاد الجوية: انخفاض على درجات الحرارة وزخات مطر متفرقة خلال الأيام الثلاثة المقبلة الرياحي يكتب : مراكز الإصلاح والتأهيل في الأردن نموذج يحتذى وإدارة حصيفة تؤكد على التطور والتحديث المستمر الرواشدة يُعبّر عن فخره بكوادر وزارة الثقافة : جهود مخلصة لإضاءة مساحات الجمال في وطننا السفير الأمريكي: أتطلع لتعزيز الشراكة بين الأردن والولايات المتحدة حزب المحافظين في بيان عاجل يدعو للإسراع في تقديم مشروع قانون الإدارة المحليّة الملك للسفير الأمريكي لدى بالأمم المتحدة: ضرورة استعادة استقرار المنطقة القلعة نيوز تهنئ الدكتور رياض الشيَّاب بمناسبة تعيينه أميناً عامَّاً لوزارة الصحَّة للرِّعاية الأوليَّة والأوبئة وزير البيئة يؤكد سلامة نوعية الهواء في منطقة العراق بمحافظة الكرك قرارات مجلس الوزراء - تفاصيل الملك يحضر في غرفة صناعة عمان فعالية استعرضت إنجازات القطاع الصناعي لعام 2025 عُطلة رسميَّة بمناسبة عيد الميلاد المجيد ورأس السنة الميلاديَّة الحنيطي يستقبل رئيس أركان قوة دفاع باربادوس رئيس هيئة الأركان المشتركة يستقبل وفداً من أعضاء الكونغرس الأمريكي الملك يتقبل أوراق اعتماد عدد من السفراء الملك يلتقي نائبة رئيسة المفوضية الأوروبية فاعليات: افتتاح مركز جرش الثقافي خطوة نوعية لدعم الإبداع والمواهب الحباشنة عبّر "القلعة نيوز " يُطالب بطرح مشروع الناقل الوطني للمياه من العقبة "للاكتتاب العام" الأمن العام يطلق حملة "السلامة المرورية رئيس الوزراء يتفقد أربعة مواقع في جرش وإربد

من يغادر البرلمان… ومن يبقى؟

من يغادر البرلمان… ومن يبقى؟
د. عامر بني عامر

ليس من الحكمة أن يُختزَل المشهد الأردني اليوم بسؤال واحد: هل يُحلّ البرلمان أم لا؟ فهذا خيار مطروح في كل الديمقراطيات، ومورس في دول راسخة مثل بريطانيا واسبانيا التي شهدت انتخابات مبكرة عدة مرات خلال العقد الماضي، لكن النقاش الأردني يجب أن يكون أوسع من ذلك بكثير، وأكثر تعقيداً مما اختُزل له مؤخراً. فهناك متغير أكبر يقترب بسرعة: التوجّه الأمريكي لإعادة تصنيف جماعة الإخوان المسلمين، وهو مسار قد لا يتوقف عند "الجماعة” فقط، بل قد يشمل أفراداً، مؤسسات، أحزاباً، وربما حتى بنوكاً أو جمعيات كانت على تماس مع ملفات دعم غزة أو حماس، خصوصاً بعد الحديث – إن ثبتت صحته – عن ضياع ملايين الدولارات من التبرعات، وما فتحه ذلك من أسئلة على مستوى الإقليم كله.

هذه الاحتمالات ليست نتاج تكهّنات، بل قراءات تتقاطع فيها تحليلات دبلوماسية وقانونية وأمنية، وهي ليست حكماً على أي طرف، ولا على البرلمان، ولا على حزب جبهة العمل الإسلامي. بل هي محاولة لتقدير ما يمكن أن يقع في بلد يرتبط بعلاقة سياسية واقتصادية وأمنية شديدة التشابك مع الولايات المتحدة، وفي لحظة إقليمية يحكمها أحد أكثر الفرق الحاكمة تطرفاً في تاريخ إسرائيل بقيادة نتنياهو، وما يخلقه ذلك من ضغط على الإقليم بأكمله.

هنا يمكن فهم السيناريوهات التي يُتداول بها حول البرلمان. فهناك تقديرات تتحدث عن احتمال مغادرة نائبين إلى خمسة نواب، وهو تغيير محدود التأثير، يُدار عادة ضمن الروتين السياسي المعروف، ولا يُحدِث تحولاً يذكر في معادلة القوى داخل المجلس، إذ ستؤول المقاعد تلقائياً إلى مرشحين من الحزب نفسه على القائمة الوطنية، ما يبقي الوزن السياسي في مكانه تقريباً. لكن الصورة تختلف تماماً إذا ارتفع العدد إلى سبعة عشر نائباً؛ فهذا سيناريو لا يمكن أن يقع دون صدور قرار قضائي أردني يربط بين الحزب والجماعة المحظورة، وهو ملف منظور أمام القضاء، ومساره ليس بعيداً، عندها، ستوزّع مقاعد الحزب على الأحزاب الفائزة نفسها وفق نسب القوائم الوطنية، بما يمنح الميثاق ثلاثة مقاعد إضافية، والوطني الإسلامي ثلاثة مقاعد، ومبادرة (المنبثق من تقدم وإرادة) خمسة مقاعد، وتتوزع المقاعد المتبقية على بقية الأحزاب الفائزة كلٌ بمقعد واحد إضافي، أي أننا نتحدث عن تبدّل واضح في الخريطة الحزبية داخل المجلس.

لكن المسألة لن تكون حسابية فقط. فالسؤال الحقيقي هو: هل سيقبل الحزب بالاحتفاظ بمقاعده المحلية إذا فقد مقاعده الوطنية بقرار قضائي رغبةً في بقاء التمثيل السياسي داخل البرلمان؟ أم سيعتبر بقاءه في المقاعد المحلية التفافاً غير مقصود على جوهر القرار فيخرج منها طوعاً؟ الإجابة ليست محسومة، لكن ما هو محسوم أن موقف الحزب سيكون شديد الحساسية، وأن النقاش حول شرعية المجلس سيتحول إلى ساحة مفتوحة للتأويل السياسي والشعبي.

ورغم كل هذه التعقيدات، علينا أن نميّز بين أمرين: الحظر الأردني للجماعة، والتصنيف الأمريكي الإرهابي للجماعة أو الأفراد. الأول تطبيقٌ للقانون الأردني، بلا دوافع سياسية أو رغبة في الإقصاء، والدولة حافظت طوال الفترة الماضية على منهجية "الحد الأدنى الضروري”؛ تحقيقات قضائية، تعامل قانوني مع من ثبتت مخالفته، دون تعميم أو استهداف سياسي. أما التصنيف الأمريكي فهو قرار ذو طابع عالمي، مالي الطابع، يتجاوز حدود الدول ويؤثر على التحويلات والمنظومات المصرفية والعلاقات الثنائية، وقد يتسبب بآثار تلقائية لا يستطيع الأردن منعها حتى لو لم يرغب بها. لذلك، فإن التحليل السياسي هنا ليس موقفاً من الحزب أو الجماعة، بل نقاش ضمن مصلحة وطنية عليا ترتبط باتساع رقعة التأثير الأمريكي على الإقليم.

وإذا كان هذا المشهد معقداً، فثمة حقيقة موازية: الحزب نفسه مدعو إلى مراجعة داخلية جادّة. فهو تاريخياً جزء من النظام السياسي الأردني، ولم تتكوّن أغلبية سياسية أو بيروقراطية ترغب بخروجه من الحياة العامة، لا قبل الحظر ولا بعده. التجارب المقارنة كثيرة؛ حزب العدالة والتنمية المغربي مثال قريب لحزب ذي مرجعية إسلامية أعاد تعريف ذاته، وتكيَّف، وبقي جزءاً من العملية السياسية، وكذلك أحزاب في تركيا وماليزيا وتونس مرت بمحطات مشابهة وراجعت خطابها وهياكلها دون أن تغادر الساحة.

بعد كل ذلك، يبقى أن السيناريوهات المطروحة ليست قدراً محتوماً؛ قد يبقى البرلمان كما هو، مع تحمُّل تبعات القرار الأمريكي المحتمل إذا نجحت الدبلوماسية الأردنية في تقليل أثره. وقد يذهب الأردن إلى تعديلات دستورية تتيح ترتيباً سياسياً أوسع، بما في ذلك الذهاب إلى انتخابات مبكرة كما تفعل الدول الديمقراطية الراسخة حين تواجه لحظات إعادة ضبط. لكن الأهم اليوم أن يبقى النقاش مفتوحاً، بلا تخوين ولا تجريم. فهذه كرة ثلج بدأت تتدحرج فعلاً، وما زالت أمامنا فرصة لتوجيه مسارها قبل أن تفرض علينا وجهتها.