القلعة نيوز :
لا تتوقف دورة الحياة عند سليمان جاد الله، باستقراره في أمريكا، فهذا المزارع الذي نشأ على حب الأرض، والعيش من خيراتها، لا يعرف هجرة، ولا بياتاً شتوياً.
جاد الله (52) عاماً، والمنحدر من قرية شقبا غربي مدينة رام الله، يحمل في يومياته مع الأرض، الكثير من التفاصيل، فهنا في بلاد المهجر، يعتمد كثيرون على الأعمال التجارية كالملابس والمطاعم ومحطات الوقود وغيرها، لكن بالنسبة لجاد الله، فثمة علاقة اجتماعية وإنسانية تتشكل مع الأرض، بالرغم من التعب والإرهاق، ونمط الحياة المختلف، وفي تجربته تأكيد واضح ودليل دامغ، على أن في الأرض خبايا وكنوزا لا يكتشفها إلا من سبر بحارها وعرف كنهها.
في حقله، تبدو المساحات الخضراء، بفعل الأشتال الزراعية المنتشرة بأنواعها، خلابة وجميلة المنظر، وفيها مياه وفيرة، لكن حياته تبدو أجمل، فهو من عائلة تعشق الأرض، ويغمرها الفرح بعد استخراج كنوزها وخيراتها منها.
يشرح جاد الله لـ»الدستور»: تشكلت الفكرة لدي، منذ عدة سنوات، لكوني أجيد فلاحة الأرض، منذ كنت في فلسطين، إذ كنا نعتمد في حياتنا على الزراعة، وخصوصاً البعلية، كالفقوس والخيار والبندورة والكوسا وغيرها، وذات مرة ولدى زيارتي إلى قريتي في فلسطين أحضرت معي من هناك بعض البذور على سبيل التجربة، وعندما نجحت في زراعتها، قررت التعمق أكثر بالزراعة هنا في أمريكا، خصوصاً وأن الأرض متوفرة بمساحات شاسعة، والمياة وفيرة، والعيشة هنا مريحة، وأصبحت آكل من تعبي ومن خير الأرض».
يمضي جاد الله مع ضحكة هستيرية، مستذكراً موقفاً طريفاً: «زادت أطماعي فيما تنتجه الأرض، وفي زيارة ثانية إلى أرض الوطن، أحضرت معي «عود الحراث» وتسبب هذا لي بالحرج مع مضيفات الطيران، إذ استغرب كل ركاب الطائرة من هذه العدّة الثقيلة، وغير المألوفة في رحلات السفر بالطائرة، واستدعى الأمر حضور أمن الطائرة مع مترجم، حتى سمحوا لي بإدخاله إلى خزانة الأمتعة، وحالياً أستعين به في حراثة الأرض التي أزرعها في أمريكا»!.
لم يكتف جاد الله بهذا، بل أخذ يوزع البذور على معارفه من الفلسطينيين والجاليات العربية الموجودة في أمريكا، ولا زال للفرح نصيب في حياته، مبيناً أن هذا العمل لا يخلو من التعقيدات، وهو غير مألوف للشباب الفلسطيني والعربي في بلاد العم سام، لكن يبقى له ما يميزه، فهو ارتباط بالأرض، وثقافة اجتماعية، ومصدر رزق من خيرات الأرض.