أريد أن أتحدث عما جرى بالحرب منذ تسعة أشهر لأن كل البشر تتابع من خلال وسائل الإعلام السمعية والبصرية وتكنولوجيا المعلومات الواقع الذي يحصل كل يوم .
وهنا أتحدث عن البعد الثقافي الصهيوني الذي بدا ينهار تدريجيا منذ بداية الحرب ، مع أنني لا أريد أن أستخدم كلمة ثقافة مرفقة باليهودية الصهيونية لأن الثقافة في مفهومها التجريدي تعني( التهذيب ) وهي لا تنطبق وليس لها صلة بما يمارسه الاحتلال منذ بداية الحرب ، فعلى الأقل في كل يوم اكثر من مئة طفل بين شهيد وجريح ، وهذا العدد من مؤسسة عالمية اسمها اليونيسيف ، حتى الآن أكثر من أربعة آلاف طفل شهيد وأما الباقي من آثار الدمار والقتل والتشريد فأنتم ترونهم يومياً .
ما يهمني الآن في هذه المقالة البعد الذي عاش عليه الصهاينة لحكم العالم يعيش الآن في حالة من الانهيار إن صح القول فهو (البعد الثقافي) معأنهداخل كل قطر في العالم بمفهوم البعد الثقافي ولكن الصهاينة أصروا على إضافة (اللا)إلى الثقافي ليتناسب مع جرائمهم وطغيانهم العالمي والذين استطاعوا أن يكونوا هذا البعد بوسائل شرعية وغيرلا شرعية وقد نجحوا في أن يحتويهم العالم وأخص هنا الغرب الداعم لهم وتمركزوا في معظم أفكار العالم وسيطروا عليها بقراراتهم المالية وتحكمهم في العالم اقتصادياً ودخولهم المنابر السياسية لمعظم دول العالم وبالتالي أصبح قرارهم هو المسيطر على الهيئات والمؤسسات الدولية والبنوك العالمية .
وجاءت حرب غزة وأنا أسميها حرب غزة لأن أبطالها أصحاب الفكر الفلسطيني الواعي والذي تعامل ومايزال يتعامل مع هذه الحرب لاثبات الوجود المستقبلي ولأنه يظهر في الأفق تخاذل البعد الثقافي المتساقط المهزوم للصهاينة بعد أن لوثوا العالم كله بأفكارهم وكشفتهم وسائل الاتصال العالمية وعلى سبيل المثال انسحاب أكبر شركة الكترونية من التعامل معهم وانهيار اقتصادهم داخلياً وخارجياً وزيادة هجرة عدد الجيش الانكشاري الذي استوردوه من الخارج وبالمقابل الانتماء والارتباط والوفاء الفلسطيني بأرض وقدسية أماكنهم حيث تجمع بين الواجب الديني والاجتماعي طيلة سبعين عاماً .
ولازال النتن ياهو يراوغ في مكانه ويتلاعب مع الوقت من خلال سلطته الظالمة وحتى اقرب الناس إليه في المجلس تخلوا عنه ، والمكابرة أصبحت جزءاً من حياته .
وأستغرب في آخر تصريحاته حين يقول :(نحن مستعدون لصفقة جزئية) ثم نستأنف الحرب وكأنه يرقص في صالة باليه ويريد تحقيق أهدافه بغض النظر عن أي احتمالات أخرى ولو كان فيها دمار مجتمعه .
ولكن أعجبني في أحدى التصريحات الأمريكية بخصوص الإفراج عن الأسرى حين قال مندوب أمريكا : ( نحن ننتظر رد حماس على الاقتراحات) فسبحان الله بعد أن كنا نجلس في المحافل الدولية في آخر المقاعد أصبحت أمريكا تنتظر رد حماس وهي متلهفة لكلمة منها فسبحان مغير الأحوال .
وهذا اعتراف ضمني دون أن تنطق به أمريكا بأن هذه القوة موجودة ولها كيانها وأهدافها المستقبلية .
ومرة أخرى يصرح النتن ياهو بأنه ملتزم بإعادة كل المفقودين من الأحياء والأموات على المستوى النظري وبأن من يدعم كلامه من الكابينيت بأن هنالك مرحلة ثالثة من الحرب ، ويخرج رئيس أمريكا بأنه بعد الانتهاء من حماس سيتم الاتفاق مع فلسطينيين لإدارة غزة .
هذا عالم مجنون وملوث ويتلذذ حين يرى الآخرين يغرقون ويرى المنازل تتساقط والأيادي والقطع البشرية تتناثر هنا وهناك وهل يقبلون ذلك على مجتعاتهم.
إن كل هذه المعطيات وما حصل من مظاهرات وانتقادات ومسيرات عالمية تؤكد بأن ثقافة الفكر الفلسطيني السياسي والعسكري قد نجح في أن يدفع الغرب من التنصل من التزامه مع الحركة الصهيونية وينادي بإقامة دولة فلسطينية مشروعة ، وهذا حصل بالفعل حين طالبت بعض الدول الغربية بالاعتراف بدولة فلسطين .
وأخيراً فأنا أرى أن هنالك نوراً ساطعاً وقوياً يدعم أبطال المقاومة الفلسطينية في هذه الحرب ، وبالمقابل سقوطاً واضحاً وعالمياً للعجرفة الإسرائيلية .
وإن غدا لناظره قريب .
والنصر والخلود لأبطالنا البواسل
والنصر قريب ان شاء الله .
د. فائق فراج