القلعة نيوز- يمضي الأردن قدما بالرغم من حالة عدم اليقين التي تواجه المنطقة، بتحسين بيئة الأعمال وتهيئها لتكون أكثر استقطابا للاستثمارات، باعتبارها مفتاحا لتحقيق النمو الاقتصادي وتوفير فرص العمل.
ويملك الأردن اليوم رؤية تحديث اقتصادي واضحة، مبنية على مكامن قوة المملكة ومزاياها، ويتطلب تحقيقها استقطاب استثمارات وتمويل بقيمة 41 مليار دينار، 72 بالمئة منها من خلال الاستثمار المحلي والأجنبي المباشر والشراكات بين القطاعين العام والخاص.
وحسب رؤية التحديث الاقتصادي، سيمكن توفير التمويل الاقتصاد الوطني من تحقيق المزيد من النمو، بما يؤدي لارتفاع الناتج المحلي الإجمالي ليصل لنحو 58 مليار دينار بحلول عام 2033، إلى جانب استحداث الفرص الاقتصادية والتشغيلية لاستيعاب أكثر من مليون شاب وشابة.
ويستند الأردن بالاستثمار على قواعد متينة، بمقدمتها قيادة ملهمة للمستثمرين وأمن واستقرار وسياسة نقدية حصيفة،وتشريعات متطورة وموقع استراتيجي وسهولة الوصول للأسواق العالمية، من خلال اتفاقيات تجارية متعددة وقوى بشرية متعلمة ومؤهلة، علاوة على فرص زاخرة بمختلف القطاعات.
وأكد جلالة الملك عبدالله الثاني، لدى اجتماعه قبل أيام بمستثمرين عرب وأجانب وممثلي شركات كبرى، أن استقطاب الاستثمارات الخارجية أولوية للاقتصاد الأردني، وأن المملكة حريصة على تسهيل أعمال المستثمرين وتعزيز مشروعاتهم.
ويرى اقتصاديون أن المضي قدما بمسيرة الاقتصاد الوطني التي حددتها رؤية التحديث الاقتصادي، يتطلب أن يكون استقطاب الاستثمارات هو الهم الأول للقطاعين العام والخاص وكل مكونات الدولة.
وقالوا لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، إن الاستثمارات سواء المحلية أو الخارجية تعتبر " حجر الرحى" في تحقيق التنمية الاقتصادية المنشودة، والتي هي في مقدمة اهتمامات جلالة الملك، مؤكدين أن الأردن يثبت دائما منعته وقدرته على تجاوز الصعوبات، ما يشجع على استقطاب الاستثمارات وتوطينها.
وشددوا على ضرورة تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص باستقطاب الاستثمارات وتحسين بيئة الأعمال، وتحديث التشريعات واستقرارها وتوفير حوافز منافسة وتطوير البنية التحتية والتركيز على القطاعات ذات الأولوية، إلى جانب الاستفادة من علاقات الأردن الوثيقة مع مختلف دول العالم وتوقيع اتفاقيات تجارة حرة جديدة.
وأكد رئيس غرفة تجارة الأردن خليل الحاج توفيق، أن استقطاب الاستثمارات تمثل "حجر الرحى" للاقتصاد الوطني، وبخاصة لجهة تحقيق النمو وتوليد فرص العمل، وتنفيذ رؤية التحديث الاقتصاد، مشيدا بالجهود الكبيرة التي يبذلها جلالة الملك، للترويج للفرص الواعدة المتوفرة لدى المملكة.
وقال إن جلالته يضع استقطاب الاستثمارات بقمة اهتماماته، ويوجه دائما إلى تسهيل أعمال المستثمرين وتعزيز مشروعاتهم، علاوةعلى ضرورة دعم القطاع الخاص والمستثمرين المحليين لتوسيع استثماراتهم والبناء على قصص النجاح المتحققة بمختلف القطاعات.
وأكد أن الأردن يدرك وجود منافسة قوية بالمنطقة لاستقطاب المستثمرين وأصحاب الأعمال الذين يبحثون عن العائد المالي الأكبر لاستثماراتهم، وهو موجود بالمملكة، إلى جانب مزايا أخرى تلبي احتياجات المستثمرين.
وأشار للعديد من المقومات التي تحكم بيئة الاستثمار والأعمال بالأردن، وبمقدمتها الأمن والاستقرار والموقع الاستراتيجي، وعلاقات خارجية قوية واتفاقيات تجارية مع مختلف التكتلات الاقتصادية العالمية، وحوافز ومزايا عديدة متوفرة لأصحاب الأعمال.
وبين أن هذه المقومات والمزايا تمثل رسالة مهمة للمستثمرين وأصحاب الأعمال، خاصة من الأشقاء العرب، لاستغلال الفرص الاقتصادية الكبيرة المتوفرة بالأردن، لا سيما تلك التي تتركز بقطاعات السياحة والطاقة والتعدين والصناعة وتكنولوجيا المعلومات والبنى التحتية والنقل.
وقال الحاج توفيق، إن غرفة تجارة الأردن تسخر كل إمكانياتها وعلاقاتها مع غرف التجارة العربية والأجنبية المهمة للترويج لبيئة الأعمال والفرص القائمة بالمملكة، لاستقطاب الاستثمارات، مشددا على أهمية التعاون والشراكة الحقيقية بين القطاعين العام والخاص لتعزيز ذلك.
وفي هذا السياق، أشار إلى أن الغرفة ستستضيف مطلع الشهر المقبل في عمان، مؤتمر الاستثمار الخليجي الأردني الأول، لبحث آفاق الاستثمار في قطاعات استراتيجية واعدة، تتماشى مع رؤية التحديث الاقتصادي.
وأشار إلى أن المؤتمر الذي يعقد بتنظيم مشترك بين تجارة الأردن واتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي، يشكل فرصة مهمة للمملكة كونه يأتي في وقت استثنائي، وسيظهر الجهود المبذولة لبناء بيئة استثمارية محفزة.
ولفت إلى أن توجيه الاستثمارات يمثل الحل الأمثل للصعوبات التي تواجه الاقتصاد الوطني وبما يمكن المملكة من تنفيذ ما تضمنته رؤية التحديث الاقتصادي، ولا سيما لجهة توفير فرص العمل من خلال استقطاب استثمارات جديدة.
ودعا إلى تذليل بعض العقبات الإجرائية والبيروقراطية التي تؤثر على بيئة الأعمال، وتفعيل "الدبلوماسية الاقتصادية" للسفارات الأردنية بالخارج، لترويج المشروعات الاستراتيجية التي تحتاج تمويلات مالية كبيرة.
من جانبه، أكد رئيس جمعية رجال الأعمال الأردنيين حمدي الطباع، أن الأردن يسير بخطى إيجابية في مسار تطوير البيئة الاستثمارية وتحديثها لتحقيق أهداف رؤية التحديث الاقتصادي وتنفيذ المشاريع الاستثمارية الكبرى التي تصب بمصلحة الاقتصاد الوطني.
وبين أن الحوافز والمزايا المقدمة لأصحاب الأعمال والمستثمرين المحليين والأجانب في قانون البيئة الاستثمارية ساعدت بقدر كبير على تعزيز الاستثمارات النوعية بالمملكة، وذلك من ناحية تسهيل إقامة المشاريع أو التوسع بالقائم منها.
ولفت إلى أهمية بذل المزيد من الجهد والحرص على أدامة استقرار التشريعات الناظمة لبيئة ممارسة الأعمال ما يجعلها أكثر منافسة ومحفزة للمستثمرين المحليين والأجانب على المستوى المنطقة، مبينا أن المملكة تشهد منافسة قوية من دول أخرى لجهة استقطاب الاستثمار، خاصة في ظل الاضطرابات الجيوسياسة التي تعيشها المنطقة.
وقال الطباع، "بالرغم من التحديات الجيوسياسية التي أثرت على الاقتصاد الوطني إلا أن ثقة المستثمرين تبقى عالية في الاقتصاد الوطني، خاصة لما تتمتع به البلاد من مقومات الأمن والاستقرار السياسي والنقدي ورفع التصنيفات الائتمانية السيادية للمملكة خلال هذا العام من قبل وكالات عالمية، والتي آخرها تأكيد وكالة موديز على التصنيف الائتماني للأردن عند(Ba3 ) من دون تغيير".
وأكد ضرورة العمل على تعزيز الشراكة الحقيقية بين القطاعين العام والخاص في استقطاب الاستثمارات حسب رؤية التحديث الاقتصادي، حيث يتوقع أن يتم استقطاب الغالبية العظمى من هذه الاستثمارات من القطاع الخاص بما في ذلك الاستثمار الأجنبي المباشر ومشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
وذكر أن هذا يستدعي إشراك القطاع الخاص بتنفيذ المشاريع الاستثمارية الكبرى والتي تعد من أهداف رؤية التحديث الاقتصادي والاستفادة من خبرات أصحاب الأعمال الأردنيين بإنجاز المشاريع التنموية الكبرى، بما يعزز من ثقة المستثمرين بالمملكة.
واشار الطباع، إلى ضرورة إشراك القطاع الخاص الأردني في القضايا التي تهم الاقتصاد الوطني وفي اتخاذ القرارات المصيرية التي تصب في المصلحة الاقتصادية الوطنية، بما يخدم بيئة الأعمال وأصحاب العمل في الأردن.
بدوره، أشار نائب رئيس غرفة صناعة اربد الدكتور نضال الحاسي، إلى أن زيادة الاستثمارات لتوفير الفرص الاقتصادية والتشغيلية يتطلب العمل على مجموعة من المحاور الأساسية التي تهدف إلى توفير بيئة مواتية لاستقطاب الاستثمارات المحلية والأجنبية.
وعرض لبعض المحاور المتعلقة بتوفير بيئة أعمال جاذبة للاستثمار ومنها : تبسيط الإجراءات الحكومية المتعلقة بتأسيس الشركات والحصول على التراخيص، وضمان وضوح القوانين والسياسات الاستثمارية، وتحديث التشريعات المتعلقة بالاستثمار وحماية حقوق المستثمرين.
ونوه إلى أهمية تقديم تخفيضات أو إعفاءات ضريبية مؤقتة للمستثمرين في القطاعات الاستراتيجية، وإنشاء صناديق استثمارية مشتركة لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتوفير أراضٍ بأسعار مخفضة أو بشروط دفع ميسرة للمشروعات الاستثمارية.
ودعا الدكتور الحاسي الذي يشغل كذلك منصب رئيس لجنة الاستثمار بمجلس محافظة اربد، لأهمية تطوير البنية التحتية من خلال تحسين النقل والخدمات وبناء شبكات نقل متعددة تلبي احتياجات المستثمرين، علاوة على تعزيز البنية التحتية الرقمية لتسهيل التجارة الإلكترونية والتكنولوجيا.
وركز على ضرورة دعم الصناعات التحويلية التي تضيف قيمة للاقتصاد، والترويج للسياحة والاستثمار في البنية التحتية منها، وتشجيع الاستثمارات في مصادر الطاقة النظيفة، وتوقيع اتفاقيات دولية تُسهل تدفق الاستثمارات، وتنظيم فعاليات ومعارض تروج للفرص الاستثمارية المتاحة.
وأكد أن تحقيق ذلك يتطلب وجود رؤية استراتيجية واضحة تدعم الاستثمار كأولوية وطنية، ومعالجة القضايا الاقتصادية الكبرى مثل التضخم، وعجز الموازنة، والتعاون مع القطاع الخاص لتنفيذ المشاريع الكبرى، وتطوير برامج تدريبية متخصصة لتأهيل العمالة الوطنية للمشاركة في المشاريع الجديدة، والتنسيق بين الجهات الرسمية والقطاع الخاص والمجتمع المدني لضمان استدامة الاستثمارات وفائدتها للاقتصاد الوطني.
من جهته، أكد عضو مجلس إدارة المنتدى الاقتصادي الأردني محمد علي القريوتي، أن الاستثمارات تصب بمصلحة النمو الاقتصادي وتعزيز القدرة الاقتصادية للمملكة وتوفير فرص العمل المختلفة التي تقلل من معدلات البطالة، وتسهم بتعزيز القدرة الشرائية للمواطنين.
وقال "في الأردن نحتاج أن نتحرك باتجاهين متسارعين وبوقت متناغم معا، اتجاه قطاعي للنمو في القطاعات الاقتصادية المختلفة، وآخر جغرافي من حيث ترجيح الأولوية للمناطق المختلفة مثل المحافظات والأطراف، لإحداث التنمية في حواضنها وليس هجرتها لتتركز بالمدن الكبرى او المناطق المزدحمة".
وأضاف "من المهم أن نعتمد على قاعدة بيانات دقيقة نستند إليها في التوجيه للقطاعات سريعة النمو والتي تحدث أثر إيجابي مباشر وندعمها بكل الممكنات لبقائها وتطورها ومنها، ما هو مرتبط بكلف ممارسة الأعمال ومنها ما هو مرتبط بالحصول على التمويل ومنها ما هو مرتبط بضمان استمراريتها وتغطية مخاطر اعمالها".
وتابع "هناك الكثير من الاستثمارت القائمة والتي استثمر فيها أموالاً كثيرة لكنها تواجه صعوبة في استرداد هذه الاستثمارات وتسويقها وإعادة تدويرها مرة أخرى بالاقتصاد، ضاربا مثالا على ذلك وجود ما يزيد على 30 ألف شقة جاهزة فارغة بالمقابل هناك أكثر من 400 ألف عقد إيجار وهناك نسب معتدلة في التملك السكني يقابله نمو سكاني مستمر والنسبة الأكبرمن جيل الشباب.
وفي هذا السياق أشار، إلى أن قرارت الحكومة الأخيرة إيجابية في موضوع تخفيض رسوم المسقفات ورسوم التسجيل، مؤكدا ضرورة أن يتبعها برامج تمويلية مناسبة وبكلف قليلة يستطيع المواطن أن يتحملها.
وبين وجود الكثير من الاستثمارت القائمة بالقطاع الصناعي ولديها القدرة على النمو والتوسع وسلعها مطلوبة محليا ودوليا، ولكنها محكومة بارتفاع كلف ممارسة الأعمال والحصول على التمويل وكلف التمويل.
ولفت إلى أن القطاع السياحي يواجه اليوم تحديات كبيرة وبحاجة إلى تدخل فوري لابقاء استثماراته قائمة وتحمل أعباء عنها لحين عودة نشاطه إلى سابق عهده، مؤكدا أن هذا ينطبق أيضا على القطاع التجاري كونه أهم القطاعات التي لديها دورة مالية سريعة، موضحا أن الخدمات هي قطاعات في أساسها مرتبطة برأس المال البشري، ما يتعين وضعه بمقدمة أولويات القرارات.
وأكد أهمية التركيز على التوسع الأفقي بدلا من العامودي بخصوص السكن الذي أرهق المواطنين والموازنة لجهة الاكتظاظ الكبير في المدن وما تحتاجه من خدمات متكررة لنفس الغرض، إضافة إلى الاستهلاك الكبير للموارد المائية والخدمات والمواصلات والمحروقات، موضحا أن التوسع الأفقي يخلق تنمية ويزيد من الانتشار ويحسن البيئة المعيشية والخدمية للمواطن، وهذا الذي يوصلنا إلى الرفاه الاجتماعي.
وشدد القريوتي، على ضرورة وضع حلول ناجعة لتنشيط السوق المالي، خاصة فيما يتعلق بحجمه وتداولاته اليومية وهو ما أشار إليه جلالة الملك في كتاب التكليف السامي لرئيس الوزراء الدكتور جعفر حسان، مؤكدا أن السوق المالي هو أسرع القطاعات استقطابا للاستثمارات الاجنبية.
وبين أن المشاريع الكبرى هي أحد أعمدة الاقتصاديات الناجحة، كونها تعزز الأمن الاقتصادي والخدمي الوطني وتخلق تنمية كبيرة في المجتمعات والدول وفرص تشغيل كبيرة وتدعم منظومة الأمان بالقطاعات المرتبطة بها كالنقل والمياه والطاقة والطيران والموارد الطبيعية.
وأكد ضرورة تشجيع الاستثمار الاجنبي للقدوم للمملكة وتوفير الرعاية الكاملة له كونه يبحث عن قصص نجاح في الدولة التي يتوجه إليها، لافتا إلى أن الاستمارات الأجنبية تعد الرافعة المالية لتعظيم نشاطاتها وأعمالها وخدماتها واستقطاب استثمارات أخرى.
--(بترا)