القلعة نيوز- تعد مدينة أم قيس الأثرية إحدى أبرز الوجهات السياحية في شمال الأردن، بما تضمه من معالم رومانية وبيزنطية وإسلامية، وما تمثله من قيمة حضارية وثقافية وسياحية.
ويجسد المسرحان الغربي والشمالي براعة الهندسة المعمارية والفنية في الفترات الرومانية والبيزنطية.
وقال رئيس قسم آثار لواء بني كنانة أيسر الردايدة في تصريح لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، إن بناء المسرحين انتهى في النصف الثاني من القرن الثاني الميلادي، ليكونا مركز العروض المسرحية والاحتفالات العامة، إضافة إلى تقديم المسرحيات التي كانت رائجة آنذاك.
وأضاف، إن المسرح الغربي يقع على الطرف الغربي للمدينة العليا (الأكروبوليس)، وهو مشيد من حجارة البازلت الأسود ويتسع لنحو 3 آلاف متفرج، وما يزال يحافظ على الكثير من تفاصيله العمرانية الدقيقة التي تعكس مستوى التقدم الهندسي في تلك المرحلة.
أما المسرح الشمالي، شيد أيضا من الحجارة البازلتية ويتسع لحوالي 5 آلاف متفرج، إلا أنه ما يزال مطمورا تحت الأنقاض، ما يمنحه بعدا أثريا يستدعي المزيد من أعمال الكشف والدراسة.
وبين أن تصميم المسرحين يعكس براعة الهندسة الرومانية في المزج بين الجمال المعماري والوظيفة العملية، إذ جرى تشييد المدرجات بشكل نصف دائري يضمن وضوح الصوت ووصوله إلى جميع الحضور دون الحاجة إلى وسائل تضخيم.
وأشار إلى أن أعمال التنقيب الأثري لم تبدأ في أوائل القرن العشرين كما يعتقد، وإنما في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي من خلال بعثات أجنبية بالتعاون مع دائرة الآثار العامة، حيث جرى الكشف التدريجي عن أجزاء من معالم المسرحين.
وأوضح أن أعمال الترميم والصيانة انطلقت في أواخر القرن الماضي بإشراف دائرة الآثار العامة، بهدف إبراز تفاصيلهما المعمارية وإعادة دمجهما في المسار السياحي والثقافي لمدينة أم قيس.
وأكد الردايدة، أن أم قيس كانت جزءا من المدن العشر الرومانية (الديكابوليس)، التي شكلت مراكز حضارية مزدهرة في بلاد الشام وأسهمت في بناء منشآت معمارية ضخمة.
وقال إن المسرحين يشكلان مقصدا رئيسيا للزوار من داخل الأردن وخارجه، مؤكدا أن دائرة الآثار العامة ووزارة السياحة والآثار تعملان على تطوير البنية التحتية للموقع وصيانته إلى جانب التوسع في الترويج الدولي له، بما يسهم في تعزيز مكانة المدينة كمركز رئيسي للسياحة الثقافية شمال المملكة.
من جانبه، قال الباحث في التراث والآثار الدكتور معن شطناوي، إن الوقوف على مدرجات المسرحين يمنح الزائر تجربة فريدة كأنه يسافر عبر الزمن، لافتا إلى أن هذه المعالم تمثل ذاكرة حية تروي قصة حضارات تعاقبت على أرض أم قيس.
وأضاف إن تجربة الزائر لا تقتصر على المسرحين فحسب، بل تمتد لتشمل الشوارع الرومانية المرصوفة والكنائس البيزنطية والبيوت العثمانية، إلى جانب المتحف الأثري الذي يضم مقتنيات تعكس تعاقب الحضارات، فضلا عن الإطلالة البانورامية الفريدة على بحيرة طبريا وهضبة الجولان وشمال فلسطين.
بدورها، أكدت الحرفية هيام طوالبة، التي تعمل في مجال الأشغال اليدوية التقليدية، أن إقامة الفعاليات الثقافية والفنية في مسرحي أم قيس يتيح الفرصة لأصحاب الحرف لعرض منتجاتهم وبيعها للزوار، ما يساهم في دعم الأسر المنتجة وتشجيع الصناعات المحلية.
وأوضحت أن الإقبال على المنتجات التراثية يزداد خلال المهرجانات، حيث يحرص الزوار على اقتناء القطع التذكارية التي تعكس هوية المكان وتاريخه، مؤكدة أن هذه الأنشطة تشكل رافدا اقتصاديا مهما إلى جانب قيمتها السياحية والثقافية.
--(بترا)