
القلعة نيوز- أقيمت ضمن فعاليات البرنامج لمعرض عمان الدولي للكتاب 2025 الذي ينظمه اتحاد الناشرين الأردنيين يوم الثلاثاء ندوة بعنوان" المشهد الأدبي في سلطنة عمان: المنجز والتحولات، وذلك ضمن فعاليات سلطنة عمان ضيف الشرف للدورة (24).
وشارك في الندوة التي عرضت المشهد الأدبي العماني في شقيه السردي والشعري، فيها كل من الدكتورة فوزية الفهدية، والدكتور الحجري وأدارت الندوة الكاتبة هيا صالح.
استهلت الدكتورة فوزية الفهدية الحديث عن جانب السرد، مؤكدة أن التجارب السردية التأسيسية اتكأت على موروث ثقافي كبير جداً، يتجلى في وجود السير والمقامات القديمة مثل المقامة الصحارية وغيرها.
وأرخت بأن عام 1981 شهد الانطلاقة الفعلية للسرد بكتابة أول قصة عمانية (مجموعة "المغل" لعبد الله الطائي)، تلتها رواية "الشراع الكبير"، وأوضحت أن البدايات كانت خليطاً بين الهم الفردي والجمعي، وأن الذات كانت منطلقاً للتعبير عن هم الجماعة، خاصة في ظل معاناة الكثير من الكتاب الأوائل من الاغتراب.
وسردت الدكتورة فوزية التحديات التي واجهت الكتاب الأوائل، ومنها: غياب دور النشر، وغياب الحواضن النقدية المنظمة، وكما نوهت بضرورة الجهد الشخصي للكتاب في التنقيب عن المفردات السردية الخاصة .
وأشارت إلى أن القصة القصيرة كانت مختبراً مهماً للتجريب السردي، حيث تعلم الكاتب فيها تقنيات مثل الرمزية والاختزال والنهايات المفتوحة. كما وظف السرد القصصي الذاكرة الغرائبية المشحونة بأجواء السحر والمغامرات المستمدة من البيئة الجبلية والقرية .
وفيما يخص الثيمات الكبرى، ذكرت أن السرد العماني انشغل في البدايات بالهوية وتأصيل التجربة، ثم تلا ذلك الصراع مع الحداثة والمدينة مقابل القرية، وحضرت قضايا المرأة لاحقاً بقوة، حيث صورت النصوص الكاتبات، مثل أعمال بشرى خلفان وهدى حمد وشريفة التوبي، المرأة العمانية قوية ومتحدية.
وعلى صعيد البنى السردية، بيّنت أن البنى المهيمنة حالياً على النصوص هي "المتشظية"، التي توظف تعدد الأصوات وتشظي الزمن .
وأكدت أن التجريب العماني حصد اعترافاً عالمياً، مشيرة إلى فوز جوخة الحارثي بالمان بوكر عام 2019 وزهران القاسمي بالبوكر العربي، مما يؤكد أثر الاشتغال الحقيقي بالترجمة.
من جانبه، تحدث الدكتور الحجري عن المشهد الشعري، مشيراً إلى أن الشعر العماني مرّ بثلاثة تيارات رئيسية بعد النهضة الحديثة: التيار الكلاسيكي والتقليدي وهو السائد في البدايات بسبب العزلة الجغرافية والسياسية، والتيار الحداثي الذي ظهر عبر قفزة مباشرة إلى قصيدة النثر، مما خلق "فجوة" على مستوى التسلسل الإيقاعي، وتيار الوسط الذي جسّر الفجوة بين الكلاسيكية والحداثة، وهو الآن يمثل الشريحة الأوسع من الشعراء.
وأوضح أن الشاعر العماني يسعى إلى اجتراح لغته الشعرية الخاصة، وتظهر هذه الخصوصية في التركيز على الصورة التخيلية أكثر من الفكرة أو المضمون، مما يتطلب من المتلقي بذل جهد في القراءة والتأمل.
ولفت الدكتور الحجري إلى أن التيارات الحداثية يُحسب لها أنها استكشفت خصوصية الثقافة والمكان العماني ووظفته فنياً، خاصة في استخدام الأسطورة والذاكرة الشعبية، ورغم أن هذا التركيز على الصورة التخيلية قد يجعل القصيدة العمانية نصاً نخبوياً وليس جماهيرياً، إلا أنه يمنحها بصمة خاصة .
وبيّن أن تيار الوسط يراوح بين القوالب الثلاثة (عمودي، تفعيلة، نثر) بحسب المقام والسياق، ويحاول الجمع بين التقنيات الحديثة واللغة الشعرية القديمة.
وأكد أن الحصة الأكبر من الجوائز الإقليمية والعالمية تذهب إلى الشعراء الذين يكتبون بالنفس الشعري الحديث، سواء في قصيدة النثر أو التفعيلة، ضارباً المثل بحسن المطروشي وعائشة السيفية.
كما شدد على أن المؤسسات الثقافية الحكومية (كوزارة الثقافة والنادي الثقافي) والخاصة (كبيت الزبير) لعبت دوراً حاسماً في اكتشاف وصقل المواهب وكسر العزلة الثقافية .
اختتمت الكاتبة صالح التي أدارت الندوة بالتأكيد على أن الأدب والشعر في سلطنة عمان يعكسان مسيرة طويلة وتراكمية تعبر عن الهوية والمكان العماني، دون الانفصال عن تقنيات الكتابة الحديثة وقضايا العصر .
وفي نهاية الندوة، كرم رئيس اتحاد الناشرين الأردنيين ومدير معرض عمان الدولي للكتاب جبر أبوفارس المشاركين في الندوة بدرع المعرض.