
القلعة نيوز- تشهد سماء الأردن الثلاثاء المقبل، حدثا فلكيا يكتمل القمر فيه بشكل استثنائي يعرف بـ"البدر العملاق"، الذي يعد الأول والأكبر والأكثر لمعانا في عام 2025.
وسيظهر البدر العملاق بعد الغروب بلونه الأحمر المميز، ما يقدم فرصة فريدة للمصورين وعشاق الفلك لمتابعة جمال السماء والتأمل في دقة حركة الأجرام السماوية.
ودعا معنيون بعلم الفلك في أحاديثهم لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، المهتمين للاستفادة من هذه المناسبات لمتابعة الظاهرة وتصويرها، مشيرين إلى أن الأجواء المحلية ووضوح السماء يلعبان دورا في جودة الرصد.
وقال رئيس الجمعية الفلكية الأردنية الدكتور عمار السكجي، إن ظاهرة "البدر العملاق" ستكتمل الساعة 6:47 من صباح الثلاثاء المقبل بتوقيت الأردن، أي بعد غروب القمر بلونه الأحمر من الأفق الغربي لسماء المملكة بنحو 10 دقائق.
وأضاف إن القمر سيظهر في برج الحوت عند اكتماله، مبينا أن هذا البدر يعد الأول والأكبر والألمع في عام 2025، وسيتبعه بدران عملاقان في 5 تشرين الثاني و4 كانون الأول المقبلين.
وأوضح أنه يتم تسميته بـ "بدر الحصاد" كونه الأقرب إلى الاعتدال الخريفي الذي حدث في 22 أيلول الماضي، وهي تسمية تعود إلى مواسم الحصاد في الحضارات الأنجلوسكسونية، كما يتميز البدر بظهوره في أوقات متقاربة ليوم أو يومين قبل أو بعد يوم الثلاثاء، خاصة في خطوط العرض العليا.
وأشار إلى أن هذا البدر يظهر منخفضا على الأفق، ما يجعله مثاليا للتصوير الفوتوغرافي والاستمتاع بسماء الصباح أو المساء الخريفية، حيث يغرب صباح الثلاثاء الساعة 6:36 صباحا، ثم يعود ويشرق الساعة 6:17 مساء من نفس اليوم، مع اختلاف طفيف في التوقيتات حسب الموقع الجغرافي والارتفاع عن سطح البحر والعوامل الطوبوغرافية الأخرى.
ولفت السكجي، إلى أن البدر يبقى في السماء طوال الليل تقريبا، بسبب اقتران شروقه مع غروب الشمس وغروبه قريبا من شروقها، وهي مدة نموذجية في فترة البدر.
وأضاف إن بدر الحصاد يظهر في معظم السنوات خلال أيلول، ولكن كل 3 سنوات تقريبا يظهر في تشرين الأول، وعندما يحدث في أيلول، فإنه يحل محل "قمر الذرة"، أما إذا وقع في تشرين الأول، فإنه يأخذ مكان "قمر الصياد".
وأكد أن البدر العملاق (السوبرمون) يظهر أكبر وأكثر لمعانا من البدر العادي، عندما يتزامن اكتماله بالقرب من "الحضيض القمري" بنسبة 90 بالمئة أو أكثر، أي أقرب نقطة للقمر من الأرض في مداره البيضاوي، وفي هذه الحالة، يظهر القمر أكبر حجما بحوالي 14 بالمئة وأكثر سطوعا بنحو 30 بالمئة مقارنة بالبدر العادي عندما يكون عند "الأوج القمري" (أبعد نقطة عن الأرض).
ولفت الى أن الحسابات الفلكية أثبتت أن هذا البدر هو البدر العملاق، حيث إن مسافته يوم الثلاثاء تساوي 361.458 كم، بينما تبلغ مسافة الأوج اللاحق له 406.445 كم، ومسافة الحضيض اللاحق 359.819 كم، وبناء على ذلك، فإن المسافة النسبية للبدر من الأوج إلى الحضيض تساوي 96.5 بالمئة ما يجعله عملاقا حسب المعايير الفلكية.
وبين أن تأثير البدر العملاق على ظواهر المد والجزر يكون أعلى قليلا من المعتاد بسبب قرب القمر من الأرض في الحضيض مع زيادة طفيفة في ارتفاع المد تصل إلى 18 سنتيمترا في خليج العقبة مقارنة بالمد الربيعي العادي، بالإضافة إلى زيادة الإضاءة الليلية التي تجعل الرؤية أكثر وضوحا في الليل.
وأكد أن البدر العملاق لا يحدث تغييرات جذرية أو كوارث بيئية، بل تقتصر آثاره على فروقات طفيفة في المد والجزر وزيادة الإضاءة الليلية بنسبة تصل إلى 30 بالمئة مقارنة بالبدر العادي، وقد يؤثر على السلوكيات الطبيعية لبعض الحيوانات الليلية، مثل الخفافيش والطيور المهاجرة والحشرات، وقد يلاحظ بعض البشر اضطرابات طفيفة في النوم بسبب السطوع العالي.
وقال، إن البدر العملاق ظاهرة فلكية طبيعية مدهشة، تذكرنا بجمال النظام الكوني ودقته، دون أن تكون مصدرا لتأثيرات خرافية أو تنجيمية.
من جانبه، أكد أستاذ الفيزياء الفلكية وعلوم الفضاء في جامعة البلقاء التطبيقية الدكتور علي الطعاني، أن العام الحالي سيشهد 3 مرات لظهور القمر العملاق، ما يجعله عاما غنيا بهذه المشاهد الفلكية المميزة، وذلك على النحو التالي: أول هذه المناسبات سيكون في 7 تشرين الأول الحالي، حين يظهر القمر بدرا مكتملا وأكثر إشراقا من المعتاد.
فيما أن الذروة ستأتي في 25 تشرين الثاني الحالي، إذ يصل القمر إلى أقرب مسافة له إلى الأرض خلال العام، ما يجعله الأكبر والأكثر سطوعا بين أبراج البدر لهذا العام، وسكون آخر بدر عملاق في 4 كانون الأول المقبل، ليختتم العام بمشهد فلكي مهيب يبرز دقة وحركة الأجرام السماوية.
وأوضح أن القمر العملاق يثير الاهتمام لعدة أسباب منها: حجمه الظاهري الأكبر مما اعتدنا عليه، وضوءه الأقوى الذي يجعل السماء أكثر إشراقا، وإمكانية مشاهدته بسهولة بالعين المجردة دون الحاجة إلى تلسكوبات، وكونه فرصة مثالية للتصوير الفلكي ومتابعة التغيرات الطبيعية في السماء.
ولفت إلى أن ليس هناك أية تأثيرات لظهور البدر العملاق على المناخ أو حتى على صحة العينين حين مشاهدته.
بدوره، قال المصور الفلكي محمود عبد الهادي، إن من أروع اللحظات التي يمكن للعين أن تسجلها هي مشاهدة "البدر العملاق"، الذي يظهر أكبر حجم وأقرب من المعتاد.
وأضاف إن دور المصور هنا يبرز في اختيار الموقع المناسب لالتقاط الصورة، سواء كان قمة جبل، سهلا واسعا، أو أفقا مفتوحا، ما يمنح القمر حضوره المهيب.
وأوضح أن المسافة وزاوية الالتقاط هما عنصران أساسيان يحددان كيفية تداخل القمر مع المشهد، ليكون جزءا حيا من القصة البصرية، مشيرا إلى أن جمال تصوير القمر لا يقتصر على حجمه الظاهر فقط، بل يتجلى بشكل أكبر في قدرته على الاندماج مع البيئة المحيطة.
وأكد أنه عندما يتم التقاط المشهد من أمام مواقع أثرية أو دينية، ويظهر القمر وهو يشرق أو يغرب خلفها، تتحول الصورة إلى لوحة تحمل معنى إضافيا وتثير مشاعر خاصة لدى المشاهد.
ولفت إلى أن هذه اللحظات لا تكون الصورة مجرد لقطة عابرة بل تصبح مشهدا يربط بين عظمة القمر وروح المكان الذي يجاوره.
--(بترا)