شريط الأخبار
"حماس" تنشر أهم النقاط التالية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة نساء مؤثّرات في حياة دونالد ترمب... من أمّه العاملة المنزلية إلى محاميته العراقية «حماس»: السماح بحرية التنقل بين جنوب قطاع غزة وشماله من السبت محمد بن سلمان وترمب يناقشان توسيع الشراكة بين بلديهما المنتدى الأردني في بريطانيا يطالب إعادة العمل بنظام الفيزا الإلكترونية مدعون عامون سويسريون يدققون في شكاوى مقدمة ضد الرئيس الإسرائيلي دفاع مدني غزة: انتشال جثامين 162 شهيدا من تحت الأنقاض منذ بدء الهدنة الأردن يدين بأشد العبارات العدوان الإسرائيلي على مدينة جنين وزير العمل: اعتماد البطاقة البيضاء لأبناء غزة لغايات إصدار تصريح العمل وزير الخارجية يلتقي بالمديرة العامة للمنظمة الدولية للهجرة في دافوس الحكومة: افتتاح المنطقة الحرة الأردنية السورية حال الانتهاء من الإجراءات قرارات مجلس مفوضي سلطة العقبة مصرع 13 شخصا وإصابة 15 آخرين إثر حادث قطار فى الهند مخطط إسرائيلي لبناء 9 آلاف وحدة استيطانية جديدة بالقدس استشهاد فلسطينيين برصاص الاحتلال في قرية برقين غرب جنين الطاقة: ارتفاع أسعار المشتقات النفطية عالميا واشنطن : ترمب يوقف دخول اللاجئين الحاصلين على تصاريح الى الأراضي الأميركية صناعة الأردن : الدعم الملكي يعزز نمو صناعة الدواء الأردنية حريق غابات جديد قرب لوس أنجلوس يجبر الآلاف على إخلاء منازلهم رئيس الوزراء يستقبل رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ المصري

الكوكبة الراحلة من علماء الوطن والأمة .... وداعاً

الكوكبة الراحلة من علماء الوطن والأمة .... وداعاً


القلعة نيوز : عبدالله توفيق كنعان

يدرك كل واحد منّا ويؤمن أن سنة الحياة الأبدية تفرض عليه أن يفقد الكثير ممن يعرفهم أو يتعامل معهم وتربطه بهم علاقات وثيقة على مدار سنوات وربما عقود من الزمن، وفي الوقت نفسه وعند قيامه بمراجعة سريعة لأحداث وحكايات ومواقف جرت له معهم فإنه يستذكرهم وقد تملكته مشاعر اعتزاز يخالطها الحزن على فقدانهم، غير أن استعراض شريط علاقتهم به في ذهنه يتكشف عنه مقدار وحجم العطاء الذي بذلوه في حياتهم خدمة لمجتمعاتهم ووطنهم وأمتهم. وببالغ الحزن فقدت الساحة الوطنية قبل أيام كوكبة عزيزة من الشخصيات الوطنية صاحبة النتاج الفكري والأكاديمي الثري، الذي لطالما أفادت به الكثير من طلبة العلم وأمدت العلماء بآراء ونظريات جديدة عديدة، أستذكر منها بداية، أول من رحل منهم عنّا المرحوم الأخ الدكتور عبد السلام العبادي، وهو شخصية صاحبة ثقافة متزنة متسامحة منهجها المنطق والحوار الذي ينبذ التعصب والكراهية، ويدعوا للوئام وبناء العلاقات بين الأفراد على أساس الكرامة الانسانية واحترام العقائد والآراء المتنوعة، وله رحمه الله بصمات عديدة، من جُملتها عمله كأستاذ للشريعة الاسلامية في الجامعة الأردنية حيث خرّج وعلّم العديد من الطلبة وألفّ العديد من المؤلفات القيّمة، أذكر أنني أطلعت منها على : كتاب الملكية في الشريعة الاسلامية، وكتاب الرعاية الاردنية الهاشمية للقدس والمقدسات الاسلامية فيها، وكلاهما مفيد في مجاله وموضوعه ويدرّس بعضها في الجامعات، ومن الناحية الوظيفية والمهام التي تقلدها وزارة الأوقاف والمقدسات الاسلامية لعدة مرات، ورئيس الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية ومديراً لمؤسسة ادارة وتنمية أموال الايتام، ورئاسة مجلس أمناء جامعة آل البيت ثم رئيساً لها، ونظراً لسيرته العلمية والادارية الخيرة هذه، اختير رحمه الله بأن يكون أميناً لمجمع الفقه الإسلامي الدولي التابع لمنظمة التعاون الاسلامي، والحق يقال: لقد لمست شخصياً وسمعت من ثقّات أنه برع فيها جميعها وكان متميزاً ونشطاً نال احترام وتقدير الجميع. أما عن معرفتي الشخصية به، فقد عرفته من خلال اصدقاء أعرفهم، وخلال عدة لقاءات توطدت علاقتي الطيبة به منذ ما يزيد عن أربع عقود ومن خلال عملي في مكتب سمو الأمير الحسن بن طلال حفظه الله ولي العهد آنذاك، حيث كنت مُكلفاً بالمتابعة والتنسيق مع الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية بوصفها إحدى المؤسسات والهيئات التي يرعاها صاحب السمو الأمير الحسن بن طلال، فكثيراً ما كنت اجتمع مع المرحوم وأعمل على تذليل الصعاب التي قد تواجه الهيئة من الناحية الفنية المتعلقة بالإجراءات وغيرها مما كانت الهيئة تحتاجه من مختلف الوزارات والدوائر، علماً بأن حكمته كانت دائماً سبيله للتقدم بالعمل، حتى استطاع أن يزيد من استثمارات المال العام فيما كان مسؤولاً عنه من الهيئات والمؤسسات، كما نجح في أن يوصل المساعدات والاحتياجات إلى مستحقيها، ومن المناسب هنا الاشارة إلى جهوده الكبيرة في وزارة الأوقاف فيما يخص تشريع وتنظيم التعليمات المتعلقة في الحج، الى جانب جهوده في مجال استثمار الأوقاف، كذلك يحسب له رحمه الله رفضه المطلق لعادة الوساطة والمحسوبية، وبغضه لها وهي صفة له يجمع عليها كل من تعامل مع المرحوم وعرفه عن قرب، حتى أنني أعلم أنه رفض التوسط للحصول على وظيفة لأقرب الناس اليه وهم أولاده حفظهم الله. إن هذا الخُلق المنبعث من ثقافته وبيئته بل ومواطنته الصالحة جعلت منه الأخ الفقيد الذي خسرناه، ليس فقط كمفكر وفقيه، له مواقف واراء مهمة شرعية، بل حتى على مستوى مكانته في المجمع الفقهي الاسلامي الدولي، فأنا أتابع نشاطاته وأخباره من خلال الصحافة أو من خلال الأصدقاء، بل وحتى من اللقاءات التي كانت تجمعني به، وجميعها تدلل على مدى نجاحه في ادارة المجمع والقيام بنشر رسالته التي أسس من أجلها عام 1981م، وهي تحقيق مصلحة الإنسان الروحية والمادية في كل مكان، والوصول إلى الإجابة الإسلامية الأصلية لكل سؤال تطرحه الحياة المعاصرة من مستجدات ومتغيرات تحتاج لرأي الشريعة فيها، رحم الله الفقيد الدكتور عبد السلام وأسكنه فسيح جناته. وبمزيد من الحزن أيضاً تلقيت خبر وفاة المرحوم الأخ الدكتور أنور البطيخي رئيس الجامعة الهاشمية الأسبق، وعميد كلية الدراسات العليا السابق في الجامعة الأردنية، فقد عرفته وسمعت عنه كل خير، فهو الأكاديمي المتميز صاحب الانتاج البحثي والدراسات الغزيرة القيّمة والتي جعلت له المكانة العربية والعالمية المرموقة، كما يُعرف عنه سيرته العطرة وابتسامته وشخصيته الهادئة الرصينة التي تبعث في كل من يقابله ويتعامل معه الاطمئنان والإرتياح، فضلاً عن حكمته وحسن تنظيمه لكل ما تولاه من ادارات ووظائف كان همّه فيها المصلحة العامة. وقد شاء الله عز وجل أن ينضم إلى قافلة المغفور لهم أيضاً وخلال فترة وجيزة، عالم جليل هو الدكتور عبد الكريم خليفة والذي تولى سابقاً عدة وظائف منها رئيساً للجامعة الأردنية ورئيساً لمجمع اللغة العربية الأردني، وهو عالم مشهود له بالعطاء والتميز، سجل عبر عقود من عمله الأكاديمي والإداري نتاج معرفي من المؤلفات والأبحاث والمقالات ما يُعد مرجعاً للباحثين والدارسين تنهل منه وتقتدي به حتى اليوم. وممن فقدناهم أيضاً الدكتور عدنان الخشمان؛ رئيس الجامعة الأمريكية في قبرص التركية، عالم جليل له العديد من الدراسات القيّمة، وهو قامة وطنية نعتز بها فقد استطاع أن يترأس جامعة مهمّة في الخارج لها سمعتها، ولا شك أن وصوله لمنصب اداري اكاديمي رفيع يدلل على المستوى المتقدم للنخب الثقافية الوطنية الأردنية. ان استذكار شخصيات وطنية كريمة لعلماء أجلاء مثل ( الدكتور عبد السلام العبادي والدكتور أنور البطيخي والدكتور عدنان الخشمان والدكتور عبد الكريم خليفة التي وإن فقدناها جسداً فقد بقيت بيننا أثراً؛ سمعتهم وأعمالهم ونجاحاتهم التي تستفيد منها الأجيال)، لا يجب أن يقتصر على مجرد إفراد مقالات عنهم فقط، بل يجب اعطاء الرعاية لها ولغيرها من القامات الوطنية من خلال تخليد انتاجهم المعرفي بشكل يتجاوز كتابة المؤلفات والسير الذاتية عنهم، بل يجب علينا تخصيص مراكز وأقسام معينة في مكتباتنا ومتاحفنا وجامعاتنا تضم الارث الذي خلفوه لنا، فهو لم يعد في الحقيقة ميراث شخصي بقدر ما هو تاريخ وطن يجب توثيقه والحفاظ عليه للأجيال، لتكون حافزاً يدفع الشباب نحو العطاء والبذل والمتتبع لسير علماء ومفكرين في بلدان الغرب، يجد أن اسماءهم خُلدت عن طريق اطلاقها على الجوائز أو الجامعات أو المتاحف أو المراكز العلمية، فالأمة التي تحترم العلماء والمفكرين تبقى مزدهرة، وكل ذلك يعزز لدينا في المحصلة الشعور والثقة بأن مفهوم المواطنة الجامعة ليس مجرد كلمة فارغة المضامين، بقدر كونها مصطلح نسعى لأجله نتلمس عملياً معطياته في نماذج إنسانية تعيش بيننا بشخوصها أو ذكراها. لقد غادرنا هؤلاء الإخوة الأعزاء دون لحظة وداع، وتركوا بيننا فراغاً واسعاً لا يملأ أركانه إنسان، اسأل الله لهم الجنة ونعيمها الخالد، وأرجو لهم الفردوس الأعلى مع الصالحين والاتقياء، واسأل الله العلي القدير أن ينعم على أسرهم، وينعم علينا نحن وكل من عرفهم بالصبر والسلوان، ولكنها في النهاية إرادة الله ولا راد لإرادته، وحسبنا شفاء لما في قلوبنا وصدورنا قوله تعالى: (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ( صدق الله العظيم