القلعة نيوز : د. بشير الدعجه*
"اشاعات بالعشرات وتحليلات منقوصة بالآلاف تداولها المواطنون عبر منصات التواصل الاجتماعي والصالونات الإجتماعية وشاركتهم بها بعض وسائل الإعلام حول إنفجار الزرقاء ..
.
ما أود أن أشير اليه - بشكل عام وليس تعقيبا او تحليلاً لهذه الحادثة - ان الإعلام الأمني... إعلام حساس... فهو يتعامل مع معلومة امنية... ذات انعكسات خطيرة على كافة مناحي الحياة الاقتصادية والسياحية والامنية وغيرها... فإذا لم يحسن التعامل معها واخراجها بقالب مثالي للمواطن عبر وسائل الإعلام المختلفة... فإن ارتداداتها وانعكساتها السلبية وخيمة...وقد يشل قطاعات حيوية والشواهد كثيرة...
أضف إلى ذلك أن التأخير في الإعلان عن أي حادث أمني... وانتظار إخراجه لوسائل الإعلام والمواطن حتى يمر بمراحل إدارية وتسلسل مرجعي إداري ذو سلسلة إدارية طويلة سيؤدي حتماً إلى تأخيره وبالتالي تكثر الإشاعات وينشط اعداء الوطن إعلاميا وتشويه حقيقة هذا الحادث الأمني...
حقيقة أخرى اضيفها في مجال الإعلام الأمني... وكيفية التعامل مع الأحداث الأمنية- حسب خبرتي المتواضعة- كناطق إعلامي أمني سابق لجهاز الأمن العام... وخضت معارك إعلامية امنية معقدة منها تفجيرات فنادق عمان عام2005... وتمرد نزلاء مراكز الإصلاح والتأهيل (نزلاء التنظيمات الإرهابية وغير المشروعة) عام2006..وازمة الثلوج في تاريخ مقارب لما سبق - لا اذكرها حاليا- وغيرها من الأحداث الأمنية المعقدة..
. هذه الحقيقة ان السماء مفتوحة ... وتمطر على المواطن آلاف الرسائل والمعلومات المختلفة من وسائل اعلام ومنصات التواصل الاجتماعي والعديد منها متربص بالوطن او يبحث عن سبق وتميز صحفي واعلامي... فأي تلكأ وتأخير من قبل القائمين على الإعلام الأمني بالإعلان عن الحدث الأمني بانتظار مروره بمراحله وسلسلته الإدارية الطويلة... سيؤدي الي انتشار الإشاعات وتزويرا للحقائق.. وفتح الباب على مصرعية لتشويه حقيقة الأمر...
فالمعلومة الأولى هي الاقوى.. وهي ذات التأثير الأكبر على المواطن وتكوين اتجاهه ورأيه حول الحادثة...وما بعد ذلك هي محاولات (ترقيع) وفي غالب الأحيان لا تنجح كافة الرسائل الاعلامية لتعديل رأيه حول الحادثة الأمنية..
لذلك لابد من إعطاء مساحة واسعة وفسيحة يتحرك بها الناطق الإعلامي الأمني وثقة تحرره من المرجعية الادارية التي تعيق عمله وتأخر الإعلان عن الحادث الأمني...
أيضا من خبرتي الاعلامية الأمنية في التعامل مع الأحداث والازمات الأمنية... انه يجب على الناطق الإعلامي الأمني وفورا وبلا تردد ان يخرج ولو بخبر (مقتضب) يؤكد الحادثة او ينفيها... وذلك لغايات كثيرة (في نفس يعقوب).. منها يمنع الإشاعات وتزوير الحقائق فورا... يقدم نفسه لوسائل الإعلام بانه المرجعية الوحيدة لاستسقاء المعلومات وبذلك ينهي تداول اي معلومة مشبوهة او غير مؤكدة عند وسائل الإعلام خارج نطاق ما يعلن عنه... عدا ظهوره فوت الفرصة على أصحاب الاجندات والمتربصين بالوطن من تزوير الحقائق وتشويهها وفق سياستهم واهدافهم المرسوم...
فهذا الظهور المباشر والفوري للناطق الإعلامي الأمني يمنحه السيطرة التامة على المشهد الإعلامي للحادثة الأمنية.. ويتحكم تحكم تام بتدفق المعلومات الأمنية عبر وسائل الإعلام المختلفة... ويسير كامل الحادثة وفق السياسة الإعلامية لمؤسسته...
العقلية الاعلامية الأمنية التقليدية خطر على الوطن و المؤسسات الأمنية... فكما - ذكرت سابقا -السماء تمطر معلومات امنية عن الحادث الأمني من كل اتجاه.. لا وقت لديه لتأخير المعلومة عن المواطن... خاصة إذا ماعلمنا ان المعلومة الأمنية تدغدغ مشاعر المواطن اكثر من اية معلومة أخرى .. ويبحث عنها بشغف للحصول عليها
... لذلك فالاعلامي الأمني التقليدي سيكون سبباً في تكوين الرأي العام السلبي حول الحادث الأمني عند التلكأ والتأخير في الاعلان عنه...وان لايفكر بالعقلية الأمنية المطلقة ولابعقلية الصحفي الذي يبحث عن سبق صحفي وتميز اعلامي لوسيلته الاعلامية.
..
وعلى الإعلامي الأمني التقليدي ذو المهارات متقادمة ان يعلم بأن المواطن الصحفي أسبق وأسرع منه في الإعلان عن الحادث الأمني... صحيح ليس بالاسلوب والمهارة الصحفية والقواعد الصحفي الصحيحة... لكنه ينقل الحدث بالصورة والصوت... لذلك عليه أي الإعلامي الأمني ان يكون سريعا في التعامل مع الأحداث الأمنية ولايقع تحت رحمة المواطن الصحفي ووسائل الإعلام وبالتالي أضعف بيانه الصحفي مما ينعكس ضعفا عاما على مؤسسته وعدم قدرتها على التعامل الإعلامي الامثل مع أحداثها الأمنية..
المجال واسع جداً للحديث عن التعامل مع الأحداث والازمات الأمنية... وكيفية تسييرها إعلاميا وفق سياسة المؤسسة او الدولة... وما هي مواصفات الناطق الإعلامي الأمني فهذا يحتاج إلى ايام وليس إلى أسطر وفقرات معدودة... وللحديث بقية..
* محلل امني