السياسة المقصودة هنا هي ليست في اصلها الجدل حول الاشخاص و التدخلات و الظروف الخارجية او المحاصصة المناطقية و ما شابهها. السياسة في العمل الحكومي هي مقابلة الافكار و دراسة الخيارات الوطنية في مسارات التنمية الاستراتيجية. ان غياب القدرات السياسية يضعف من قدرة التواصل الفعال مع الناس. و الحقيقة ان برلماناتنا الحديثة لم تستطع ان تسد هذه الثغرة. في غياب النقاش العميق للخيارات الوطنية الكبرى يتجه المواطن الى الاعلام البديل و يصبح اداة من ادوات الشائعات العبثية.
السياسة الايجابية هي التي تؤسس لنقاشات بناءة في الفلسفة الضريبية؟ في اولويات الرعاية الصحية و في الخدمات؟ في التوظيف و في اعداد القيادات الحكومية؟ في التحديات المجتمعية؟ كم من حكومة قدمت برامج متكاملة و تم الرد عليها ببرامج بديلة شاملة؟ هل تداولنا سياسات و سياسات بديلة و بشكل منهجي في اي من اولوياتنا الاقتصادية و الاجتماعية؟
هل تناظرنا في اولويات الانفاق العام و الرواتب و المزايا في الموسسات الحكومية و شبه الحكومية او الشركات الحكومية؟ هل قمنا ببناء استراتيجياتنا على بحث علمي موضوعي و محايد و حددنا خيارات بديلة؟
ان تحديد اجندات رئيسية للمجتمع هي السياسة الحقيقية و التي تأتي قبل اقرار توجهات اقتصادية و اجتماعية لها انعكاسات طويلة الامد. نقاشات السياسات و عرضها على المجتمع تجعل من المواطن شريكا و مسؤولا لا متفرجا.
علينا ان نحل عقدة التشابك ما بين الاقتصاد و السياسة و الشراكة المجتمعية. وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة و التطبيقات الذكية يمكن ان تدعم عمل الحكومات اليوم اذا ما تم استخدامها بفعالية لاشراك كافة قطاعات المجتمع في بناء المستقبل و في اطلاق مشاريع مهمة للابتكار الحكومي.