
مكافحة الفساد ؟
الهيئة تؤكّد أن لا أحد من السلطتين التنفيذية
والتشريعية بمنأى عن المحاسبة
الأردنيون بانتظار الجديّة في التحقيق مع كل المتورطين الذين مكانهم الطبيعي خلف القضبان فقط
القلعة نيوز: كتب / محرر الشؤون المحلية
ستمائة صفحة هي حجم تقرير هيئة النزاهة ومكافحة الفساد للعام 2019 والذي حمل في طيّاته الكثير الكثير من التجاوزات واستغلال النفوذ ونهب المال العام عدا عن الفساد الإداري الذي بات يمثّل قلقا واضحا لدى المعنيين في البلاد . ما زلت حتى هذه اللحظة أقوم بتصفّح التقرير ، وأكرر الأمر مرّة أخرى ، وأكاد لا أصدّق ما أقرأ ، فهل وصلنا في الأردن إلى مثل هذه الحالة التي تجعل الولدان يشيبون ؟ حالات كثيرة تحدّث عنها التقرير فيما يتعلق بالسطو على المال العام وهذه تقدّر بعشرات الملايين ، والأبطال هنا مسؤولون كبار في
الدولة عاثوا فسادا وخرابا وهدما ، هؤلاء الذين استغلوا نفوذهم وصلاحياتهم بصورة أقل ما يقال بأنها قمّة البشاعة ! التقرير اليوم بين يدي جلالة الملك بالدرجة الأولى ، وأجزم بأن جلالة الملك يشعر بغضب شديد عما احتواه التقرير ، وبالتأكيد سيعطي كامل الصلاحيات للملاحقة ومن ثمّ المحاسبة لكل من سوّلت له نفسه بالإعتداء على أموالنا نحن الأردنيين . في مرّات عديدة ومناسبات مختلفة كان جلالة الملك واضحا في مسألة محاربة الفساد واقتلاعه من جذوره ، وهذا التقرير المليء بالقضايا والتجاوزات بات في عهدة سيدنا وكذلك الحكومة ومجلسي الأعيان والنواب إضافة للسلطة القضائية . الفساد الذي جرى اكتشافه هو ذلك الفساد الذي تمكّن فيه رجال الهيئة من اكتشافه بشكل رسمي ، ويعتقد كثير من المراقبين بأنّ ما خفي كان أعظم ، ويقصد هنا بالفساد الذي يجري خلف أبواب مغلقة أو من تحت الطاولات . المرحلة القادمة هامّة بكافة المقاييس فيما يتعلق بتقرير الهيئة ، فرئيس الوزراء كان واضحا حينّ أكّد بأن حكومته ستتابع كل ما جاء فيه وسوف تلاحق من يثبت تورطّه ، وهذا ما نتمناه فعلا ، وأن لا يتم ركن التقرير في زوايا النسيان ، كغيره من التقارير التي اعتدنا عليها من جهات عدّة .. ألا تذكرون معنا مجلّدات الأجندة الوطنية التي يعلوها التراب اليوم ؟
المواطن الأردني أصابه الذهول وهو يقرأ ويتابع ويستمع .. المواطن الأردني الذي عانى الكثير خلال العام 2020 من حقّه اليوم على أجهزة الدولة ان يأخذ حقّه من كل من سوّلت له نفسه السطو على مال الدولة والذي هو مال كل أردني ، من حقّ هذا المواطن أن يرى جديّة في المساءلة والمحاسبة وإيقاع العقوبات على من مارس السلب والنهب مهما كانت قوة نفوذه أو سلطته أو حصانته . هيئة النزاهة كانت واضحة في تصريحاتها التي أراحت الأردنيين ، حيث أشارت بأن لا أحد فوق القانون ، وكل مسؤول في السلطتين التنفيذية والتشريعية معرّض للمساءلة ، ومن هنا فإن كلّ أردني يشدّ على يدي القائمين على الهيئة بضرورة الإسراع في التحقيقات وإجراء اللازم بحق من تسبب لنا بالأذى من خلال استغلال نفوذه وموقعه . في ظل الأوضاع الحالية ؛ الأردن لا يحتمل مزيدا من الأزمات ، فإذا كان البعض يعتبر الوزارة أو الدائرة الحكومية مزرعة له يصول ويجول فيها كيفما شاء ، فهو واهم حتما ، فهذه اموال وأملاك لكافة أبناء الوطن . الجميع بانتظار التنفيذ .. ونقصد هنا المباشرة في إعادة الحقوق لأصحابها الأردنيين من رؤوس كبيرة نتمنى أن تتدحرج يوما ما ، والعمل على جلب كل المتورطين من مجموعات الفساد العفنة والتي تزداد عفونة يوما بعد آخر ، وهؤلاء لا مكان لهم بين الأردنيين الشرفاء ، بل خلف القضبان فقط .