على امتداد عام من الاحتياجات الإنسانية المتزايدة، امتازت بعض البلدان عن غيرها بروح الترحيب، بحيث نالت الثناء من القادة العالميين. على مدار العام الماضي، ازدادت حاجة العالم إلى دول تتحلى بكرم الضيافة بشكل كبير. اذ تجاوز عدد الأشخاص النازحين قسراً من منازلهم 80 مليوناً، أي ما يعادل ربع سكان الولايات المتحدة. على نطاق أوسع، تقدر الأمم المتحدة أن أكثر من 235 مليون شخص يحتاجون الآن إلى المساعدة الإنسانية والحماية، مما يؤلف زيادة بنسبة 40?. يقع اللوم في حدوث ذلك إلى حد كبير على الحروب وتغير المناخ والوباء. لكن الشيء ذاته ينطبق على الفقر المدقع، الذي شهد ارتفاعا ملحوظا لأول مرة منذ 22 عامًا.
لا عجب أن المسؤولين العالميين عن تقديم الخدمات الإنسانية يثنون على تلك الدول التي قامت بهذه المهمة على وجه حسن. فقد حصل الأردن، الذي يسكنه أكثر من مليون لاجئ، على تقدير عال بفضل إدراج اللاجئين في برنامج التطعيم. إذ يقول العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني إن حماية صحة هؤلاء اللاجئين هي «مسؤولية عالمية». تضع 51 دولة اللاجئين على قائمة الفئات ذات الاولوية في اخذ اللقاح. وتتلقى تركيا الشكر على استمرارها في استضافة أكبر عدد من اللاجئين- معظمهم من السوريين- بينما تشتهر أوغندا، التي تضم 1.7 مليون لاجئ، بدمج اللاجئين في مجتمعاتها. كما حظي الرئيس جو بايدن بالثناء ايضا على طرح خطة تهدف الى زيادة عدد اللاجئين الذين يعاد توطينهم في الولايات المتحدة إلى 125 ألف لاجئ في كل عام.
Bottom of Form
علاوة على ذلك، تلقت كولومبيا قبل فترة وجيزة أعلى درجات الثناء. اذ تستضيف البلاد نحو 1.8 مليون فنزويلي، أو ما يعادل أكثر من ثلث أولئك الذين فروا من الاضطهاد والانهيار الاقتصادي في ذلك البلد في ظل حكم دكتاتوري. في بادرة تبدي حسن الجوار، أعلن الرئيس الكولومبي إيفان دوكي أنه سوف يقدم للاجئين تصاريح إقامة، مما يمكنهم من الحصول على الرعاية الصحية والوظائف القانونية.
قال فيليبو غراندي، مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين، إن هذا الإجراء هو «بادرة غير عادية» للمساعدة الإنسانية، وإنه يقدم مثالاً تحتذي به البلدان الأخرى. (تجدر الاشارة الى ان بيرو والإكوادور قامتا بنشر جيشهما لوقف تدفق الفنزويليين عبر حدودهما). بينما يشير استطلاع رأي اجرته مؤسسة جالوب إلى دعم عام أقل في كولومبيا للمهاجرين الفنزويليين، أنفقت الحكومة الأموال من اجل تعزيز الخدمات المقدمة لهم على الحدود. في العام الماضي، وقع عدد من الأحزاب السياسية ميثاقًا يقضي بعدم استغلال كراهية الأجانب خلال الحملات الانتخابية.
قبل ما يناهز عامين، وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة على الميثاق العالمي بشأن اللاجئين، وهو اتفاق غير ملزم يهدف الى دمج اللاجئين بشكل أفضل في البلدان المضيفة. إن روح الترحيب هذه لأشد الناس احتياجًا في العالم مطلوبة الآن أكثر من أي وقت مضى. كما أنها تعتبر بمثابة نقطة أخلاقية مضادة تسهم في التصدي لما يجتاح العالم مثل وباء كوفيد-19والحروب والكوارث الطبيعية. وفي الواقع، إظهار الامتنان للبلدان المضيفة التي تتحلى بكرم الاستقبال عمل مستحسن.