شريط الأخبار
منتخب النشامى يبحث عن لقب تاريخي أمام المغرب في نهائي كأس العرب غدا الملكية الأردنية: 8 رحلات إضافية إلى الدوحة دعما للمنتخب الوطني النائب عياش يطالب وزير التربية بتأجيل أقساط طلبة الجامعات الضمان الاجتماعي: رواتب المتقاعدين في البنوك الاثنين المقبل السعودية: هزة أرضية بقوة 4 ريختر في الشرقية تساقط زخات ثلجية على المرتفعات الجنوبية النائب البدادوة يرعى حفل سفارة جمهورية بنغلادش بمناسبة يوم النصر .. Speech of His Excellency the Ambassador of the People’s Republic of Bangladesh to Jordan, Ambassador Nur Hilal Saifur Rahman, on Victory Day – Video. أمطار وزخات ثلجية متوقعة فوق الجبال الجنوبية اليوم الأربعاء سفارة جمهورية بنغلادش تحتفل بمناسبة يوم النصر برعاية النائب أيمن البدادوة.. The Embassy of the People’s Republic of Bangladesh celebrates the occasion of Victory Day. النائب الظهراوي يطالب بالسماح لسيارات الإسعاف استخدام مسرب الباص السريع بينها دول عربية .. ترامب يوقّع قرارًا يقيّد دخول مواطني 20 دولة (أسماء) ترامب سيوجّه خطابًا إلى الأمريكيين الأربعاء التلهوني: تطوير خدمات الكاتب العدل إلكترونيا لتسهيل الإجراءات على المواطنين زخات مطرية ممزوجة بالثلوج فوق الجبال الجنوبية العالية صباح الأربعاء الملك يبحث مع وزيرة الأمن الداخلي الأميركية سبل تعزيز التعاون الأردن يشارك في مؤتمر الاتحاد من أجل المتوسط بباريس تعليق دوام صفوف وتأخير دوام مدارس الأربعاء (أسماء) ولي العهد يهنئ أبناء الطوائف المسيحية بقرب حلول عيد الميلاد محكمة فرنسية تلزم باريس سان جيرمان بدفع مبلغ ضخم لنجمه السابق مبابي

د. الهزايمة يكتب من قطر :"قصة الفيلم الامريكي " أن تكون هناك"... وواقعنا الثقافي

د. الهزايمة يكتب  من قطر  :قصة  الفيلم الامريكي  أن تكون هناك... وواقعنا الثقافي


"تقودنا ثقافة الصورة والحرية المطلقة والنسق الشعبوي إلى بيت من زجاج بلا ستائر وغير آمن، نكون فيه كاشفين مكشوفين، وعندها لن نتمكن مهما اجتهدنا أن نمنع نفاذ أشعة الشمس أو المتطفلين أو الدخلاء."

القلعة نيوز - د. منصور محمد الهزايمة

ينتقل بنا قطار الثقافة سريعا، لا يكاد يستقر في محطة حتى يغادر إلى غيرها، ولا يترك لنا فرصة لالتقاط الأنفاس أو الاسترخاء، ولا يمنح فرصة للتأمل أو التفكير في أي محطة قادمة يتوقف بها، وما ستؤول اليه حالنا، وربما كانت السلبية -حتى لا أقول الخطورة -هي أننا نبدو في هذا العالم متلقين لا منتجين، مجبرين بأن نتماهى مع أنماط الثقافة المتجددة دائما، أمّا أبرز مظاهر هذا التجديد اليوم فهو هيمنة النسق الثقافي الشعبي بعدده وتعدّده.
في سبعينيات القرن الماضي أُنتج فيلم أمريكي بعنوان "Being There" أي "أن تكون هناك"، أثار الفيلم وقتذاك اهتماما بالغا في الأوساط الثقافية، حيث تعرضت قصته لمسألة التحول من الأنساق الثقافية المعتادة إلى الصورة المتحركة، وكيف بات جهاز التحكم بالشاشة الملوّنة يتحكم بالناس وليس العكس.
تدور القصة حول رجل خمسينيّ يعمل بستاني في قصر رجل ثري، ينشغل بين حديقة القصر ومتابعة الشاشة الملوّنة، بحيث لا يكاد يضع جهاز التحكم من يده، يُقّلب الصور كما يشاء، وطيلة عمله هذا لم يغادر القصر.
عاش الرجل لا يعرف غير سيده، ولا يهتم بغير عمله، فنشأت علاقة خاصة بينه وبين الشاشة بواسطة جهاز التحكم، والصورة التي لا تعجبه يهرب منها بلمسة زر، كم كان البستاني مفتونا بعالمه المريح!
فجأةً يموت السيد، ليجد البستاني نفسه خارج القصر فاقدا لعمله، مصدوما لا يلوي على شيء، فقد نُزع من عالمه الغارق به ما بين الحديقة والتلفاز، وأُلقي به في عالم مجهول.
غادر القصر لا يملك شيئا سوى جهاز التحكم، حمله في جيبه، خرج إلى الشارع، فكانت أول مواجهة له مع العالم الجديد أن تعرض لهجوم لفظي وجسدي من عصابة من الشباب، فما كان منه إلاّ أن أخرج جهاز التحكم من جيبه يؤشر به نحوهم ليغير المشهد، لكنّ الجهاز لا يستجيب، يتنقل بين أزراره حتى يتخلص من الصورة المزعجة كما العادة، لكنها لا تتزحزح، فينسحب فاقدا للحيلة.
تتعرض قصة الفيلم لمرحلة انتقالية، ودّع الناس فيها أنماط الثقافة المعتادة من الكلمة المقروءة بشتى صورها إلى الصورة المتحركة، فالصورة كما يتصورون تعكس الحدث تماما، حتى أن البعض لم يعد يميز بين الواقع الحقيقي والواقع الصوري، وبات الخبر من شاشة التلفاز يمّثل لديهم عين اليقين، فتبعا لاعتقادهم هم شهود عيان، إتكّاءً على مقولة " ليس من رأى كمن سمع" ليستسلموا لسيطرة الصورة وجهاز التحكم بها، جاهلين أو غافلين عما يحف بالصورة من إخراج ومونتاج.
تنتهي القصة بأن الرجل استطاع العودة من عالم الصورة إلى عالم الواقع، فقد كانت المرحلة ما زالت بِكرا، مما ساعد الرجل ليعود من عالمه الصوري إلى العالم الحقيقي، لكنّ واقعنا اليوم يأخذنا في اتجاه مغاير من عالم الواقع إلى عالم الصورة.
يشبه واقعنا الثقافي اليوم ساكن بيت الزجاج، يرى من وما في الخارج، يرتاح لذلك، ويُسر به، وبنفس الوقت لا ينتبه أو يهتم بأنه مكشوف لغيره، يسعد بما يمتلكه من حرية مطلقة لا سقف لها، وينشأ عن ذلك صراع حريات، فحرية الفرد تحتك بحرية أمثاله من الأفراد أيضا، وهنا لا يمكن أن تبجل حرية التعبير بقدر ما تبارك مسؤولية التعبير، تلك التي تحرص على ثوابت المجتمع وقيمه، وتراعي الخصوصية الفردية، ولن تستقيم الحرية إن هي تجردت من المسئولية، فلك أن تفعل كل ما لا يضير غيرك، والحرية سلعة غالية لكنها ليست مجانية.
كم يثير الدهشة أن ترَ الكثيرين ممن يحملون القابا أو درجات علمية يتفاخرون بها، يتداولون منشورات لا يحظى مضمونها بشيء من المصداقية، أو الفائدة الحقيقية، أو القيمة العلمية، والأخطر أنها مجهولة الهوية، وبقليل من التأمل نجد أنها تتقصد الاستقطاب، والجذب الجماهيري لا أكثر، لكنّ المشاركة الوجدانية التي تمنح الوقود والطاقة الإيجابية للأخر فهي ممّا لا أعنيه.
همسة في أذن من يريد إطلاق عصفورته الزرقاء، أو ينتج منشورا أو يدّوره، فلا أقل من أن تحرك الوازع الذاتي الإنساني والأخلاقي ولا تسمح لأصابعك أن تقوم مقام عقلك، بل ينبغي أن تفكر بكل كلمة أو صورة تريد إرسالها إلى الناس، بحس من الرقابة الذاتية، فأنت لا تخاطب نفسك، وإنما تخاطب غيرك، وعندما تخاطب الغير فأنت ملزم بشروطهم وجوبا. في زمن البستاني كانت الصورة مؤسسية تخضع لشيء من الرقابة، بينما هي اليوم فردية لا ينفع معها حجب أو رقابة، اليوم يمتلك الفرد حرية التعبير، لكن هل يستشعر المسئولية عنها؟
تقودنا ثقافة الصورة والحرية المطلقة والنسق الشعبوي إلى بيت من زجاج بلا ستائر وغير آمن، نكون فيه كاشفين مكشوفين، وعندها لن نتمكن مهما اجتهدنا أن نمنع نفاذ أشعة الشمس أو المتطفلين أو الدخلاء
* كاتب واديب - دولة قطر.-الدوحة -